لندن تلوح برد مدروس وقوي على طهران وتحضها على خفض التوتر

الخارجية البريطانية قالت إن إيران «تختار مساراً خطيراً» ووزارة الدفاع البريطانية كشفت عن احتجاز السفينة في المياه العمانية وظريف رفض إطلاق الناقلة

جانب من شريط مصور بثه «الحرس الثوري» الإيراني على الإنترنت يُظهر تحليق مروحية تابعة له في أثناء سيطرتها على الناقلة البريطانية «ستينا إمبيرو» أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من شريط مصور بثه «الحرس الثوري» الإيراني على الإنترنت يُظهر تحليق مروحية تابعة له في أثناء سيطرتها على الناقلة البريطانية «ستينا إمبيرو» أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

لندن تلوح برد مدروس وقوي على طهران وتحضها على خفض التوتر

جانب من شريط مصور بثه «الحرس الثوري» الإيراني على الإنترنت يُظهر تحليق مروحية تابعة له في أثناء سيطرتها على الناقلة البريطانية «ستينا إمبيرو» أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من شريط مصور بثه «الحرس الثوري» الإيراني على الإنترنت يُظهر تحليق مروحية تابعة له في أثناء سيطرتها على الناقلة البريطانية «ستينا إمبيرو» أول من أمس (أ.ف.ب)

لوحت بريطانيا برد «مدروس وقوي» متهمة إيران باحتجاز ناقلة نفط بريطانية في خليج عمان، «في انتهاك واضح للقانون الدولي»، وحضتها بالوقت نفسه على خفض التوتر. وقال وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت إن طهران اختارت «مسارا خطيرا» من السلوك غير القانوني والمزعزع للاستقرار. واستدعت القائم بالأعمال الإيراني، ونصحت سفنها بتجنب الممر الدولي بعدما استولى «الحرس الثوري» الإيراني على ناقلة نفط بريطانية قبالة مضيق هرمز ما يعمق الأزمة في المنطقة. ورفض وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف طلبا من نظيره البريطاني بإطلاق الناقلة قبل أن تبث بلاده تسجيلا من عملية اقتحام الناقلة البريطانية.
وأعلن «الحرس الثوري» الجهاز الموازي للجيش الإيراني أنه احتجز ناقلة «ستينا إيمبيرو» بدعوى خرقها «القواعد البحرية الدولية» في المضيق الذي يمرّ من خلاله ثلث كميات النفط المنقولة بحراً في العالم. وبث «الحرس الثوري» الإيراني شريطاً مصوراً على الإنترنت يظهر زوارق سريعة وهي تتوقف بجوار الناقلة ستينا إمبيرو وكان اسمها ظاهراً بوضوح في الشريط المصور. كما أظهرت اللقطات أفراداً ملثمين من الحرس الثوري يحملون مدافع رشاشة وهم ينزلون على سطحها من طائرة هليكوبتر ورأت «رويترز» أنه ذات الأسلوب الذي استخدمه مشاة البحرية الملكية البريطانية أثناء احتجاز ناقلة إيرانية قبالة ساحل جبل طارق قبل أسبوعين.
ويرى الغرب احتجاز الحرس الثوري الإيراني للناقلة في أهم ممر ملاحي في العالم لتجارة النفط على أنه تصعيد عسكري بعد ثلاثة أشهر من المواجهات التي دفعت بالفعل الولايات المتحدة وإيران إلى شفا الحرب.
ونقلت وكالة «فارس»، المتحدث باسم الحرس الثوري رمضان شريف قوله إن سفينة حربية كانت ترافق الناقلة ستينا إمبيرو التي ترفع علم بريطانيا وحاولت منع إيران من احتجازها. وأضاف أن «الحرس الثوري» تمكن من اصطحاب الناقلة للساحل رغم «مقاومة وتدخل» السفينة الحربية البريطانية. ولم يتسن رؤية أي سفينة حربية بريطانية في الفيديو الذي نشره «الحرس الثوري».
وصرح وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هانت، أمس عبر حسابه على شبكة «تويتر»، بأن احتجاز طهران ناقلة النفط «ستينا إمبيرو» يكشف عن «مؤشرات مقلقة» تفيد بأن «إيران قد تكون اختارت سلوك طريق خطير، طريق غير قانوني يتسبب بزعزعة الاستقرار».
وعاد هانت أمس للتأكيد مجددا أن الرد على احتجاز الناقلة سيكون «مدروسا لكن قويا». وكان قد قال بعد ساعتين من احتجاز السفينة إن لندن، مع ذلك: «لا تبحث عن خيارات عسكرية، بل عن طريقة دبلوماسية لحل الموقف»، كما حذر هانت في حديث آخر لقناة «سكاي نيوز» من «عواقب خطيرة ما لم يتم حل المسألة بسرعة». مضيفا: «نحن لا نبحث في الخيارات العسكرية، بل في الخيارات الدبلوماسية لحل المسألة».
واجتمعت لجنة الطوارئ البريطانية (كوبرا) للمرة الثانية أمس لبحث القضية منذ مساء الجمعة بحسب تقارير بريطانية. وتفاقمت الأزمة بين طهران ولندن على بُعد أيام قليلة من نهاية مهمة رئيس الوزراء البريطانية تيريزا ماي. وعقب الاجتماع كتب هانت تغريدة أخرى حول أزمة الناقلات مع إيران، قائلا إن لندن ترغب في «خفض» التوتر مع إيران. وكتب أيضا على «تويتر» أن الناقلة البريطانية «ستينا إمبيرو» تم احتجازها «في انتهاك واضح للقانون الدولي».
كما أضاف أن احتجاز إيران الناقلة يثير تساؤلات خطيرة جداً بشأن أمن الملاحة البريطانية والدولية في مضيق هرمز. وقال هنت للصحافيين إن لجنة كوبرا الحكومية للحالات الطارئة ناقشت الوضع باستفاضة وسيتم توجيه بيان للبرلمان يوم الاثنين بشأن الإجراءات التي ستتخذها بريطانيا.
ونصحت حكومته السفن البريطانية بالبقاء «خارج منطقة» مضيق هرمز «لفترة موقتة»، قبل تأكيد الخارجية البريطانية أمس أنها استدعت القائم بالأعمال الإيراني في لندن إثر احتجاز ناقلة ترفع علم بريطانيا في مضيق هرمز. ومن جهتها، وصفت وزيرة الدفاع البريطانية بيني موردونت الحادث بـ«العمل العدائي»، مؤكدة أن الناقلة جرى اعتراضها في المياه العُمانية، وفق ما نقلت قناة «سكاي نيوز» البريطانية.
وكان لافتا أن هانت حاول تنشيط الخط الدبلوماسي عبر التوصل العاجل مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف لكن المحاولة الأولى في أولى ساعات الصباح أخفقت بسبب توجه طائرة ظريف من نيويورك إلى العاصمة الفنزويلية كاركاس.
وأفادت «رويترز» بأن هانت تحدث مع ظريف وعبر له عن «خيبة أمله البالغة» تجاه الحادث. وقال عقب اتصال هاتفي على «تويتر»: «تحدثت للتو مع ظريف وعبرت عن خيبة الأمل البالغة لأنه أكد لي السبت الماضي أن إيران تريد وقف تصعيد الموقف. لقد تصرفوا بشكل مخالف»، موضحا أن «الأمر يحتاج إلى أفعال لا أقوال إذا كان لنا أن نجد سبيلا للمضي قدما... يجب حماية الملاحة البريطانية وسوف يتم ذلك».
وأفادت وكالة «إيسنا» الحكومية عن ظريف بقوله لهانت إن قضية الناقلة «ستينا إمبيرو» البريطانية «يجب أن تمر عبر عملية قانونية لأنها خالفت قواعد الملاحة البحرية».
ودافع ظريف عن احتجاز السفينة البريطانية وقال عبر حسابه في «تويتر»: «على خلاف القرصنة في جبل طارق، فإن عملنا في الخليج ينسجم مع القوانين الدولية»، ودعا بريطانيا إلى التوقف عما وصفه «التبعية للولايات المتحدة في الإرهاب الاقتصادي».
وأشارت وكالة استخبارات «الحرس الثوري» إلى خمسة أسباب تجعل بريطانيا «عاجزة» من الرد على الخطوة الإيرانية، وذلك في إشارة إلى خطة إيرانية سابقة لتنفيذ الخطة.
السبب الأول: أشارت الوكالة الأمنية إلى أنها جاءت «في أسوأ وقت ممكن للرد البريطاني» وذلك في إشارة إلى انتقال صلاحيات ماي إلى رئيس الوزراء الجديد الأسبوع المقبل. وقالت في هذا الصدد إن «أي نوع من الرد الحاد على احتجاز السفينة من جانب أي من المرشحين؛ وزير الخارجية جيرمي هانت ووزير الخارجية السابق بوريس جونسون سيؤدي إلى تغيير هوية الفائزة بالمنافسة». ورأت أن «التشدد» في هذا الخصوص يرفع احتمالات «الهزيمة». وفي حال ردت بريطانيا بحدة (العسكري) وقابل ذلك رد إيراني محتمل، فإن ذلك سيؤثر على الوضع السياسي لكلا المرشحين، وفي الوقت نفسه اعتبرت «عدم الرد المناسب سيكون مخربا لكليهما».
السبب الثاني: زعمت الوكالة أن إيران لديها الأفضلية بسبب الردود الدولية والرأي العام العالمي بعد احتجاز سفينة (غريس 1) في جبل طارق وصرحت بأن بريطانيا «لا تحظى» بتأييد دبلوماسي واستندت إلى الموقف الروسي الذي اكتفى بالقلق من احتجاز ناقلة النفط البريطانية.
السبب الثالث: اعتبرت الوكالة أن الخطوة الإيرانية «أظهرت أن بريطانيا عاجزة عن حماية سفنها وتابعت أن هذا يثير مشكلات لبريطانيا تحول دول توصلها إلى تنسيق ضد إيران من جانب الغرب. واستندت بذلك إلى أحداث أخيرة شهدها الخليج ومضيق هرمز وخليج عمان وتحديدا ما حدث في ميناء الفجيرة وأحداث أخرى استهدفت ناقلات النفط وذلك رغم نفى إيران أي دور لها في الأحداث».
السبب الرابع: رأت الوكالة في الخلافات بين لندن وواشنطن سببا آخرا لعدم اقتراب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الحكومة البريطانية. وتجاهلت في الوقت نفسه تأكيد ترمب أول من أمس التشاور والعمل مع البريطانيين ضد ما قال إنه «تصعيد العنف من إيران». ولكن الوكالة استبعدت حدوث ذلك بسبب ما اعتبرته «تخبط بريطانيا»، في إشارة إلى تباين المواقف الأميركية والبريطانية حول تطورات المنطقة خلال الشهرين الماضيين.
السبب الخامس: خلصت الوكالة إلى أن بريطانيا «مكتوفة الأيدي» بسبب الخلافات بين طرفي المحيط الأطلسي. وأشارت إلى تباين مواقف الجانبين الأميركي والأوروبي حول الاتفاق النووي وتوتر العلاقات بين لندن وواشنطن بسبب التسريبات الأخيرة فضلا عن قضية خروج بريطانيا من الاتفاق النووي.
واحتجزت إيران الناقلة قبالة مرفأ بندر عباس غداة إعلان الولايات المتحدة إسقاط درون إيرانية في مضيق هرمز وبررت السلطات الإيرانية احتجاز الناقلة بأنها لم تستجب لنداءات استغاثة وأطفأت أجهزة إرسالها بعد اصطدامها بسفينة صيد بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأعلن المدير العام للموانئ والملاحة البحرية في محافظة هرمزكان الله مراد عفيفي بور أن خبراء سوف يحققون في «الحادثة». وقال إن «عدد أفراد طاقم هذه الناقلة» التي يملكها طرف سويدي «هو 23 شخصاً وجميعهم على متنها»، وفق ما نقلت عنه وكالة «أنباء فارس»، و18 من أفراد طاقم الناقلة بينهم القبطان هنود، بالإضافة إلى ثلاثة روس ولاتفي وفيليبيني.
وأكد عفيفي بور أن الصيادين أطلقوا نداء استغاثة بعد الاصطدام واتصلوا بسلطات المرفأ «عندما لم يتلقوا أي رد» من الناقلة.
وفي الساعات الأولى من الحادث، أعلنت لندن أن إيران احتجزت ناقلتين في الخليج، لكن الشركة المالكة لناقلة النفط الثانية «مصدر» التي ترفع علم ليبيريا، قالت إنه تم الإفراج عن السفينة بعدما دخلها مسلحون لبعض الوقت وذكرت وكالة «تسنيم» الناطقة باسم جهاز استخبارات «الحرس الثوري»، نقلا عن مصدر عسكري، أن الناقلة الثانية تلقت إنذارا بشأن حماية البيئة.
جاءت هذه الحادثة بعد ساعات من إعلان محكمة في جبل طارق تمديد احتجاز ناقلة نفط إيرانية لثلاثين يوماً بعد أسبوعين من ضبطها في عملية شاركت بها البحرية الملكية البريطانية، للاشتباه بأنّها كانت متوجّهة إلى سوريا لتسليم حمولة من النفط في انتهاك لعقوبات أميركية وأوروبية.
وقالت ناطقة باسم الحكومة البريطانية في بيان صدر بعد اجتماع ليلي عقدته لجنة الطوارئ في الحكومة البريطانية لمناقشة الأزمة: «ما زلنا نشعر بقلق عميق حيال تحركات إيران غير المقبولة، التي تشكل تحديا واضحا لحرية الملاحة الدولية».
وكان «الحرس الثوري» الإيراني قد أعلن الخميس أيضاً أنه احتجز «ناقلة أجنبية» أخرى مع طاقمها المؤلف من 12 فرداً، لاتهامها بتهريب الوقود، من دون أن يعطي تفاصيل إضافية وذلك بعد يومين من تهديد المرشد الإيراني علي خامنئي بالرد على احتجاز ناقلة نفط إيرانية في جبل طارق.
وازداد التوتر في منطقة الخليج منذ منتصف أبريل (نيسان) عندما أعلنت واشنطن تصنيف «الحرس الثوري» على قائمة المنظمات الإرهابية الدولية ولكن التوتر دخل مراحل جديدة مع تشديد العقوبات النفطية في بداية مايو (أيار)، ولا سيما مع سلسلة هجمات على ناقلات نفط في المنطقة اتهمت واشنطن إيران بالوقوف خلفها. وفي يونيو (حزيران)، ألغى الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضربات جوية ضد إيران في اللحظة الأخيرة، بعدما أسقطت إيران طائرة مسيرة أميركية.
وجاء الحادث الأخير فيما يؤكد ترمب ومسؤولون أميركيون، رغم نفي طهران، أن الجيش الأميركي أسقط طائرة مسيرة إيرانية كانت تهدد سفينة تابعة للبحرية الأميركية في مضيق هرمز. وأكد ترمب أن الناقلة كانت تهدد سفينة «يو إس إس بوكسر» الهجومية للإنزال. ونشر «الحرس الثوري» الجمعة صوراً قال إنها تدحض الادعاءات الأميركية. ويظهر الفيديو الذي لم يكن من الممكن تحديد ماهية السفن الظاهرة فيه ويدوم سبع دقائق ويبدو أنه صوّر من ارتفاعٍ عالٍ، مجموعة سفن قال الحرس الثوري إنه كان يتعقبها خلال مرورها في مضيق هرمز.



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.