تتويج الجزائر باللقب القاري «يفكّ» مؤقتاً عزلة مسؤوليها

تهنئة عسكري بدل سياسي للاعبين تثير جدلاً

آلاف الجزائريين وسط العاصمة في انتظار وصول موكب الفريق الوطني بعد فوزه بكأس أفريقيا ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)
آلاف الجزائريين وسط العاصمة في انتظار وصول موكب الفريق الوطني بعد فوزه بكأس أفريقيا ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

تتويج الجزائر باللقب القاري «يفكّ» مؤقتاً عزلة مسؤوليها

آلاف الجزائريين وسط العاصمة في انتظار وصول موكب الفريق الوطني بعد فوزه بكأس أفريقيا ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)
آلاف الجزائريين وسط العاصمة في انتظار وصول موكب الفريق الوطني بعد فوزه بكأس أفريقيا ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)

توقع عدد من المراقبين والمحللين السياسيين أن يزداد الحراك الشعبي في الجزائر تصعيداً، بعد فوز منتخب البلاد بكأس أفريقيا للأمم لكرة القدم، وقد جاء ذلك بعد أن لاحظ جل المتتبعين وجود الملحق العسكري لسفارة الجزائر في مصر على أرضية ملعب القاهرة وهو يهنئ اللاعبين بفوزهم، واعتبروا ذلك «رسالة سياسية من السلطة الفعلية» في الجزائر، والتي أضحت تسيطر على كل الهيئات والمؤسسات في البلاد، منذ أن أجبرت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على التنحي في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي.
ويعد وجود الضابط العسكري (يحمل رتبة عقيد) في الملعب لحظات قبل تسلم قائد الفريق رياض محرز الكأس القاري، «تجاوزاً» بحق رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، الذي كان موجوداً هو الآخر بمنصة التتويج مع رئيسي الاتحادين الدولي والأفريقي لكرة القدم، جياني إنفانتينو وأحمد أحمد. والمثير في الأمر أن السفارة الجزائرية في مصر كانت ممثلة في «جناحها العسكري»، بينما «جناحها الدبلوماسي»، السفير نذير العرباوي، بقي في المدرجات، ولم يتوجه إلى اللاعبين داخل الملعب. وهذا «التجاوز»، عكس بحسب من شدهم المشهد، «سيطرة العسكر على الحكم المدني». وهو أمر يجري تداوله في البلاد منذ خمسة أشهر، ولذلك لم يستغربه غالبية الجزائريين، لأنه يترجم كل يوم جمعة في شعار «نريد دولة مدنية وليست عسكرية».
وكان قائد الجيش الجنرال قايد صالح قد هاجم بشدة مرددي هذا الشعار في العاشر من الشهر الجاري، وأبدى استياءه من «رفع شعارات كاذبة ومفضوحة الأهداف والنوايا، مثل المطالبة بالدولة المدنية وليست الدولة العسكرية». كما تحدث عن «أفكار مسمومة أملتها عليهم (المتظاهرون) دوائر معادية للجزائر، ولمؤسساتها الدستورية... دوائر تكن حقداً دفيناً للجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، ولقيادته الوطنية التي أثبتت بالقول والعمل أنها في خدمة الخط الوطني المبدئي للشعب الجزائري، وأنها ثابتة الوفاء على العهد، الذي قطعته أمام الله والشعب والتاريخ».
وخصصت السلطات أمس حفلاً كبيراً لاستقبال اللاعبين وطاقم «الخضر»، لدى عودتهم من القاهرة، وكان في انتظارهم بالمطار رئيس الوزراء نور الدين بدوي، ووزير الخارجية صبري بوقادوم، ووزير الشباب والرياضة رؤوف برناوي. وخرج الوفد الرياضي من المطار تحت هتافات المشجعين، الذين كانوا بأعداد كبيرة. وتنقل اللاعبون بواسطة باص إلى «قصر الشعب» (منشأة رئاسية) بالعاصمة، حيث كان الرئيس الانتقالي بن صالح في استقبالهم لتهنئتهم بـ«الإنجاز التاريخي»، بحسب ما أجمعت عليه وسائل الإعلام. علماً بأن بن صالح يتعرض لانتقاد شديد من طرف المتظاهرين لأنهم يعتبرونه «من بقايا النظام القديم»، ولذلك يطالبونه بالاستقالة في كل مظاهرة.
ومر الموكب بـ«ساحة أول مايو»، التي غصت بالمشجعين، وهم في غالبيتهم من نشطاء الحراك، الذين يتجمعون بأعداد كبيرة كل جمعة للمطالبة بتغيير النظام. وفي هذا السياق تشير توقعات مراقبين بأن «حراك الجمعة الـ23» سيكون ضخماً، قياساً بنشوة الانتصار الكروي، الذي يربطه المتظاهرون بـ«بركة الحراك الثائر».
واللافت أن الإنجاز الرياضي الكبير كان فرصة للحكومة لفك «العزلة»، التي فرضها عليها الحراك. فقد شارك بدوي في نشاط عام لأول مرة منذ تعيينه في المنصب نهاية مارس (آذار) الماضي من طرف الرئيس السابق بوتفليقة، خلفاً لأحمد أويحي الموجود بالسجن. أما الوزراء الذين تنقلوا إلى المطار فكانوا مطاردين من طرف شباب الحراك في كل مكان حلوا به. وقد غادر بن صالح مكتبه لأول مرة، بمناسبة حضوره المباراة بالقاهرة. وبخلاف ما كان متوقعاً، لم يرفع المشجعون الجزائريون في الملعب، والذين كانوا بالآلاف، شعارات معادية له.
وأعلن الدفاع المدني عن وفاة شخصين، وجرح آخرين ليل الجمعة في حوادث سير، أثناء الاحتفال بالتتويج بالبطولة الأفريقية. وتوفي عشريني بوهران (غرب) خلال اصطدام دراجته النارية بسيارة، وآخر بنفس الولاية عندما سقط من الطابق السادس لعمارة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».