«الجيش الوطني» يدعو شباب طرابلس إلى الاستعداد لـ«ساعة الصفر»

الإفراج عن آخر رئيس حكومة للقذافي لأسباب صحية

TT

«الجيش الوطني» يدعو شباب طرابلس إلى الاستعداد لـ«ساعة الصفر»

وسط استعدادات قوات «الجيش الوطني» الليبي لشن هجوم واسع النطاق ضد القوات الموالية لحكومة «الوفاق»، التي يرأسها فائز السراج في العاصمة طرابلس، أعلنت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا أنها تبذل مساعي لوقف القتال المستمر للشهر الرابع على التوالي بين الطرفين، والذي انطلق منذ الرابع من شهر أبريل (نيسان) الماضي.
وتوقعت مصادر عسكرية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن يوجه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، كلمة إلى قواته العسكرية المرابطة على تخوم العاصمة طرابلس «تتضمن صدور تعليماته الأخيرة بشأن اقتحام المدينة خلال الأيام القليلة المقبلة». مشيرةً إلى «اكتمال الاستعدادات اللازمة لتطهير المدينة من كل العناصر الإرهابية والمتطرفة، والقضاء عليها».
وقالت شعبة الإعلام الحربي، التابعة للجيش الوطني، إن «جنود الجيش المرابطين على تخوم العاصمة على أهبة الاستعداد، منتظرين الأوامر والتعليمات النهائية للانقضاض على آخر ما تبقى من جماعات الحشد الميليشياوي التركي - القطري». في إشارة إلى القوات الموالية للسراج.
وأضافت شعبة الإعلام الحربي في بيان لها، مساء أول من أمس، أن «كل أفراد القوات المسلحة جاهزون ومتأهبون وعازمون على النصر، الذي آن أوان ساعته... وها هي قد اقتربت وباتت تَلوح في الأفق».
بدوره، دعا المركز الإعلامي لغرفة عمليات «الكرامة»، التابع للجيش الوطني، شباب العاصمة كافة للاستعداد لما وصفها بـ«ساعة الصفر»، وتنظيم التعاون بين الأحياء والمجموعات للانقضاض على الميليشيات المختبئة، والهاربين من الجبهات الذين يحتلّون المدينة، معتبراً أن هذا البلاغ يعد «بمثابة آخر إنذار لهم من خارج العاصمة للعودة إلى مناطقهم لأنهم سيكونون الهدف المباشر».
واعتبرت عمليات الجيش الوطني أنه «مع كلمة حفتر المرتقبة سيكون الأمر في ساعاته الأخيرة لانتهاء المهزلة في طرابلس، وسيكون تنفيذ الأمر المستديم لكل جنود، وضباط وأمراء المحاور في طوق طرابلس ومدن أخرى»، لافتة إلى أنها «ستكون المعركة الفاصلة من أجل القضاء على زمرة الإرهابيين والمسلحين الخارجين عن القانون».
في المقابل، أعلنت القوات التابعة لحكومة السراج أنها أحبطت، أول من أمس، هجوماً شنّته قوات «الجيش الوطني» على معسكر اليرموك، جنوبيّ العاصمة طرابلس. كما أعلنت قوات حكومة السراج تنفيذ سلاح الجو التابع لها 12 ضربة جوية خلال الـ72 ساعة الماضية، استهدفت قوات الجيش.
وقالت حكومة السراج في بيان لها إنها تتابع بقلق معلومات عن ترتيبات لتصعيد عسكري جديد من قِبل القوات المعتدية، للهجوم على طرابلس، يشمل ضربات جوية للمرافق الحيوية، بما فيها مطار معيتيقة، الذي يعد المنفذ الجوي الوحيد في غرب البلاد.
وبعدما أكدت «جاهزية قواتها لصد وهزيمة أي عدوان جديد»، دعت «البعثة الأممية والمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه ما قد تعتزم الميليشيات المعتدية ارتكابه، واستهداف المدنيين»، كما طالبت بـ«تحرك فعال لوقف هذا العدوان، وما يسببه من إراقة لدماء المدنيين، وتدمير البنية التحتية وإطالة أمد الحرب».
وإزاء هذا التصعيد، قالت البعثة الأممية في بيان لها أمس، إنها تعمل ما بوسعها مع الأطراف المحلية والخارجية كافة لتجنب التصعيد العسكري، وحماية المدنيين من أي استهداف، والاهتمام بمن أُجبروا قسراً على مغادرة منازلهم. وأهابت بكل الأطراف احترام بنود القانون الدولي الإنساني، الذي يحرم استهداف المدنيين والمرافق الصحية، وذكّرتهم بالعواقب المترتبة على مخالفة أحكامه.
وكان غسان سلامة، رئيس البعثة الأممية في ليبيا، قد اتفق مع آلن بوجيا، سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، خلال لقائهما في تونس، أول من أمس، على الاستمرار في دعم العملية السياسية، وتكثيف الجهود لاحتواء النزاع القائم. كما ناقش مع السفير البريطاني مارتن رينولدز، الوضع الدولي، وكيفية تخفيف الانقسام حول ليبيا، وبحثا سبل العودة للعملية السياسية في أسرع وقت ممكن، حيث أكد الطرفان ضرورة حماية المدنيين كأولوية قصوى. كما قالت البعثة الأممية إن السفيرة الفرنسية بياتريس دوهيلين، أبدت خلال اجتماعها مع سلامة دعم بلادها للجهود الرامية إلى تقريب وجهات النظر خارجياً وداخلياً، وإعطاء أولوية لحماية المدنيين.
من جهة أخرى، أعلنت وزارة العدل في حكومة السراج أنها قررت الإفراج عن البغدادي المحمودي، آخر رئيس وزراء في عهد العقيد الراحل معمر القذافي، لأسباب صحية، والذي صدر بحقه حكم بالإعدام قبل أربعة أعوام.
وقالت الوزارة في بيان لها، أمس، إن القرار جاء «بناءً على توصية من اللجنة الطبية المختصة، بشأن ضرورة خضوع المعنيّ لرعاية طبية خاصة في مراكز متقدمة خارج المؤسسات العقابية»، مشيرةً إلى أن هذه الخطوة تمت «استجابةً لاعتبارات الرأفة والرحمة الإنسانية، التي تشكّل جوهر مبادئ حقوق الإنسان، دون أن يعدّ ذلك إنهاءً للمتابعة القضائية للمعنيّ، أو فصلاً في التهم المنسوبة».
وأصدرت الوزارة قراراً بـ«الإفراج الصحي» عن المحمودي، الذي اعتُقل عام 2011 في تونس، ويُحتجز بمؤسسة الإصلاح والتأهيل في عين زارة جنوبي طرابلس، موضحةً أنه يأتي تنفيذاً «لأحكام القانون رقم (5) لعام 2005 الذي يجيز لوزير العدل الإفراج عن نزلاء لأسباب صحية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.