بيروت تستضيف الاستعادة السنوية لـ«أسبوع النقاد» لـ«مهرجان كان 2019»

ملصق فيلم الافتتاح «أضعت جسدي» في مهرجان «أسبوع النقاد»
ملصق فيلم الافتتاح «أضعت جسدي» في مهرجان «أسبوع النقاد»
TT

بيروت تستضيف الاستعادة السنوية لـ«أسبوع النقاد» لـ«مهرجان كان 2019»

ملصق فيلم الافتتاح «أضعت جسدي» في مهرجان «أسبوع النقاد»
ملصق فيلم الافتتاح «أضعت جسدي» في مهرجان «أسبوع النقاد»

تشكّل استضافة بيروت الاستعادة السنوية لـ«أسبوع النقاد» لمهرجان «كان» موعداً ثابتاً تنتظره شريحة لا يُستهان بها من هواة أفلام السينما. فمنذ نحو أربعة عشرة عاماً انطلق معها افتتاح صالات «سينما متروبوليس» في بيروت. وفي النسخة الـ14 منها التي تبدأ في 22 من الشهر الحالي، وتستمر لغاية 3 أغسطس (آب) المقبل، سيُتاح للبنانيين متابعة نحو 25 فيلماً سينمائياً من نوعي الطويل والقصير في صالات السينما المذكورة التي تنظم هذا الحدث بالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي. وهي تحمل معها مشاركة عربية لافتة ولا سيما من بلدان المغرب العربي. واللافت هو أنّ هذه الاستعادة سيجري في حفل افتتاحها (في 22 من الشهر الحالي) عرض الفيلم المتحرك «أضعت جسدي» للفرنسي جيريمي كلابان، والحائز على جائزة الأوسكار عن هذه الفئة هذا العام، فتكون بيروت أول عاصمة في العالم تتاح لها هذه الفرصة لا سيما أن الفيلم اشترت حقوق عرضه المنصة الإلكترونية «نتفليكس».
«ما سنفتقده هذه السنة في مهرجان الاستعادة لـ(أسبوع النقاد)، هو الأفلام اللبنانية إذ لم تكن موجودة أصلاً في عروض (كان) عن هذه الفئة»، تقول نسرين وهبي المسؤولة الإعلامية لمؤسسة «متروبوليس»، وتضيف، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ولكن في المقابل هناك حضور عربي قوي من خلال فيلم (أبو ليلى) الجزائري، و(معجزة القديس المجهول) المغربي، الذي شارك في إنتاجه اللبناني جورج شقير صاحب شركتي (أبوط) و(شورت كات برودكشن) للإنتاج السينمائي».
والمعروف أنّ «أسبوع النقاد» الذي تحتضنه سنوياً مهرجانات «كان» السينمائية يقف وراء انطلاقة عدد كبير من المخرجين العالميين، أمثال وونغ كار وي وغاسبارنوي وكين لوش وجاك أوديار وربيكا زلوتوسكي وغيرهم، وذلك إثر عرض أفلامهم السينمائية ضمنه.
ومن الأفلام العربية المنتظرة من قبل اللبنانيين «فخ» للمصرية ندى الرياض. ويحكي قصة عاطفية تجري بين حبيبين في منتجع سياحي يقع على شاطئ البحر تقرر خلاله المرأة العاشقة أن تقطع علاقتها بحبيبها. وفي الفيلم الخيالي «سنيزا نيغرا» لصوفيا كيروس أوبيدا من كوستاريكا سنتابع ما اكتشفته سيلفا ابنة الثلاثة عشر ربيعاً، وهو أن الإنسان عندما يموت يتغير جلده ليس أكثر. فيمكن أن يتحوّل إلى حيوان أو شيء أو نبات وحتى إلى ظلال. والجدير ذكره أنّ موسيقى هذا الفيلم وضعها اللبناني وسام حجيج الذي يقيم بين باريس ولندن، وهو نجل المخرج بهيج حجيج. ومع فيلم «تستحق الحب» للفرنسية الجزائرية الأصل حفظية هيرزي سنتعرف إلى الفتاة «ليلا» التي تفاجأ بخيانة حبيبها لها، لتبدأ مرحلة جديدة من حياتها معه تنتهي بالضياع. فيما يأخذنا فيلم «أبو ليلى» للجزائري أمين سيدي بومدين إلى عمق الصحارى الجزائرية، حيث يحاول صديقان منذ الطفولة البحث عن أحد الإرهابيين (أبو ليلى) لتواجههما مشكلات معه.
ومن الأفلام الفرنسية المعروضة في هذه الاستعادة «البطل لا يموت» الذي تدور أحداثه في حقبة الثمانينات، عندما قرر أحدهم البحث عن جندي اختفى في الحرب لاقتناعه بأنّ الأبطال لا يموتون. ومع سلسلة أفلام أخرى تعرض في هذا المهرجان السينمائي، وبينها Naptha»» و«فيفاريوم» و«ديا دي فيستا» و«ديمونيك» و«نوستراس مادريس» وغيرها، تختتم فعاليات «أسبوع النقاد» في بيروت برنامجها الفني، مع عرض لفيلمي «تينزو» و«انفيزيفل ايروي». ويحكي الأول، وهو من إخراج الياباني كاتسوا توميتا، قصة اجتماعية حول كيفية منع الأشخاص من الانتحار عبر اتصالات هاتفية يجرونها معهم لتشجيعهم ومساندتهم. فيما يتناول الثاني للمخرجة الإسبانية كريستيل ألفيس ميرا، قصة شاب يمضي في رحلة إلى إسبانيا للبحث عن صديق عمره الذي لم يستطع أحد التعرف عليه من صورته، وليكتشف في نهاية الفيلم السر الذي يقف وراء اختفاء هذا الصديق.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».