تأثير الخيارات السيئة اليوم على المستقبل

«ناشيونال جيوغرافيك»
«ناشيونال جيوغرافيك»
TT

تأثير الخيارات السيئة اليوم على المستقبل

«ناشيونال جيوغرافيك»
«ناشيونال جيوغرافيك»

تنوّعت المواضيع التي تناولتها المجلات العلمية الصادرة في شهر يوليو (تموز) 2019، وكان من بينها مجموعة من المقالات عن القرارات السيئة التي يتخذها الأفراد والمجموعات، وتأثيرها على البيئة ومستقبل الأبناء. فالإتيان بالحيوانات الدخيلة إلى بيئة غريبة قد يتسبب في مشكلة خطيرة، كما جرى في متنزه إيفرغلايدس الأميركي، وتملّص الشركات من تعهداتها البيئية، كما حصل في مدغشقر يهزّ الثقة في الشراكة بين حماة الطبيعة والقطاع الخاص، كما يدفع فشل الكبار في مواجهة تغيُّر المناخ الأطفال إلى الإضراب عن الدراسة.
«ناشيونال جيوغرافيك»
ضمن مبادرتها «الكوكب أو البلاستيك»، تتابع مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» مقالاتها التعريفية بأضرار الاستخدام العشوائي للمواد البلاستيكية والبدائل المتاحة. وهذا الشهر تقترح المجلة على قرائها استبدال ماصّات الشراب البلاستيكية بأنواع أخرى قابلة للاستخدام أكثر من مرة. وتبلغ أعداد الماصّات التي تُستهلك يومياً في الولايات المتحدة نحو مائة مليون ماصّة، وهي تنتهي في المجاري المائية وتلوث المحيطات عند تفتتها إلى حبيبات بلاستيكية دقيقة.
وفي العدد الجديد مقال حمل عنوان «أمّة على الحافة»، يتوقع كاتبه أن تتحول دول الساحل والصحراء التي تحدّها ليبيا والجزائر ونيجيريا إلى منطقة غير مستقرة أمنياً، نتيجة تضافر مجموعة من العوامل، من بينها غياب الاستقرار المناخي والنمو السكاني السريع وضعف الحكومات وسوء الإدارة.

«نيو ساينتِست»
ضمّت الإصدارات الأسبوعية الخمسة التي صدرت خلال شهر يونيو (حزيران) من مجلة «نيو ساينتِست» مجموعة من المقالات العلمية المتنوعة. من بينها مقال عن الدور التاريخي البشري في تغيير المناخ، كما حصل خلال العصر الروماني، حيث تسبب إشعال الحرائق في خفض درجة حرارة الكوكب بمقدار نصف درجة مئوية وتبديل أنماط الهطول المطري العالمية.
وتناول مقال آخر إشكالية تطوير الأعشاب الضارة خصائص مقاومة لمبيدات الأعشاب؛ مما سيؤدي إلى تناقص إنتاجية المحاصيل وتسريع التغيُّر المناخي وإلحاق الضرر بالحياة البرية. كما عرض مقال آخر لقدرة أسماك القرش على النجاة من المخاطر الطبيعية طيلة نصف مليار سنة، في حين تواجه بعض أنواع هذه الكائنات مخاطر الانقراض حالياً بفعل الممارسات البشرية غير المسؤولة، ولا سيما الصيد المفرط.

«ساينس فوكَس»
تناولت مجلة «ساينس فوكَس» الأفكار التي تقترح ترك الطبيعة تعالج نفسها بنفسها كمدخل لاسترجاع النظم البيئية من دون تدخل الإنسان. وتختلف هذه المقاربة عن الطرق المتّبعة في إنشاء المحميات بأن الأخيرة تكون ذات أهداف مخططة تسعى فيها الحكومات للحفاظ على أنواع محددة من الكائنات، في حين يقوم التعافي الطبيعي على ترك الخيار للأنواع الحية لتقوم بتصميم بيئتها البرية وضبط توازناتها بلا قيود. وفي مقال آخر، عرضت المجلة لأشهر التشكيلات الملحية الطبيعية في العالم وتأثرها بالأنشطة البشرية، كما في حالة البحر الميت ومسطحات بونفيل الملحية في ولاية يوتاه الأميركية.

«سميثسونيان»
تميّز الإصدار الجديد من مجلة «سميثسونيان» بتقرير مصور عن الأراضي الرطبة في متنزه إيفرغلايدس الوطني في الولايات المتحدة والغزو الذي تتعرض له من ثعابين البايثون الضخمة. وكانت أعداد حيوانات الراكون والأرانب والأوبوسوم تراجعت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، بسبب افتراسها من قِبل الثعابين البورمية التي غزت المنطقة. ويعتقد الباحثون أن هذه الثعابين، التي يصل طولها إلى 7 أمتار ووزنها حتى 90 كيلوغراماً، منحدرة من ثعابين استوردت من جنوب شرقي آسيا، ثم قام أصحابها بالتخلص منها في البرية.

«هاو إت ووركس»
خصص مقال غلاف العدد الجديد من مجلة «هاو إت ووركس» (كيف تعمل) لأسرار الديناصورات ومساهمة الاكتشافات الجديدة في إعادة هذه الحيوانات المنقرضة إلى الحياة. وكانت حقبة الديناصورات بدأت بعد حادث الانقراض الجماعي الذي عرفته الأرض قبل 250 مليون سنة، وأخذت هذه الحيوانات بأشكالها وأحجامها المختلفة تجوب الأرض لنحو 170 مليون سنة، قبل أن تتعرض بدورها لحادث انقراض جماعي مهّد الطريق لاحقاً لظهور الإنسان. وفي مقال مصوّر آخر، تناولت المجلة الأهمية البيئية للأشجار، حيث يوجد أكثر من ستين ألف نوع شجري متمايز حول العالم.
«ساينتفك أميركان»

ناقشت مجلة «ساينتفك أميركان» في عددها الجديد مسألة إيفاء الشركات بتعهداتها التي تقطعها لحماية البيئة. وكانت شركة «ريو تينتو» أعلنت في سنة 2004 عزمها على تحسين الحالة البيئية في أكثر المواقع التي تعمل بها حساسية، بدءاً بمدغشقر، حيث تقوم باستخراج معدن الإلمنيت (مصدر خام التيتانيوم). في هذه الجزيرة الغنية بالأنواع الحية، التي لا يوجد لبعضها مثيل في جميع أنحاء العالم، اتفق حماة البيئة مع مسؤولي ريو تينتو على خطة عمل لمساعدة الشركة في الإيفاء بالتزاماتها. إلا أن الشركة تراجعت عن تعهداتها؛ مما أثار تساؤلات حول مسألة التعاون الفعال بين الشركات ومنظمات الحفاظ على الطبيعة.

«ساينس إيلوستريتد»
في يونيو (حزيران) 1919 نجح الطياران البريطانيان جون ألكوك وآرثر براون في اجتياز المحيط الأطلسي لأول مرة في التاريخ بطائرة ثنائية السطح، وبسرعة وسطية بلغت 190 كيلومتراً في الساعة. وتعرض مجلة «ساينس إيلوستريتد» في عددها الجديد للقفزة الثورية التي سيشهدها الطيران من خلال رحلة لطائرة تجريبية ستبلغ سرعتها 6000 كيلومتر في الساعة. وتتميز هذه الطائرة بتصميمها الفريد الذي يعرف باسم «الجناح الطائر» وخفّة وزنها وتبنّيها مبادئ الطيران الأخضر.
وفي مقال مصوّر، ناقشت المجلة الأسباب التي تدفع الحيوانات الضخمة للعراك فيما بينها. وتتجنب الحيوانات الكبيرة الاحتكاك مع حيوانات من أنواع أخرى تماثلها في الحجم والقوة، لكن الصراع يصبح حتمياً عندما يكون مدفوعاً بالجوع والغضب والدفاع عن المجال الحيوي.

«بي بي سي وايلدلايف»
جعلت مجلة «بي بي سي وايلدلايف» من إضراب الطلبة من أجل المناخ محور النقاش في عددها الجديد. وكانت الطالبة السويدية غريتا ثونبيرغ غادرت مدرستها في أغسطس (آب) 2018 لتقف محتجة أمام برلمان بلادها وهي ترفع لافتة كتب عليها «إضراب عن المدرسة من أجل المناخ». هذه المبادرة الفردية اتسعت شهراً بعد شهر، حيث نظّم ملايين الطلاب حول العالم إضرابات عن الدراسة في الشهور اللاحقة، لمطالبة السياسيين بالتمعن في الأضرار التي سيتركها فشلهم في مواجهة تغيُّر المناخ على مستقبل أبنائهم وأحفادهم.



ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
TT

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)

بات ما يزيد قليلاً على 75 في المائة من أراضي العالم «أكثر جفافاً بشكل دائم» على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفق تقرير تدعمه الأمم المتحدة صدر، الاثنين، تزامناً مع مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) في السعودية.

وصارت الأراضي الجافة الآن تغطي 40 في المائة من مساحة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، حسبما خلصت دراسة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، محذرة من أن هذا التحول يمكن أن يؤثر فيما يصل إلى خمسة مليارات شخص بحلول عام 2100، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأظهر التقرير الذي يشير إلى «تهديد وجودي» تفرضه مسارات يتعذّر تغيير اتجاهها، أن الأراضي الجافة، المناطق التي تصعب زراعتها، زادت بمقدار 4.3 مليون كلم مربع بين عامي 1990 و2020، وهي مساحة تعادل ثلث مساحة الهند.

تحذيرات من «القحط»

وجاء التحذير خلال اجتماع مؤتمر «كوب 16» الذي بدأ الأسبوع الماضي في الرياض ويستمر 12 يوماً، بهدف حماية الأراضي واستعادتها والاستجابة إلى الجفاف في ظل تغير المناخ المستمر.

ويحذّر التقرير من أن القحط، وهو نقص مزمن في المياه، يمتد الآن على 40.6 في المائة من كتلة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية، مقابل 37.5 في المائة قبل 30 عاماً.

أشخاص يسيرون عبر جزء من نهر الأمازون تظهر عليه علامات الجفاف في كولومبيا (أ.ب)

كما يحذّر من أن المناطق الأكثر تضرراً تشمل الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط وجنوب أفريقيا وجنوب أستراليا وبعض مناطق آسيا وأميركا اللاتينية.

وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو: «على عكس الجفاف -فترات مؤقتة من انخفاض هطول الأمطار- يمثّل القحط تحولاً دائماً لا هوادة فيه».

وأضاف أن «المناطق المناخية الأكثر جفافاً التي تؤثر الآن في أراضٍ شاسعة في جميع أنحاء العالم لن تعود إلى ما كانت عليه، وهذا التغيير يعيد تعريف الحياة على الأرض».

«أسوأ سيناريو»

وأضاف التقرير أن التغييرات تُعزى إلى حد كبير إلى الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تغيّر هطول الأمطار وتزيد من نسب التبخر.

وتشمل آثار نقص المياه المزمن تدهور التربة وانهيار النظام البيئي وانعدام الأمن الغذائي والهجرة القسرية، وفقاً للعلماء.

وحسب التقرير، يعيش بالفعل 2.3 مليار شخص في مناطق جافة تتوسع، مع توقعات تشير إلى أن «أسوأ سيناريو» يتمثّل في عيش 5 مليارات شخص في هذه الظروف مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

ولمواجهة هذا الاتجاه، حثّ العلماء الأعضاء على «دمج مقاييس القحط في أنظمة مراقبة الجفاف الحالية»، وتحسين إدارة التربة والمياه، و«بناء القدرة على الصمود في المجتمعات الأكثر ضعفاً».