قيادي في «الشيوعي» السوداني: الانشقاق وارد في «قوى الحرية التغيير» إذا استمرت الخلافات

يوسف لـ«الشرق الأوسط»: الإعلان السياسي أغفل قضيتي حقيبتي الدفاع والداخلية و«التشريعي»

TT

قيادي في «الشيوعي» السوداني: الانشقاق وارد في «قوى الحرية التغيير» إذا استمرت الخلافات

قال قيادي في الحزب الشيوعي السوداني، إن الخلافات بين مكونات التحالف، بشأن «الاتفاق السياسي»، الذي تم توقيعه يوم الأربعاء الماضي، كبيرة «لأنها أغفلت قضايا أساسية»، محذرا من حدوث انشقاق بداخله في حال استمرار الخلافات في الجولة المقبلة من المفاوضات بشأن «الوثيقة الدستورية»، في وقت أبدى فيه تجمع القوى المدنية تحفظه على الاتفاق السياسي، داعياً إلى معالجة أوجه القصور في المرسوم الدستوري.
وكان الحزب الشيوعي رفض بشكل قاطع الاتفاق السياسي، الذي وقعته قوى التغيير، (وهو أحد مكوناتها)، مع المجلس العسكري الانتقالي، واعتبره انحرافاً عن المسار المراد الوصول إليه، وتعهد بمواصلة التصعيد الجماهيري السلمي حتى تتحقق أهداف الثورة، وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي كاملاً.
وقال صديق يوسف وهو عضو قيادي اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، وأحد المفاوضين في قوى الحرية والتغيير، إن «كثيرين من جماهير الشعب السوداني لم يعجبهم هذا الاتفاق السياسي وليس الحزب الشيوعي وحده». وأضاف قائلا لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «هناك قوى سياسية أخرى في تحالف قوى الحرية والتغيير عبرت عن عدم رضاها، ورفضها لما تم»، مشيراً إلى أن «الذين وقعوا من قبل تحالف قوى الحرية والتغيير على الإعلان السياسي أغفلوا قضيتين أساسيتين تم الاتفاق عليهما داخل التحالف، الأولى حول تشكيل مجلس الوزراء خاصة وزارتي الدفاع والداخلية، والثانية موضوع المجلس التشريعي بأن يتم حسمه لا إرجاؤه».
وأشار بيان اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، أول من أمس، إلى أن «لجنة التحقيق حول مذبحة فض الاعتصام في الثالث من يونيو (حزيران) الماضي، كان الاتفاق أن تكون بإشراف أفريقي ودولي، ولكن الإعلان السياسي، خرج بغير ذلك». وقال: «لم يوضح الإعلان السياسي كيفية حسم قضية المجلس التشريعي بل أشار إلى أن يكون هناك تشاور بين مجلسي السيادي والوزراء، كيف سيتم هذا التشاور مع قوى أخرى خارج المجلسين؟». وأضاف: «اتفاقية الإعلان السياسي ليست جيدة وتفتقر للكثير وناقصة ولكن سنعمل على تحسين الموقف عبر التشاور مع زملائنا في الحرية والتغيير حول وثيقة الإعلان الدستوري وتصحيح الإخفاقات في الاتفاق السياسي ليستقيم الوضع».
ولمح يوسف إلى إمكانية حدوث انشقاق داخل تحالف قوى الحرية والتغيير في حال استمرار الخلافات بين مكوناته في القضايا الاستراتيجية، وقال: «إذا استمرت الخلافات في وثيقة الإعلان الدستوري يمكن أن يحدث انقسام في صفوف الحرية والتغيير، ولكن نتمنى ألا تحدث خلافات تؤدي إلى الانشقاق، وألا يستمر الموقف الذي خرج به الاتفاق السياسي، ويتم تلافي تلك الأخطاء لتحقيق أهداف الثورة التي تم الاتفاق عليها في وثيقة إعلان الحرية والتغيير».
من جهة أخرى، اعتبر تجمع القوى المدنية المنضوي في تحالف الحرية والتغيير أن الاتفاق السياسي: «سجل سابقة غير حميدة... وتضمن مخالفات واضحة عما اتفق عليه خلال الاجتماع المشترك بين اللجنة التنسيقية، ووفد التفاوض عن تحالف الحرية والتغيير»، وقال إن «الاجتماع شدد على وفد التفاوض بعدم التوقيع على الاتفاق السياسي بمعزل عن المرسوم الدستوري، ليتم التوقيع عليهما كحزمة واحدة من دون فصل لتأمين الانتقال لسلطة مدنية».
ويحدد «الإعلان السياسي»، هياكل الحكم الانتقالي (المجلس السيادي، ومجلس الوزراء، والمجلس التشريعي) التي ينتظر أن تستمر ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، فيما يتضمن «الإعلان الدستوري»، على صلاحيات تلك المجالس.
وقال تجمع القوى المدنية الذي يضم عددا من منظمات المجتمع المدني السوداني في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنه يتحفظ على ما سماه النهج الذي لا يشبه الثورة في تجاوز لقرارات قوى الحرية والتغيير، وأضاف البيان: «نحملهم جميع المسؤولية الأخلاقية عما يترتب بالتوقيع على هذا الاتفاق السياسي بمعزل عن المرسوم الدستوري، إذ يضعف الموقف التفاوضي لقوى الحرية والتغيير في عملية الإعلان الدستوري، ويكرس لهيمنة القوى العسكرية على مفاصل السلطة في شقها الأمني والعسكري خلال الفترة الانتقالية»، معتبراً أن «الاتفاق السياسي أعطى حقوقاً لا يملكها المجلس العسكري كأن يعطيه الحق بالتوقيع النهائي على الإعلان الدستوري»، وقال: «كما أخفى الاتفاق بعض الحقوق الخاصة بمجلس الوزراء في ظل غياب المجلس التشريعي».
وقال التجمع المدني إن الاتفاق السياسي جاء ناقصاً ولم يستوعب مطالب الثورة التي تتلخص في الاتجاه نحو سلطة مدنية وحكومة كفاءات. وأضاف: «كما أن الاتفاق جاء قاصرا عن مواقفنا التي تمسكنا بها وتوافقنا عليها في التفاهمات السابقة مع المجلس العسكري والتي أقر بها القرار الأفريقي الصادر في السادس من يونيو الماضي والذي دعمه المجتمع الدولي بلجنة تحقيق مستقلة بمشاركة دولية إلى جانب إغفال المجلس التشريعي ونسبة تمثيل قوى الحرية والتغيير»، وتابع: «نشدد على استيعاب قضايا السلام ومعالجة الخلل التاريخي والتشوه الذي لازم الدولة السودانية وأن يستوعب الإعلان الدستوري هذه المعالجات بحيث يكون الإعلان الدستوري قابلا لاستيعاب نتائج اتفاقيات السلام مع الحركات المسلحة»، مؤكداً سعي التجمع المدني لإدارة حوار واسع مع جميع الحركات المسلحة للعمل على وضع إطار شامل يتيح المضي بثقة لبناء سلام مستدام ومستقر، وشدد على التزام التجمع بالعمل مع شركائه في قوى إعلان الحرية والتغيير لتصحيح المسار وفق شعارات وأهداف الثورة.



صنعاء تتحول سجناً كبيراً للعاملين في المجال الإنساني

الحوثيون يُخيرون العاملين في المنظمات الإغاثية بين الاعتراف بالتخابر والبقاء في السجن (إعلام محلي)
الحوثيون يُخيرون العاملين في المنظمات الإغاثية بين الاعتراف بالتخابر والبقاء في السجن (إعلام محلي)
TT

صنعاء تتحول سجناً كبيراً للعاملين في المجال الإنساني

الحوثيون يُخيرون العاملين في المنظمات الإغاثية بين الاعتراف بالتخابر والبقاء في السجن (إعلام محلي)
الحوثيون يُخيرون العاملين في المنظمات الإغاثية بين الاعتراف بالتخابر والبقاء في السجن (إعلام محلي)

«لا أعرف متى تنتهي هذه الموجة وأتمكن من مغادرة صنعاء بسلام». هكذا لخَّص عمر، وهو أحد العاملين في المنظمات الإنسانية، حالته وأغلب زملائه في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، مع تأكيد منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن عدد المعتقلين خلال حملة الاعتقالات الأخيرة بلغ 50 شخصاً يعملون في منظمات أممية ودولية ومحلية.

ويقول عمر لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع لا يطاق، وحملات التحريض التي أعقبت الاعتقالات التي طالت زملاءنا في المساجد وفي وسائل الإعلام وفي الأوساط الشعبية حوَّلت حياتنا إلى جحيم، وكل واحد منَّا وأسرته أصبح متهماً إلى أن يثبت العكس، مع انتظاره المداهمة والاعتقال في أي وقت».

تحريض حوثي وتخوين للعاملين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية (أ.ف.ب)

ويشير إلى أن الحوثيين يريدون تحويل السكان إلى مخبرين مهمتهم الإبلاغ عن العاملين لدى المنظمات الإغاثية أو البعثات الدبلوماسية.

أجواء القمع والاعتقالات ليست جديدة على مناطق سيطرة الحوثيين، لكنَّ الموجة الأخيرة، حسبما تقول نور، العاملة في المجال الإنساني، تعد أوسع حملة اعتقالات عرفتها البلاد منذ بداية الحرب عقب اقتحام الحوثيين صنعاء. وتضيف أنه في ظل انقطاع المرتبات وتحكم الحوثيين خلال السنوات السابقة في توزيع المساعدات، كان العاملون في المنظمات الإنسانية هدفاً لتهديد ما يسمى المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية وهو تشكيل استخباري استحدثه الحوثيون لمراقبة المنظمات والتحكم في المساعدات.

وتجزم نور بأنها وزميلاتها وبعد تقييد تحركاتهن أصبحن عاجزات عن مراقبة ومتابعة توزيع وإيصال المساعدات، وتؤكد أن قرار برنامج الأغذية العالمي وقف توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين أفقد الأخيرين توازنهم حيث وجَّهوا سهام مخابراتهم نحو العاملين المحليين في الجانب الإنساني وأبسط التهم التي توجَّه ويحاكَم عليها كثير من الأشخاص في تلك المناطق هي التجسس لمصلحة الخارج.

إخفاء وتحريض

يذكر اثنان من الناشطين في المجال الحقوقي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن أسر المعتقلين فشلت في الحصول على أبسط معلومة عن أماكن اعتقالهم وأوضاعهم الصحية. وأفادا بأن أحد الأشخاص قد أُخذ رهينة إلى حين تعافي زوجته من عارض صحي وتسليمها إلى سجن المخابرات الحوثي بسبب عملها في الجانب الإنساني.

وأكد المصدران أن اتحاد منتجي الأدوية فشل أيضاً في تأمين إطلاق سراح ثمانية من مديري أكبر شركتين لإنتاج الأدوية بسبب رفض الحارس القضائي الحوثي ذلك وإصراره على محاكمتهم بتهمة إخفاء أسماء أربعة من المساهمين يُتهمون بأنهم من مؤيدي الحكومة اليمنية والتحالف الداعم لها، حيث تريد الجماعة الانقلابية الاستيلاء على أرباحهم في الشركتين.

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

ونبَّه المصدران إلى تحريض الحوثيين العامة على الإبلاغ عمّا يعدونها «تحركات مشبوهة»، حيث خصصوا لذلك رقماً هاتفياً لدى ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات، وطلبوا من مسؤولي الأحياء والمساجد مسؤولية مراقبة السكان وعلاقاتهم. وحذّرا من أن ذلك سوف يفتح الباب للانتقام الشخصي والمكيدة ومن ثم وقوع كثير من الأبرياء ضحايا لمثل هذه البلاغات الكاذبة، التي تستند الاتهامات فيها إلى مدى تأييد السكان لنهج الجماعة وحضور فعالياتهم الطائفية كافة وإلا فإنهم يصنَّفون في خانة الأعداء والجواسيس.

من جهتها، ذكرت مسؤولة ملف اليمن في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، نكو جعفرينا، أن عدد المعتقلين لدى جماعة الحوثي من الموظفين الأمميين وموظفي المنظمات غير الحكومية بلغ 50 حتى الآن خلال الحملة الأخيرة.

ووسط عاصفة من الإدانات الدولية والمحلية لحملة الاعتقالات وبث اعترافات انتُزعت من بعض المعتقلين الذين أمضوا ثلاثة أعوام في السجن، خرج محمد علي الحوثي، عضو مجلس حكم الجماعة وابن عم زعيمها عبد الملك الحوثي، بمقترح نظر إليه الكثيرون على أنه محاولة فاشلة للتغطية على حملة الاعتقالات.

وزعم القيادي الحوثي أنه وجَّه مسؤولي المخابرات في مناطق سيطرتهم بمنح فرصة لكل من يأتي معترفاً بالتخابر، متعهداً بعدم الاستمرار في الأنشطة الاستخباراتية وبحضور النيابة فإن عاد لممارسة التجسس فبموجب ما التزم به تتم معاقبته وفقاً لذلك.