حي ريفسايلون الدنماركي من ترسانة قديمة إلى أكثر المواقع حداثة في أوروبا

صار محفلاً لإقامة الحفلات الموسيقية ومكاناً جذاباً للمطاعم والتصميمات المعمارية المراعية للبيئة

حي ريفسايلون الدنماركي من ترسانة قديمة إلى أكثر المواقع حداثة في أوروبا
TT

حي ريفسايلون الدنماركي من ترسانة قديمة إلى أكثر المواقع حداثة في أوروبا

حي ريفسايلون الدنماركي من ترسانة قديمة إلى أكثر المواقع حداثة في أوروبا

إذا أردت أن تدرك معنى كلمة السحر على أرض الواقع، فعليك بالتوجه إلى مطعم «لا بانشينا» الذي يضم 16 مقعداً ويقدم وجبات تأتي من المزرعة رأساً إلى الطاولة، ويطل على ميناء كوبنهاغن.
ويهوى عدد من الراغبين في تناول طعام الغداء هذه الأيام الاستمتاع بتذوق الطعام في المطاعم المطلة على البحر، رغم انخفاض درجة الحرارة إلى حد التجمد وسط فصل الشتاء، بينما يتابع آخرون الأطباق الثلاثة إسكندنافية الطابع التي تقدم يومياً، وهي تطهى أمامهم في الحال بهدف إجراء حوار بين الزبائن والطاهي.
ويجسد هذا المطعم إحدى الصفات المحددة للثقافة الدنماركية. وتقول مديرة «لا بانشينا» سيجني نوريجارد في وصفها للحي المقام فيه المطعم: «عندما افتتحنا المطعم عام 2016 لم يكن هناك تقريباً أي شيء في ريفسايلون»، حيث كان الحي حتى وقت قريب مكاناً صناعياً قاحلاً.
وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية أن الحي يبعد بمسافة أقل من 3 أميال من قلب العاصمة، ويمكن أن تقطع هذه المسافة رحلة بالحافلة العامة من محطة السكك الحديدية الرئيسية بكوبنهاغن في 15 دقيقة.
وكان أفضل عدد للزبائن في «لا بانشينا» عام 2016 لا يتجاوز 20 شخصاً، وارتفع هذا الرقم حالياً ليصل بشكل منتظم إلى 400. ويرجع السبب في ذلك إلى زيادة جاذبية الحي الذي انبثق من رماد ماضيه الصناعي ليصبح العاصمة الجديدة للحداثة لمدينة كوبنهاغن.
وكان حي ريفسايلون من الفترة 1872 إلى 1996، موطناً لحوض بناء السفن الذي كان أكبر موقع لتشغيل العمالة في كوبنهاغن، كما كان أيقونة في التاريخ الصناعي الدنماركي، وتم إغلاق المنطقة أمام الجمهور إلى حد كبير حتى نحو 6 سنوات، بعد أن تم فتحها وبعد أن أعادت اختراع نفسها واحدة من أكثر الأحياء الأوروبية حداثة وتطويراً، وصارت الآن محفلاً لإقامة الحفلات الموسيقية ومكاناً جذاباً للمطاعم الإسكندنافية إلى جانب التصميمات المعمارية المراعية للبيئة.
ويقع مطعم «لا بانشينا» في غرفة الانتظار السابقة بحوض بناء السفن، حيث كان العمال يسجلون موعد حضورهم اليومي، والمبنى الجديد الذي سبق الوجود بالحي قبل «لا بانشينا» في ريفسايلون هو مطعم «أماس» الأميركي الملكية.
ويشير طاهي مطعم «أماس» للزوار إلى الحديقة الكائنة في فنائه التي تبلغ مساحتها 1075 ياردة مربعة، والتي تنتج ما نسبته من 15 إلى 25 من المكونات الطبيعية المستخدمة في إعداد الوجبات وفقاً للموسم، وفي الأشهر الأكثر برودة تحفل الحديقة بأنواع من الكرنب والبنجر، وفي الربيع تظهر الطماطم والأعشاب وثمار التوت.
والسبب في افتتاح هذا المطعم في ريفسايلون هو ندرة المساحات اللازمة للحدائق في كوبنهاغن، حيث ترتفع أسعار الأراضي.
ويتبنى مطعم «أماس» - مثله في ذلك مثل مطعم «نوما» الذي جاوره حديثاً ويفتخر بحصوله على المركز الأول في قائمة أفضل 50 مطعماً على مستوى العالم لـ4 مرات قبل أن يعود هذا اللقب إلى ريفسايلون العام الماضي - فكرة تقديم الأطعمة المصنوعة من مكونات محلية وطبيعية.
وتم أيضاً مؤخراً افتتاح قاعة لعرض اللوحات الفنية الحديثة. وهناك مطاعم جديدة من المقرر أن يفتتحها الطاهي المغامر راسموس مونك، حيث يقدم تجربة فريدة لتناول العشاء تستغرق 5 ساعات وتشمل 50 نوعاً من الأطعمة، وإن كانت بكميات صغيرة، وذلك في مطعمه الذي سيطلق عليه اسم «الكيميائي».
ثم هناك أهم معالم ريفسايلون الجديدة والمعروف باسم «كوبنهيل»، وهو محطة لتوليد الطاقة من المخلفات يمكنها معالجة قرابة 560 ألف طن من المخلفات سنوياً، لتزويد أكثر من 72 ألف وحدة سكنية بالطاقة اللازمة للتدفئة و30 ألفاً أخرى بالكهرباء، كما توجد ساحة للتزلج ومضمار للعدو على سقف مبنى المحطة، إلى جانب أعلى جدار لرياضة التسلق في العالم من صنع الإنسان، حيث يرتفع إلى مسافة 279 قدماً على جانبها.
وتقول سيسيلي نيسلن، رئيسة إدارة الابتكار في محطة «كوبنهيل»، إنه «عندما أعلنت الحكومة مسابقة لتصميم مبنى المحطة، كان أحد البنود المطلوبة أن تكون مساحة من سطح المبنى لا تقل عن 15 في المائة منه متاحة لاستخدام المواطنين، وقالت الشركة التي فازت لماذا لا نتيح لهم 100 في المائة من مساحة السطح؟ ووضعوا هذا التصميم الذي اعتقد الناس وقتها أنه ضرب من الجنون».
ولا يزال مبنى «كوبنهيل» يثير الدهشة، وعندما يستكمل العمل فيه سيتم افتتاح مطعم فوق سقفه وتخصيص منطقة للاسترخاء بعد ممارسة التزلج في أسفله، ما يجعله الأقرب لأن يكون منتجعاً للتزلج في قلب مدينة تفتقر إلى هذه المعالم مثل كوبنهاغن.
وفي الناحية المقابلة من هذه الساحة التي يمكن وصفها بأنها تنتمي إلى عالم ما بعد الصناعة يقع «كوبنهوت»، وهو مجمع إسكندنافي خالص للساونا، في الناحية الشمالية من ريفسايلون.
ويعد هذا المجمع أعجوبة إسكندنافية ويضاء بالمشاعل، وهو مخصص لجلب الراحة والاسترخاء.
ويقول مالكه أولي ماركدال إن التأرجح بين مياه البحر الباردة والساونا أو منتجع المياه المعدنية الصحي، هو حيلة يستخدمها الدنماركيون لكي يتغلبوا على مشاعر الاكتئاب التي تنتابهم بسبب طول فصل الشتاء.
ويوضح أن «ذلك يعد بمثابة دواء مجاني، وعندما تمارس هذه التجربة لأول مرة ستضحك بتوتر، ولكن في المرة التالية ستشعر أنك أدمنتها».
ويبقى السؤال: ماذا سيدور بذهن السكان القدامى في ريفسايلون الذين شيدوا حوض بناء السفن، إذا قدر لهم أن يعودوا إلى الحياة ويروا ما طرأ عليه من متغيرات؟


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.