«المركزي اللبناني» يحضر آلية تكافح التهرب الضريبي للشركات

إجراءات خلال أيام لمواجهة انفلات مالي يوازي حجم عجز الميزانية العامة

علمت «الشرق الأوسط» أن الدوائر القانونية في «البنك المركزي اللبناني» تعمل على إنجاز تعميم خلال أيام لمحاصرة التهرب الضريبي للشركات (رويترز)
علمت «الشرق الأوسط» أن الدوائر القانونية في «البنك المركزي اللبناني» تعمل على إنجاز تعميم خلال أيام لمحاصرة التهرب الضريبي للشركات (رويترز)
TT

«المركزي اللبناني» يحضر آلية تكافح التهرب الضريبي للشركات

علمت «الشرق الأوسط» أن الدوائر القانونية في «البنك المركزي اللبناني» تعمل على إنجاز تعميم خلال أيام لمحاصرة التهرب الضريبي للشركات (رويترز)
علمت «الشرق الأوسط» أن الدوائر القانونية في «البنك المركزي اللبناني» تعمل على إنجاز تعميم خلال أيام لمحاصرة التهرب الضريبي للشركات (رويترز)

يُرتقب أن يشكل التزام وزير المال اللبناني علي حسن خليل بتقديم موازنة عام 2020 المقبل في موعدها الدستوري إبان انعقاد العقد التشريعي العادي في الخريف المقبل، والتحضير لأولى خطوات مكافحة التهرب الضريبي، تقدماً حقيقياً في التزام الحكومة ببرنامج الإصلاح المالي. بينما أظهرت النتائج المالية العامة تحسناً جزئياً في الثلث الأول من العام الحالي، تزامناً مع إقرار قانون الموازنة في المجلس النيابي بعد سبعة أشهر من «الصرف الاستثنائي» وفقاً للقاعدة الاثني عشرية.
فقد انخفض عجز الموازنة الكلي إلى نحو 1.247 مليار دولار حتى نهاية شهر أبريل (نيسان) الماضي، مقارنة بعجز بلغ 1.697 مليار في الفترة ذاتها من العام الماضي. وبذلك تراجع العجز الإجمالي من نحو 1.91 مليار دولار إلى نحو 1.38 مليار دولار. وبرز ضمن معطيات التحسن، في الفترة ذاتها، استعادة الفائض الأولي بمقدار بسيط بلغ نحو 23 مليون دولار، مقابل عجز أولي ناهز 365 مليون دولار.
ومن اللافت في النتائج المالية المحققة، انخفاض الإيرادات الضريبية التي تمثل نحو 82 في المائة من إجمالي الإيرادات، وبنسبة 3.3 في المائة، لتصل إلى نحو 2.72 مليار دولار. وهو ما يعكس جزئيا تأثير تباطؤ النشاط الاقتصادي في مجمل القطاعات الإنتاجية. لكنه يعكس أكثر عجز الدولة عن مكافحة التهرب الضريبي؛ سواء عبر التأخير في سداد المتوجبات، أو عبر «تزوير» البيانات السنوية لحسابات الأرباح والخسائر الذي درجت أغلب الشركات على اتباعه، فيما لا تتوفر آليات مناسبة للتحقق لدى وزارة المال والمراقبين.
وفي معلومات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، تعمل الدوائر القانونية في البنك المركزي على إنجاز تعميم يصدر عن حاكم البنك خلال أيام، ويتضمن إجراءات وآليات تطلب من المصارف تنفيذ عملية مضاهاة بين ميزانيات الشركات التي يتم تقييمها للحصول على تمويل وخطوط ائتمان، وتلك التي يتم التصريح بها لوزارة المالية. وهي آلية مناسبة لكشف «التزوير في الأوراق»، إذ تحرص الشركات على تظهير الأرباح وكامل كشوفات المبيعات والتدفقات النقدية وترقبات النمو للحصول على أفضل فرص التمويل من حيث المبالغ والفوائد، بينما تصرح ضريبيا ببيانات تحتوي حصيلة نقيضة إلى وزارة المال.
ولوحظ أن المعلومات الخاصة بهذا التعميم تقاطعت بين مصادر سياسية ذات صلة بإحدى الكتل النيابية الكبرى ومصادر مالية في الوقت عينه. ومن الممكن الاستنتاج من هذا التقاطع أيضا أن جزءا من المداولات تم خلال الاجتماعات ذات الطابع المالي في القصر الجمهوري، وهي اجتماعات بدأت تتخذ طابعا «دوريا» بمشاركة حاكم البنك المركزي رياض سلامة.
وتشدد تقارير المؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمها البنك وصندوق النقد الدوليان على أولوية وضع التشريعات والآليات التنفيذية الناجعة لمكافحة هذه الظاهرة من ضمن الإصلاح الهيكلي للمالية العامة. ووفق تقرير بحثي وتحليلي أجرته مجموعة بنك عودة، يمكن أن يصل حجم الموارد الفائتة التي تنتجها هذه الظاهرة إلى نحو 5 مليارات دولار سنوياً. وهو ما يوازي 10 في المائة من الناتج المحلي. والأهم، يوازي هذا الرقم وحده تقريباً العجز السنوي في الميزانية العامة.
وينتج هذا الحجم من التهرب الضريبي، وفق البحث، من أبواب رئيسية عدة، أهمها التهرب من ضريبة الدخل، والضريبة على القيمة المضافة، ورسوم الجمارك، بالإضافة إلى رسوم الكهرباء وضريبة الملكية. ويمكن ملاحظة أثر هذا التهرب من نسبة تعبئة الموارد، التي تحتسب نسبة الإيرادات المحققة للدولة من الناتج المحلي الإجمالي. فبينما تبلغ هذه النسبة 36 في المائة في الدول المتقدمة و26 في المائة في الدول النامية، لم تتجاوز هذه النسبة في لبنان 20 في المائة في عام 2017. وتنخفض هذه النسبة بشكل رئيسي بفعل عاملين: أولاً الانخفاض النسبي في الضغط الضريبي في لبنان، وثانياً نسبة التهرب الضريبي العالية.
ويلفت الدكتور مكرم صادر، أمين عام جمعية المصارف، إلى ثغرة صارخة في متابعة المكلفين بتأدية الضرائب على أرباح الشركات «فالمصارف، وعددها 65 مصرفا عاملا، ساهمت وحدها خلال عام 2018 بما يزيد على 58 في المائة من حصيلة ضريبة الدخل على أرباح الشركات المساهمة والمحدودة المسؤولية والفردية، التي يزيد عددها على 150 ألفاً، إضافة إلى المتوجبات على الآلاف من أصحاب المهن الحرة».
وفي توجه صريح، يقول صادر: «أول المتطلبات أن يصار إلى معالجة مكامن الهدر والفساد. فليس جائزاً أن تعمل معابر التهريب الـ124 الممتدة على طول الحدود اللبنانية - السورية (على عينك يا دولة) بكامل طاقتها وفي الاتجاهين (العدد 136 حسب مداخلة وزير المال في مجلس النواب). تأتي البضائع المهربة من سوريا إلى لبنان، فتضرب الرسوم الجمركية التي كان يمكن لخزينة الدولة الحصول عليها. وتعبر البضائع المستوردة إلى مرافئ لبنان باتجاه سوريا، ما يستنزف احتياطي القطع عند البنك المركزي وما يخالف أيضاً قرارات الأمم المتحدة بإقامة حظر على النظام السوري... ناهيك بالحاويات التي تُنزل في بعض الموانئ السورية، والتي تتبرع جهات محمية بنقلها إلى مخازن التجار في لبنان لقاء 10 آلاف دولار أميركي للحاوية الواحد، بغضّ النظر عن نوعية وقيمة ما تحتويه من بضائع. وتفوت هذه الممارسات على المرافئ اللبنانية رسومها وعمولتها وعلى الخزينة مرة جديدة الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة».
إلى ذلك، عكست البيانات المحققة للموازنة في الثلث الأول من السنة، نجاح جهود وزارة المال في «كبح شهية» الإنفاق، عبر حصره بالرواتب والأجور لموظفي القطاع العام وبالمصاريف الملحَّة غير القابلة للتأجيل، ومنها ما يتعلق بسداد مستحقات الدين العام وكلفة الفوائد الدورية على السندات القائمة بالليرة وبالدولار.
وبلغت قيمة الوفر الإنفاقي في أربعة أشهر نحو 610 ملايين دولار، أي بانخفاض نسبته 11.8 في المائة من إجمالي الأنفاق، الذي بلغ نحو 5.76 مليار دولار في أول أربعة أشهر من العام الماضي. وبدا تأثير ضبط الأنفاق صريحاً على حصيلة العجز الكلي والإجمالي رغم التراجع بنسبة قاربت 5 في المائة الذي سجلته إيرادات الموازنة في الفترة ذاتها، إذ تدنى إجمالي الموارد المالية في الفترة ذاتها من نحو 3.45 مليار دولار، إلى نحو 3.3 مليار.



الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)
TT

الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)

شهدت الليرة السورية تحسناً ملحوظاً في قيمتها أمام الدولار، حيث أفاد عاملون في سوق الصرافة بدمشق يوم السبت، بأن العملة الوطنية ارتفعت إلى ما بين 11500 و12500 ليرة مقابل الدولار، وفقاً لما ذكرته «رويترز».

ويأتي هذا التحسن بعد أن بلغ سعر صرف الدولار نحو 27 ألف ليرة سورية، وذلك بعد يومين فقط من انطلاق عملية «ردع العدوان» التي شنتها فصائل المعارضة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويوم الأربعاء، قال رئيس الحكومة الانتقالية المؤقتة في سوريا، محمد البشير، لصحيفة «إيل كورييري ديلا سيرا» الإيطالية: «في الخزائن لا يوجد سوى الليرة السورية التي لا تساوي شيئاً أو تكاد، حيث يمكن للدولار الأميركي الواحد شراء 35 ألف ليرة سورية». وأضاف: «نحن لا نملك عملات أجنبية، وبالنسبة للقروض والسندات، نحن في مرحلة جمع البيانات. نعم، من الناحية المالية، نحن في وضع سيئ للغاية».

وفي عام 2023، شهدت الليرة السورية انخفاضاً تاريخياً أمام الدولار الأميركي، حيث تراجعت قيمتها بنسبة بلغت 113.5 في المائة على أساس سنوي. وكانت الأشهر الستة الأخيرة من العام قد شهدت الجزء الأكبر من هذه التغيرات، لتسجل بذلك أكبر انخفاض في تاريخ العملة السورية.