الخلخال... يختفي ويعود دائماً بمواد جديدة وأشكال عصرية
من اقتراحات «كلوي» (غيتي)
بعد أن كان مجرد حُلي معدني تتدلى منها أشكال جميلة تصدر صوتاً مع كل خطوة، عاد الخلخال لواجهة موضة 2019 بتصاميم من اللؤلؤ والصدف والخيوط الملونة، ليكون قطعة مهمة ضمن مجوهرات النساء.
فقد ظهر في تشكيلات دور مهمة مثل «فرساتشي» و«ستيلا مكارتني» وغيرهما، بسلسلة ذهبية ليضيف لمسة من التألق.
دار كلوي أيضاً طرحته في تصميم صلب قريب من الشكل الفينتاج بإيحاءات مصرية قديمة، كذلك دار «زيمرمان» التي اقترحته على شكل سلسلة معدنية بحلقات مكتنزة، بينما قدمته أليكسا تشانغ في تشكيلتها الأخيرة بأحجار الراين.
وترجع منسقة الأزياء المصرية، نورهان حسام، عودة الخلخال هذا العام إلى سيطرة حقبة التسعينات بتفاصيلها المختلفة على الموضة، وتقول: «نتذكر الخلخال المعدني المتدلي منه قلادات، وكذلك حبيبات الخرز الملونة التي كانت تلف كاحل النساء خلال حقبة التسعينات، وحتى بداية عام 2000».
وصحيح أن الموضة قد تكون استقت صيحة الخلخال من التسعينات، وربما عرفته في بداية القرن العشرين، لكن هذه القطعة لها تاريخ أبعد من ذلك بكثير، لا سيما لدى المرأة العربية والمصرية بشكل خاص. فارتداء الخلخال يعود إلى آلاف من السنين في ثقافات شرقية مختلفة، وفي بعض الأحيان كان لسوار الكاحل دلالة أبعد من الجمال.
فقد كان شائعاً في حضارة بلاد ما بين النهرين، حيث تُؤكد المقابر السومرية أنها كانت أول من استعملت الأساور، بما في ذلك أساور الكاحل. ويُعتقد أن ارتداء المجوهرات من قبل المرأة السومرية كان دلالة على ثراء زوجها.
ظهر أيضاً في مصر القديمة، إذ ارتدته الملكات المصريات مصنوعاً من الأحجار الكريمة والمعادن، بينما ارتدته نساء العامة من دون أحجار كريمة، وكن يلبسنه كتميمة أو تعويذة وليس للزينة فحسب.
أما متحف فيكتوريا وألبرت في لندن، فيعرض تمثالاً لامرأة تعود إلى الحضارة اليونانية القديمة، كانت ترتدي بوضوح أساور في اليدين ومثلهما حول الكاحل، ويعود التمثال بحسب المتحف إلى القرن الرابع والخامس قبل الميلاد.
أيضاً عرف في الهند، ويمكن القول إن المرأة الهندية لم تستغن عنه في أي وقت من الأوقات، ومنذ آلاف السنين. فهو جزء من ثقافتها.
في القرن العشرين، انتقلت ثقافة الخلخال إلى الغرب، مع ظهور مستشرقين سحرهم الشرق بثقافته وجمالياته، تلتهم جحافل من الهيبيين تنقلوا حول العالم وجلبوا معهم أزياء ومجوهرات من ثقافات مختلفة بما فيها الخلخال.
وفي السبعينيات بدأت النساء في ارتدائه حاملاً الاسم أو الأحرف الأول من أسمائهن. وقتذاك كان مقبولاً ارتداؤه من قبل الرجال والنساء على حد سواء، قبل أن تحتكره المرأة فيما بعد. في حقبة التسعينات، شهد شكله تغييراً واكتسب عصرية أكبر، خصوصاً بعد إدخال مواد جديدة على صناعته، مثل الخيوط الملونة والخرز الساطع.
وتلفت نورهان حسام إلى أن تصاميم الخلخال لهذا العام تختلف عن السابق، لأن القطع المعدنية تراجعت لصالح الخلخال المصمم من اللؤلؤ والأصداف البحرية، وتضيف: «لا تنتهي الصيحة بما يقدمه المصممون على ممشى العروض، إذ إن الكلمة الأخيرة للشارع، وبالنسبة للخلخال فهو قطعة حُلي تبنتها الشخصيات المؤثرة في عالم الموضة، والدليل أننا شاهدنا بأنماط متنوعة في موضة الشارع لعام 2019».
كذلك، زادت شبكات الإنستغرام، من شعبيته. وتعلق نورهان حسام على ذلك موضحة أن «رواج أشكاله الحالية تعود إلى أنه يناسب إطلالات الشاطئ، خصوصاً أنه مصنوع من مواد لا تتلف عند التعرض للماء، كما تُزينه الأصداف البحرية».
ورغم أن دوراً مثل «فرساتشي» و«ستيلا مكارتني» و«كلوي» وغيرها، قدمت سوار الكاحل المعدني كخيار لإطلالة مسائية، فإن هذا النمط محدود، وترى نورهان حسام أنه من الأفضل اعتماد الخلخال نهاراً، لكن إذا كانت النية استعماله للمساء الابتعاد تماماً عن التصاميم المثقلة بالإضافات المزركشة أو المتدلية حتى لا تصدر أصواتاً عند الحركة، وعليهن الاكتفاء بسلسلة رفيعة باللون المعدني المفضل، أو تلك المصممة من أحجار الراين.
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.
ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».
بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.
صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.
كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.
الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.
المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.
المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.
سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»
من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.
موسم الأعياد والحفلات
بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.
وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».
دمج بين الفينتاج والبوهو
تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.
مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.
إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.
أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.
رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.