«بوشرون» تحتفل بفن العمارة الباريسية

«بلاس فاندوم» معلمة من معالم باريس الشهيرة عالمياً. بمعمارها الهندسي وساحتها الواسعة الملتفة حول نفسها هي وجهة الأثرياء وأصحاب الذوق الرفيع؛ لأنها بكل بساطة معقل كبريات دور المجوهرات، من «شوميه»، و«شانيل»، و«فان كليف أند آربلز»، إلى «بوشرون». هذه الأخيرة تفخر بأنها هي من دشنت «بلاس فاندوم»، كونها أول من افتتح محلاً فيها في عام 1893، في البناية رقم 26. توالي السنوات اضطرها إلى تجديد مقرها حتى يواكب تطورات العصر وديكوراته، وفي الوقت ذاته يكون أهلاً لاحتضان مجوهراتها الرفيعة. وهذا ما كان.
بدأت عملية ترميم وتجديد في عام 2017 لم تنته سوى في نهاية عام 2018. وهكذا بعد 18 شهراً من العمل، افتتحت الدار أبوابها ليكتشف الزوار أن العملية لم تشمل تجديد الأراضي وتزيين الجدران؛ بل شملت أيضاً بناء شقة فخمة تطل على فندق «الريتز» قالت إنها خاصة بزبائنها المهمين، ممن يريدون خوض تجربة فريدة من نوعها على كل المستويات، عوض البقاء في فندق خمس نجوم.
مجموعة مجوهراتها الأخيرة أيضاً جاءت تعكس روح المكان الذي تفخر بوجودها فيه: باريس عموماً و«بلاس فاندوم» خصوصاً. المجموعة التي تحمل عنوان «باريس في دو 26» أي: «نظرة على باريس من رقم 26»، تحتفل بالهندسة المعمارية بتجسيدها مواقع ومعالم باريسية أيقونية، مثل مبنى «أوبرا غارنييه» و«بلاس فاندوم»، وغيرهما، في قطع مجوهرات تفيض بالابتكار والحرفية.
تقول المصممة الإبداعية كلير شوان، إن الفكرة هي التذكير بعلاقة الدار بباريس، إلى جانب الاحتفال بفن العمارة الذي تتميز به العاصمة، ويجذب لها ملايين السياح سنوياً. تشرح أيضاً بأنها أرادت أن تكون المجموعة بمثابة جولة، إن لم نقل قراءة، في الأسلوب الفني الذي طبع باريس على مر القرون من خلال بناياته، وهو ما يُفسر تلك الفضاءات الهندسية والمشاهد التي رسمتها على كل قطعة تقريباً من زوايا متعددة. هناك مثلاً مجموعة مستوحاة من صور لـ«لوغران باليه» التقط بعضها من أعلى لتجسد شكل قبته الزجاجية، وأخرى تُجسد أحجار أرصفة ساحة «فاندوم» ظهرت في مجموعة أخرى. كثير من التفاصيل المماثلة ألهمت المصممة وحفزت خيالها، بما في ذلك إفريز مغطّى بأوراق الغار، رأته في قاعدة عمود ساحة «فاندوم»، جسدته في عقد مثير، جاء محاكاة لتفاصيله الطبيعية بشكل لا يُصدق. وتُفسر هي ذلك بأن التقنية التي استعملت فيه تمت بمسح أوراق الغار الحقيقية عليه، حتى يأتي بهذه النتيجة الواقعية، في حين تم تطوير تقنية أخرى لقطع عرق اللؤلؤ وتركيب الأشكال ثلاثية الأبعاد للصفائح المعدنية، حتى تعطي بعداً جديداً لمجموعة شملت قلادات وأقراط أذن تتدلى منها الأحجار، وأساور وخواتم من الذهب الأبيض مرصعة بالماس، لعل أكثرها لفتاً للأنظار سوار تزينه رؤوس أحصنة منحوتة مستلهمة من سقف «أوبرا غارنييه». أما قبة «لوغران باليه» فظهرت في قلادة طويلة وأقراط مصنوعة من الزجاج والزمرد والتيتانيوم والماس، بينما لم تنس الدار قلادتها الأيقونية التي تأتي على شكل علامة استفهام. زينتها هذه المرة بورود شائكة، من النوع الذي ينمو بين الأبنية وشقوقها القديمة.
عقد آخر، يمكن ارتداؤه أيضاً كبروش، أطلقت عليه الدار اسم أرمواريز، استُلهم من الزخرفة الجصيّة في «صالون الخطيبات» بفندق «Hôtel de Nocé».