ألبير الباز وحُلم السعادة ... القريب البعيد

بعد تعاونه الأخير مع دار «تودز» من خلال تشكيلة حصرية

ألبير الباز وحُلم السعادة ... القريب البعيد
TT

ألبير الباز وحُلم السعادة ... القريب البعيد

ألبير الباز وحُلم السعادة ... القريب البعيد

«أردت أن أدخل السعادة على قلوب الناس، وأن أجعل نفسي أشعر بالسعادة أيضاً، لأني افتقدت طعمها منذ أربع سنوات» هذا ما قاله ألبير الباز، مصمم دار «لانفان» السابق ملمحاً لحزنه المستمر على خروجه من الدار التي تسلطن فيها لـ14 عاماً. كانت المناسبة تعاونه مع دار «تودز» الإيطالية، التي صمم لها مجموعة من أحذية «الموكاسان» التي اشتهرت بها وحقائب يد مفعمة بالجمال والشقاوة، من تصاميم وألوان كشفت عنها الستار خلال أسبوع باريس لـ«هوت كوتور».
تشكيلة حصرية تحمل اسم Tod’s Happy Moments by Alber Elbaz «لحظات سعيدة من Tod’s بتوقيع ألبير الباز»، لأن كل من الشركة والمصمم يعرفان جيداً أن حذاءً أنيقاً ومريحاً يمكن أن يُدخل الكثير من السعادة والفرح على النفس، كذلك الأمر بالنسبة لحقيبة يد. لهذا اختارا أن تكون نقطة البداية في المجموعة حذاؤها الأيقوني المخصّص للقيادة. أضفى عليه الباز الكثير من الديناميكية والخفّة. فقد وضع نفسه في اختبار صعب. فغيابه لسنوات وتلهف عشاق الموضة على متابعة أخباره وما يقدمه، يجعله تحت ضغط كبير، ويُشعره بأنه تحت المجهر. ومع ذلك كابر وقال إن هذا الحذاء وُلد من شعور بالسعادة انتابه عندما اكتشف صُدفة خيارات جديدة في استخدام المطاط الاصطناعي، النيوبرين. لم تُخيب المجموعة آمال عُشاقه على المستوى الجمالي والإبداعي، كما لن تخيب أمال السيد دييغو ديلا فالي، الرئيس المالك لمجموعة «تودز» على المستوى التسويقي، لكنها لا تعني بالضرورة أن ألبير الباز سيعود. فسعادته قد تكون مؤقتة وبحثه عن بيت أزياء يأويه ويحتضن موهبته سيبقى جارياً.
خلال مؤتمر «فويسز» Voicesالذي ينظمه موقع «بزينس أوف فاشن» سنوياً، كان ألبير الباز ضمن المتحدثين فيه. وما ألقاه من كلام وورق على الأرض عبر كثيراً عن حالته النفسية وحالة الموضة التي يبدو أنه يحاول فهم طلاسمها بعد أن تغيرت كثيرا عما تعود عليه في الماضي. تحدث عن الكثير من النقاط بشكل مختصر. مع كل فكرة يتناولها كان يُلقي الورقة التي كتبت عليها على الأرض في حركة مسرحية. تشعر فيها بمعاناته، ولا تشعر بأنه تصالح أو تقبل وضعه الحالي. فقبل استغناء دار «لانفان» عن خدماته في عام 2015. كان الباز يتربع على عرش الموضة، مثله مثل الراحل كارل لاغرفيلد في دار «شانيل». على مدى 14 عاماً كان الأمير الذي منح الدار قبلة الحياة وأعاد إليها مجدها السابق. لهذا لم يُصدق أن تستغني عنه بعد كل هذه السنوات وبالطريقة التي تمت بها العملية. استمات البقاء، وسانده كل من عمل معه، عن قرب أو بعد. من عملوا معه أعلنوا إضراباً عن العمل ورفعوا لافتات تطالب بإعادة الاعتبار إليه، ومن تعاملوا معه من زبائن ووسائل الإعلام، أيضاً أعلنوا مساندتهم له، كل بطريقته، وظلت النتيجة نفسها: إصرار على القرار.
بالنسبة لمصمم محبوب مثله، كان من المتوقع أن يجد داراً أخرى تستوعب قدراته وتستفيد منها مباشرة، لكن الغريب في الأمر أن هذا لم يحصل لحد الآن. المشكلة التي يعرفها جيداً أن ذاكرة الموضة قصيرة، ومن السهل أن ينساه أصحاب القرارات لا سيما بعد أن أصبحوا يركزون على تعيين أسماء غير معروفة ومُبدعة في الوقت ذاته. وربما هذا ما يؤثر عليه نفسياً وسرق سعادته. البعض، وبعد أن رأى تشكيلته لدار «تودز» تفاءل خيراً، لكن هل يمكننا القول أن ألبير الباز عاد إلى حُضن الموضة أخيراً؟. الجواب أن لا شيء مضمون في هذا العالم. فتعاونه مع «تودز» هو جزء من مشروع أطلقته الدار الإيطالية بعنوان «تي - فاكتوري» منذ فترة، واستلهمت فكرته من الفنان أندي وورهول، وتتعاون بموجبه مع مصممين مختلفين من خلال مجموعات محدودة وحصرية. وهذا يعني أنهم يتغيرون حسبما تفرضه الظروف.



الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».