أشتية يطلع الرئيس العراقي على خطة السلطة للانفكاك عن إسرائيل

التقى رجال أعمال عراقيين في محاولة لفتح أبواب الاستثمار

TT

أشتية يطلع الرئيس العراقي على خطة السلطة للانفكاك عن إسرائيل

قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية أثناء لقائه أمس، الرئيس العراقي صالح برهم، إنه يتطلع إلى تطبيق مذكرات التفاهم والاتفاقيات بين البلدين وإدخالها حيز التنفيذ، من أجل تعزيز قدرة السلطة على تنفيذ خطة الانفكاك عن إسرائيل.
وأضاف أشتية: «نريد تطبيق الاتفاقيات خصوصاً في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة، تماشياً مع استراتيجية الحكومة وقرارها بالانفكاك التدريجي عن الاحتلال». وأكد أن ذلك يشكل نهجاً جديداً يقوم على الانفتاح على الأسواق العالمية، خصوصاً الدول العربية، وتعزيز المنتج الوطني الفلسطيني وتسويقه دولياً.
ووصل أشتية إلى العراق قبل يومين على رأس وفد وزاري يضم رجال أعمال فلسطينيين إلى جانب مدير المخابرات العامة، في محاولة لإطلاق مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي.
وتخطط السلطة الفلسطينية لاستيراد النفط من العراق وتكريره في المملكة الأردنية. وكان العراق أعلن في وقت سابق استعداده لتقديم النفط العراقي للفلسطينيين. وتستورد السلطة الآن الوقود من إسرائيل ضمن اتفاقيات اقتصادية تسعى إلى إلغائها منذ فترات طويلة، لكنها قررت في هذه المرحلة تطبيق توصيات سابقة من أجل الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل، وذلك رداً على قراراها بخصم أموال المقاصة.
ونقل أشتية تحيات الرئيس محمود عباس، إلى الرئيس العراقي، مؤكداً أهمية تعزيز العلاقات بين البلدين في جميع المجالات، ومثمناً مواقف العراق في دعم القضية الفلسطينية على الأصعدة المختلفة.
وقال أشتية إن «نهوض العراق وتعزيز دوره في المنطقة، يشكل عنصر قوة لفلسطين في المنطقة والعالم أيضاً، وعلى الأمة العربية الحفاظ على أولوية القضية الفلسطينية، وعدم حرف البوصلة باتجاه صراعات ثانوية، ويجب تكريس الوحدة العربية على أرض الواقع، من أجل توحيد الجهود لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرض فلسطين».
وأكد برهم موقف العراق الداعم للشعب الفلسطيني لضمان الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، مشيراً إلى حرص العراق على تمتع الفلسطينيين المقيمين في العراق بكامل حقوقهم المشروعة وضمان كل استحقاقاتهم.
وسيشكل العراق محطة مهمة على طريق دفع الاقتصاد الفلسطيني إذا نجحت حكومة أشتية في إطلاق أعمال تجارية بين فلسطين وبغداد. لكن الأمر يحتاج إلى موافقة إسرائيل في معظم القضايا وحاجة العراقيين إلى زيارة الضفة الغربية.
وقبل لقائه برهم، التقى رئيس الوزراء الفلسطيني مع مستثمرين فلسطينيين وعراقيين، بحضور عدد من الوزراء ذوي العلاقة من البلدين، مساء الاثنين، في مقر إقامته بالعاصمة العراقية بغداد. وقال أشتية إنه يعمل على فتح أبواب الاستثمار بين البلدين. وأضاف: «رغم الظروف غير الطبيعية التي نعيشها بسبب الاحتلال، فإن شعبنا حقق إنجازات كبيرة في مجال الاقتصاد، ولدينا كثير من قصص النجاح التي نفخر بها».
واستعرض أشتية استراتيجية الحكومة في الانفكاك التدريجي عن الاحتلال، وتحقيق التنمية من خلال تعزيز المنتج الوطني والاستثمار في الإنسان، «فلدينا كثير من الميزات التنافسية في عدد من الصناعات مثل الطاقة الشمسية، وتكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا الزراعية».
من جانبهما، أكد وزيرا النفط والتجارة العراقيين الاهتمام وبذل كل الجهود من أجل توقيع اتفاقية تعاون لتأطير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، آملين أن تتيح هذه الزيارة فتح آفاق التعاون بين القطاع الخاص في فلسطين والعراق.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم