مخاوف من انفجار اجتماعي وأمني في المخيمات الفلسطينية

بعد الإجراءات الأخيرة لوزارة العمل اللبنانية

TT

مخاوف من انفجار اجتماعي وأمني في المخيمات الفلسطينية

تخشى القوى الفلسطينية في لبنان أن تؤدي الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها وزارة العمل اللبنانية لجهة التشدد في ملاحقة العمالة الأجنبية غير الشرعية، والتي طالت مؤخراً اللاجئين الفلسطينيين، بعد أن كانت تركز بشكل أساسي على النازحين السوريين، إلى انفجار اجتماعي وأمني في المخيمات التي ترزح أصلاً تحت فقر مدقع، ونسبة بطالة قاربت الـ70 في المائة، بحسب مصادر فلسطينية.
ويشكل الضغط السكاني داخل المخيمات، إضافة إلى تراجع خدمات وكالة «الأونروا» بشكل كبير نتيجة عجزها المالي، إضافة إلى غياب فرص العمل بسبب القوانين اللبنانية التي تمنع اللاجئين من منافسة اللبنانيين على كثير من الأعمال، تحديات كبيرة تواجه فلسطينيي لبنان الذين استنفروا في الأيام القليلة الماضية، وخرجوا إلى الشوارع، رفضاً لخطة وزارة العمل التي اعتبروا أنها تزيدهم بؤساً. ونبّه القيادي في حركة «فتح»، منير المقدح، من توقيت قرار وزارة العمل، داعياً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الحكومة اللبنانية لتحديد خسائرها الاقتصادية في اليومين الماضيين نتيجة الإضرابات التي شهدتها المخيمات، وقال: «بعد المؤامرة الأميركية لإنهاء (الأونروا)، هناك من يريد أن يمنع اللاجئين من العمل، وبالتالي الطعام... فإلى أين يريدون أن يصلوا باللاجئين؟!».
ويقيم أكثر من نصف اللاجئين الفلسطينيين في 12 مخيماً منظماً ومعترفاً بها من قبل «الأونروا»، وهي: الرشيدية، وبرج الشمالي، والبص، وعين الحلوة، والمية ومية، وبرج البراجنة، وشاتيلا، ومار إلياس، وضبية، ويفل (الجليل)، والبداوي، ونهر البارد. والخطوة الوحيدة التي قامت بها الحكومة اللبنانية في إطار سعيها لتنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان، كانت في عام 2017، حين قامت بتعداد للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية، أشرفت عليه لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني، وأنجزته إدارة الإحصاء المركزي اللبناني، والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. وخلص إلى وجود 174 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان، يعيشون في 12 مخيماً، و156 تجمعاً فلسطينياً في المحافظات الخمس في لبنان، علماً بأن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وفي إحصاء أجرته قبل نحو 9 سنوات، أكدت وجود أكثر من 483 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان، 449 ألفاً منهم مسجلون لديها.
ولطالما شكلت المخيمات الفلسطينية في لبنان عنواناً للأمن المتفلت نتيجة غياب الجيش والقوى الأمنية اللبنانية من داخلها، مما أدى إلى هرب عدد كبير من المطلوبين إلى المخيمات التي تشهد انتشاراً للسلاح من دون ضوابط. وتتولى لجان أمنية مشتركة، تضم ممثلين عن أبرز الفصائل الفلسطينية، الأمن في مخيم عين الحلوة والبداوي وبرج البراجنة، التي تعتبر أكبر تجمعات للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
ويعتبر مدير مركز تطوير للدراسات الاستراتيجية والتنمية البشرية، الباحث الفلسطيني الدكتور هشام دبسي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن قرارات وزارة العمل الأخيرة التي طالت اللاجئين الفلسطينيين اتسمت بنوع من «الارتجالية، لأنها لم تأخذ بعين الاعتبار التفاهمات التي تم التوصل إليها في إطار لجنة الحوار الوطني اللبناني - الفلسطيني، والنتائج التي يمكن أن ترشح عن هذه القرارات، لجهة دفع اللاجئين للانخراط في الصراع في الداخل اللبناني، أو في الإقليم، رغم كل الجهود التي بذلتها القوى الفلسطينية في السنوات الماضية لتحييد الفلسطينيين عن الصراعات في لبنان أو المنطقة».
ويعدد مصدر في حركة «فتح»، لـ«الشرق الأوسط»، أبرز التحديات التي يواجهها النازحون السوريون في لبنان، وهي: الفقر، والبطالة، والاستبعاد من سوق العمل، وتقلص فرص التعليم، خصوصاً التعليم المهني والجامعي، والمشكلات النفسية الناجمة عن الإحساس بالاغتراب والحصار وانسداد الأفق، إضافة لاجتذاب القوى المتطرفة لقسم كبير من الشبان الذين يرزحون تحت الفقر والبطالة. وأدت الظروف الصعبة للاجئين إلى اختيار الهجرة غير الشرعية. وقد غادرت، بحسب مصادر فلسطينية، نحو 3 آلاف عائلة فلسطينية لبنان بين الأعوام 1976 و1982، فيما غادرت 1500 عائلة بين 1985 و1991، كما أن 3200 عائلة غادرت بين 1991 و2016، ليرتفع هذا الرقم كثيراً في العامين التاليين، إذ تم تسجيل هجرة 4 آلاف عائلة فلسطينية من لبنان إلى أوروبا في العامين 2017 - 2018.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».