بريطانيا تكرّم عالم رياضيات فكّ شفرة النازية بوضع صورته على عملتها

محافظ بنك إنجلترا وصف تورنغ بـ«أبي علم الكومبيوتر والذكاء الصناعي»

شكل العملة بعد وضع صورة آلان تورنغ عليها (رويترز)
شكل العملة بعد وضع صورة آلان تورنغ عليها (رويترز)
TT

بريطانيا تكرّم عالم رياضيات فكّ شفرة النازية بوضع صورته على عملتها

شكل العملة بعد وضع صورة آلان تورنغ عليها (رويترز)
شكل العملة بعد وضع صورة آلان تورنغ عليها (رويترز)

أعلن بنك إنجلترا اليوم (الاثنين) أنه سيقوم بوضع صورة عالم الرياضيات البريطاني الراحل آلان تورنغ، الذي فك شفرات مراسلات ألمانيا النازية أثناء الحرب العالمية الثانية، على الورقة النقدية فئة 50 جنيها إسترلينيا.
وبحسب شبكة «سكاي نيوز» البريطانية، فقد أعلن محافظ بنك إنجلترا مارك كارني عن هذا القرار في متحف العلوم والصناعة في مانشستر، مشيرا إلى أنه تم اختيار تورنغ من بين قائمة أشخاص ضمت 12.
وقال كارني: «كان آلان تورنغ عالم رياضيات بارزا، وقد كان لعمله تأثير هائل على طريقة عيشنا اليوم. فتورنغ هو أبو علوم الكومبيوتر والذكاء الصناعي، وكذلك بطل حرب، وقد كانت إسهاماته بعيدة المدى ورائدة».
ومن المتوقع أن يتم تداول هذه الورقة النقدية الجديدة بنهاية عام 2021.
وستتضمن العملة أيضا اقتباساً من قول تورنغ الشهير «هذا مجرد مقدمة لما سيحدث، ومجرد ظل لما سيحدث».
ولد تورنغ، الذي أدى الممثل البريطاني بنديكت كامبرباتش دوره في فيلم «ذي إيميتيشن غيم» سنة 1912 في لندن، وقد قاد فريقا من خبراء فك الشفرات ونجحوا في فك شفرة «انيغما» الحربية التي ظن الألمان أنها عصية على الفك أثناء الحرب العالمية الثانية. وينسب لهذا الفضل في التعجيل بإنهاء الحرب وإنقاذ حياة الكثيرين.
وبعد الحرب، عمل تورنغ في مختبر الفيزياء الوطني؛ حيث قام بالإشراف على أعمال التصميم لجهاز الحوسبة الآلي ACE.
وعلى الرغم من عدم صناعة جهاز ACE أبداً، فإن شركات التكنولوجيا في جميع أنحاء العالم استخدمت مفهومه لعدة سنوات، فكان له تأثير بالغ على تصنيع حاسوبي «English Electric DEUCE» البريطاني، و» Bendix G - 15» الأميركي.
اشتهر تورنغ بأبحاثه العلمية المهمة، خاصة ورقته العلمية التي نشرها عام 1936، والتي تحدث فيها عن «آلة تورنغ»، وهي نموذج نظري بسيط يحاكي طريقة عمل الحاسوب.
وهذا النموذج يعطي تعريفا رياضيا دقيقا للمصطلح «خوارزم Algorithm»، وتكمن أهمية هذا النموذج في بساطته مقارنة بجهاز الحاسوب المعقد ورغم ذلك فهو قادر على تنفيذ كل خوارزمية قابلة للتنفيذ بواسطة أي حاسوب متطور.
لذلك يمكن معرفة إذا كانت عملية معينة قابلة للتنفيذ بواسطة الحاسوب أم لا عن طريق فحصها بواسطة «آلة تورنغ». من هنا فإن لـ«آلة تورنغ» استعمالا واسعا في مجال دراسة قدرة الحاسوب والعمليات التي يمكنه أو لا يمكنه تنفيذها، وهو ما يسمى «علم قابلية الحساب».
وفي عام 1948، انضم تورنغ إلى مختبر «ماكس نيومان» للحوسبة في جامعة مانشستر؛ حيث ساعد في تطوير الحواسيب هناك، وأصبح مهتماً بعلم الأحياء الرياضي.
وتناول تورنغ مسألة الذكاء الصناعي في ورقة علمية نشرها عام 1950 بعنوان «الآلات الحاسوبية والذكاء»، واقترح إجراء اختبار عُرف فيما بعد باسم «اختبار تورنغ»، والذي كان له أثر كبير على المناقشات التي أثيرت حول موضوع الذكاء الصناعي خلال العقود التالية.
جدير بالذكر أن تورنغ كان مثلي الجنس واتهم بالفحش عام 1952 بسبب ميوله الجنسية وانتحر عام 1954 وهو في سن 41 عاما.
وبعد 60 عاما على وفاته حصل تورنغ على اعتذار ملكي نادر من الملكة إليزابيث عن إدانته بسبب ميوله الجنسية المثلية.



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.