«عين علي» في دير الزور... إيران طردت «داعش» وحولتها إلى مزار

بعد 2017 تزايد التغلغل في المنطقة لتسهيل فتح طريق يربطها بطهران

موقع نبع «عين علي» في دير الزور شرق سوريا الذي حولته إيران الى مكان مقدس للشيعة (الشرق الاوسط)
موقع نبع «عين علي» في دير الزور شرق سوريا الذي حولته إيران الى مكان مقدس للشيعة (الشرق الاوسط)
TT

«عين علي» في دير الزور... إيران طردت «داعش» وحولتها إلى مزار

موقع نبع «عين علي» في دير الزور شرق سوريا الذي حولته إيران الى مكان مقدس للشيعة (الشرق الاوسط)
موقع نبع «عين علي» في دير الزور شرق سوريا الذي حولته إيران الى مكان مقدس للشيعة (الشرق الاوسط)

لا يستوعب أهالي منطقة القورية بدير الزور شرق سوريا صدمة قيام الميليشيات الإيرانية بمنعهم من دفن موتاهم في مقبرتهم المتوارثة أبا عن جد، دون دفع رسوم عشرة آلاف ليرة (17 دولارا أميركي)، ودون الحصول على موافقة لإتمام إجراءات الدفن... فـ«عين علي»، الموقع الذي اعتادوا على زيارته للتنزه والاستشفاء والتشفع، بات مزارا شيعيا «مقدسا» تقبض عليه الميليشيات الإيرانية، رسوما.
لم يعد ذلك المكان الذي يستعذبون رواية الحكايات والأساطير حوله والاختلاف حول صحتها، يقصدونه للتخلص من همومهم وتطييب أوجاعهم الجسدية والنفسية بمياهه الكبريتية، بل «مكانا مسورا غريبا عن المنطقة وعن روح أهلها يثير الرعب والحق ويؤجج الضغائن»، وفق ما ذكره بشير، أحد سكان المنطقة من الذين نزحوا إلى دمشق. يقول بشير بأن محاولات إيران نشر التشيع في محافظة دير الزور، تعود إلى الثمانينات من القرن الماضي، بدأت في قرية حطلة عن طريق فرع لجمعية الإمام المرتضى التي أنشأها جميل الأسد عم الرئيس بشار الأسد، بدعم من إيران. وتعد قرية حطلة إحدى أكبر المناطق التي انتشر فيها التشيع، كما كانت، لاحقا، خزانا بشريا للميلشيات الشيعية الإيرانية المقاتلة في المنطقة. وكانوا النواة التي انتشر منها التشيع إلى القرى الصغيرة الفقيرة خلال فترة الحرب، منها زغير جزيرة، الصعوة، حوايج ذياب، حوايج بومصعة، الكسرة، مراط وغيرها من القرى التي أقيمت فيها حسينيات لاستقطاب الفقراء ودعوتهم للتشيع عبر توزيع المساعدات، في الوقت الذي كان تنظيم (داعش) يفتك بالمنطقة.
ويشير عمر، وهو نازح أيضا من المنطقة إلى دمشق، إلى أنه، بعد طرد تنظيم داعش من دير الزور عام 2017 تزايدت حركة التشيع الإيرانية مع سيطرة النظام والميليشيات الإيرانية على البوكمال والميادين والمناطق القريبة من الحدود مع العراق، حيث تطمح إيران إلى فتح خط نقل بري يصل بين طهران والساحل السوري ويمر في العراق، وتنشط إيران لتحويل تلك المناطق من «بيئة نابذة للوجود الإيراني إلى بيئة حاضنة، وذلك عبر نشر التشيع... فقد بدأنا نرى كيف تتحول أسماء المساجد من عمر، عثمان، أبو بكر، معاوية، عائشة، إلى أسماء ذات صبغة شيعية، الجامع العمري بمدينة دير الزور تغير إلى جامع الرضوان نسبة إلى بيعة الرضوان. يتم ذلك، بالتوازي مع بناء حسينيات تكون بمثابة مراكز لتوزيع المساعدات، إضافة إلى الشروع ببناء حوزة علمية في الميادين» في دير الزور.
يجري ذلك بالترافق مع انتشار مكاتب عقارية في محافظة دير الزور تقوم بشراء أكبر عدد من المنازل والعقارات والأراضي، لصالح جهات ورجال أعمال إيرانيين، بمبالغ تفوق قيمتها الحقيقة. ناهيك عن مصادرة بعض منازل مهجري الحرب من المعارضين المطلوبين للنظام في مراكز المدن والمواقع الحيوية في الميادين والبوكمال ودير الزور وتحولها إلى مقرات للميلشيات الإيرانية والعراقية، ومنازل لعائلات القيادين والمقاتلين فيها.
ويضيف عمر الذي لا يعلم شيئا عن مصير منزل عائلته في دير الزور، بأن بناء الحسينيات والمقامات وشراء العقارات والأراضي والاستيلاء على المواقع الحيوية، ترافق أيضا مع اهتمام بإعادة بناء المدارس المدمرة وبسط السيطرة على التعليم هناك، فقد افتتحت مدرستين ابتدائيتين في كل من الميادين والبوكمال، تدرس فيهما مناهج خاصة، إضافة إلى إلى إعادة تشغيل عدد من المشافي الخاصة في الميادين.
ومع ذلك، يقول عمر، أنه وبرغم النشاط الحثيث والمتزايد لإيران في تشييع دير الزور، والمال الذي تغدقه هناك، فإن التشييع ما زال «بطيئا» ولم تنجح إيران سوى بتجنيد بضعة آلاف من أبناء الريف الغربي من شيعة حطلة ومراط، وما زال اعتمادها الرئيسي في التجنيد على الشيعة العراقيين والإيرانيين. أما الإقبال على الحسينيات، فهو، من عناصر الميليشيات وعائلاتهم، في حين لا يوجد إقبال شعبي حقيقي سوى البعض القليل الذي تدفعه الحاجة، أو طلب الأمان بمعنى دفع البلاء». ويلفت إلى أن الفيديوهات التي انتشرت مؤخرا للطميات التي أقيمت في (عين علي) وفرض إتاوات على المقابر وذوي الموتى، كفيلة بتأجيج مشاعر الكراهية لإيران، إذ أن ذاكرة أهل المنطقة عن (عين علي) ما تزال حية لم تنس «صورة والدتي وخالاتي وعماتي مطبوعة في ذاكرتي وهن ينزلن بمياه العين وينادين جينا نزورك يا «علي أبو حسين... دستورك». إنها طقوس وعادات أهل الفرات من مئات السنين وليست من التشيع الذي تريد إيران نشره في المنطقة.
وتعددت الروايات المحلية حول (عين علي) نبع المياه الكبريتية الواقع تحت برج أثري على تلة قرب مدخل مدينة القورية من جهة البادية، ويقصده أهالي المنطقة للتنزه والاستشفاء والتبرك. هناك من يقول بأن البرج كان برج مراقبة روماني ويعرف باسم (منارة الإمام علي) على خط سير قوافل التجار والحجيج، نحو 10 كم إلى الجنوب الشرقي من قلعة مالك بن طوق (الرحبة)، وهو مثل «مرقب علي» فوق سفح «جبل عبد العزيز» قرب ضريح «الشيخ عبد العزيز الجيلاني» بالحسكة. وهناك مصادر آثارية تعيد المرقبين إلى عهد المماليك. لكن رواية أخرى تفيد بأن البرج مئذنة تعود للعصر العباسي، وروايات أخرى تقول بأنها مأذنة مسجد أموي، إذ أن المكان كان عبارة عن غرفة كبيرة بقبة دائرية وفيها محراب وباب كبير. وفي السبعينيات من القرن الماضي قامت عائلة من مدينة الميادين بهدم المسجد بغية بناء مسجد جديد، لكن المشروع لم يتم، وبقي من الموقع مدخل صغير إلى مئذنة سداسية يصعد إليها بدرج حلزوني داخلي من الحجر الصوان والجص الأسمر.
ويقول الموروث الشعبي، بأن نبع المياه الكبريتية القريب من المئذنة سمي (عين علي) لأن نبع الماء تفجر تحت حافر خيل الإمام علي بن أبي طالب، حين كان في طريقه إلى معركة (صفين) قرب الرقة، عندما عطش جيشه، أنه أقام في هذا المكان ثلاثة أيام. وترتكز الدعاية الإيرانية منذ سنوات طويلة وقبل بدء الصراع في سوريا، لتشييع الموقع وفقا لهذه الرواية الشعبية، فحين أدرجت وزارة السياحة الموقع على قائمة المواقع السياحية الدينية في سوريا، جاء ذلك ضمن مشروع لإقامة منتجع بتمويل من رجال أعمال شيعة خليجيين، إلا أن المشروع قوبل برفض من الأهالي. حتى حل عام 2014 واستولى تنظيم داعش على مساحات واسعة من محافظة دير الزور وقام بتفجير عدد من «المقامات وأضرحة مشايخ في الطرق الصوفية بدير الزور، منها (عين علي) و(الشيخ أنس)، و(الشيخ الشبلي)، و(الشيخ محمود الأنطاكي) في الميادين. ومهد ذلك الطريق لتقدم إيران بعد طرد تنظيم داعش، عام 2017. واستولت على موقع (عين علي) وحولته إلى مكان ديني مقدس تقصده حملات الحج الشيعية. فضربت سورا حول الموقع وأقامت حسينية وشيدت قبة فوق النبع، في أعمال بناء استغرقت عاما لتنتهي أواخر عام 2018. وشهد شهر رمضان الماضي وصول أولى حملات حجيج شيعي إليه، وتداول أهالي المنطقة بكثير من الدهشة مقاطع فيديو للطميات في نبع «عين علي» تظهر الحجاج الشيعة وهم يغطسون بمياه النبع ويطلون رؤوسهم بالطين.



البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.