الحريري يحاول فك الارتباط بين جلسة الحكومة وتوتر الجبل

أرسلان يشترط تسليم المطلوبين المحسوبين عليه بصفة «شهود»

سعد الحريري ووليد جنبلاط خلال لقائهما بحضور تيمور جنبلاط (دالاتي ونهرا)
سعد الحريري ووليد جنبلاط خلال لقائهما بحضور تيمور جنبلاط (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري يحاول فك الارتباط بين جلسة الحكومة وتوتر الجبل

سعد الحريري ووليد جنبلاط خلال لقائهما بحضور تيمور جنبلاط (دالاتي ونهرا)
سعد الحريري ووليد جنبلاط خلال لقائهما بحضور تيمور جنبلاط (دالاتي ونهرا)

لا تنبئ المؤشرات السياسية في لبنان بإمكانية انعقاد جلسة لمجلس الوزراء، للأسبوع الثالث على التوالي، فيما لا يزال رئيس الحكومة سعد الحريري يقوم باتصالاته انطلاقاً من عدم ربط الجلسة بإحالة ملف التوتر في الجبل، على خلفية مقتل اثنين من مرافقي وزير شؤون النازحين صالح الغريب، إلى المجلس العدلي، وهو موضع الخلاف بين الأفرقاء السياسيين. ويطالب كل من «التيار الوطني الحر» والنائب طلال أرسلان بإدراجه على جدول أعمال الجلسة، فيما يرفضه الحريري و«الحزب التقدمي الاشتراكي».
وكان الخلاف حول الإحالة قد أدى إلى رفع الحريري جلسة الحكومة في بداية انعقادها، بعد أيام على الحادثة، قبل نحو أسبوعين، مما أدى إلى عدم الدعوة إلى جلسة جديدة الأسبوع الماضي، ويبدو أنه سيبقى مستمراً هذا الأسبوع نتيجة فشل الجهود المبذولة على هذا الخط.
واستبعدت مصادر وزارية في «تيار المستقبل» دعوة رئيس الحكومة إلى جلسة لمجلس الوزراء، لافتة إلى أنه ليس هناك أي شيء جديد في هذا الإطار، وهو ما عبّر عنه أيضاً وزير الاقتصاد منصور بطيش، رغم إشارته إلى أن أزمة أحداث الجبل تتجه نحو تسوية قريبة.
الأجواء نفسها أشارت إليها مصادر وزارية في «التيار الوطني الحر»، مع تأكيدها على أن الأمور مرهونة بإحداث أي خرق في الخلاف حول حادثة الجبل، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «بالتأكيد، أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس لن تكون هناك جلسة، في ظل انعقاد جلسات البرلمان لمناقشة الموازنة، ورئيس الحكومة لا يحبذ عقدها يوم الجمعة. وبعد ذلك، نكون قد وصلنا إلى عطلة نهاية الأسبوع، حيث من المستبعد الدعوة لعقد جلسة».
وكانت حادثة الجبل، وتداعياتها المتمثلة بتعطيل عمل الحكومة، والتمسك بالإحالة إلى المجلس العدلي، محوراً أساسياً في الاجتماع الذي جمع مساء أول من أمس الحريري برئيس «الحزب الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط. وشهد الاجتماع «توافقاً إلى أبعد الحدود»، تحديداً حيال رفض طلب الإحالة إلى المجلس العدلي، قبل استكمال التحقيقات الأمنية التي لا يبدي أرسلان تجاوباً معها، بحسب ما تشير إليه مصادر مطلعة على اللقاء لـ«الشرق الأوسط».
وهنا تجدد المصادر التأكيد أن الحريري هو من يتولى الدعوة لعقد جلسة للحكومة، وتحديد جدول أعمالها، مذكرة بأن المادة 53 من الدستور، في فقرتها الـ12، تشير إلى أن رئيس الجمهورية يحق له الدعوة لعقد جلسة استثنائية، لكن بعد الاتفاق بشأن جدول أعمالها مع رئيس الحكومة، وتشدد على أن جهود الحريري تتركز على الفصل بين عمل الحكومة والدعوة للجلسة ومطلب إحالة قضية حادثة الجبل إلى المجلس العدلي.
وتلفت المصادر إلى أنه «في مقابل تأكيد جنبلاط التعاون، وتسليم المشتبه بهم، على أن تأخذ التحقيقات مجراها، ويبنى على الشيء مقتضاه، يفرض أرسلان شروطاً تتمثل في أن يسلّم المطلوبين كشهود، وليس كمشتبه بهم، طالباً الحصول على تعهد بعدم توقيفهم، وهذا ما يطرح سؤالاً حول كيفية مطالبة أرسلان باستقلالية القضاء من جهة، ووضعه شروطاً مسبقة من جهة أخرى».
وفي هذا الإطار، كان موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي، مؤكداً في عظته الأسبوعية، أمس، أنه «لا يحق لرجال السياسة تسخير نشاط المؤسسات الدستورية لرغائبهم ومطالبهم، وبالتالي تعطيل عملها، مثل اجتماع الحكومة، وعقد جلسات المجلس النيابي، فيما الأزمات توجب أن تكون هاتين المؤسستين الدستوريتين في حالة انعقاد دائم لدرء هذه الأخطار».
وأضاف أن «أمور البلاد تحلها السلطة الإجرائية، لا الوساطات المشكورة وحدها التي ربما لا تنتهي، وبالتالي تبقى الحكومة ممنوعة من الاجتماع، أو مقيدة بمطالب الأفرقاء المتناقضة، فيما هي المسؤولة أولاً وآخراً عن طرح المعضلات ودرسها، واتخاذ القرار الحاسم الأخير. وفي كل حال، الممارسة الشاذة عندنا تشوه مفهوم الديمقراطية التوافقية».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.