غريفيث مجدداً إلى الرياض... والشرعية اليمنية تلوّح بالانسحاب من «استوكهولم»

TT

غريفيث مجدداً إلى الرياض... والشرعية اليمنية تلوّح بالانسحاب من «استوكهولم»

أفاد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» بأن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، سيصل اليوم إلى الرياض، للقاء قيادات الشرعية اليمنية، وذلك ضمن جهوده التي استأنفها أخيراً بجولة مكوكية شملت موسكو وأبوظبي ومسقط وواشنطن، من أجل تشكيل زخم دبلوماسي لمساعيه الرامية إلى تحقيق السلام في اليمن. يأتي هذا في الوقت الذي ذكرت فيه مصادر حكومية أن قيادة الشرعية اليمنية تفكر جدياً في الانسحاب من اتفاق السويد بعد مضي 7 أشهر من إبرامه، دون أن تلتزم الميليشيات الحوثية بتنفيذه أو تتوقف عن خرق الهدنة التي بدأت في أعقابه في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
واستغرب المصدر صمت المبعوث الأممي إزاء التصعيد الميداني للميليشيات الحوثية في كل مناطق الحديدة إلى جانب استمرارها في قمع المدنيين ومحاكمة المعتقلين لديها المشمولين ضمن اتفاق السويد الخاص بتبادل الأسرى، دون تحريك أي ساكن.
ودفعت مناشدات الحكومة الشرعية للمبعوث الأممي من أجل التدخل لدى الحوثيين لوقف أحكام الإعدام ضد 30 ناشطاً إلى التعليق أمس على حسابه على «تويتر»، حيث أشار إلى أن الأمم المتحدة تعارض استخدام عقوبة الإعدام في جميع الظروف. وقال: «نؤكّد على بيان المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ونحن قلقون من فرض عقوبة الإعدام على 30 شخصاً في صنعاء ونحثّ الأطراف على تنفيذ اتفاقية الأسرى والمعتقلين الموقّعة في استوكهولم».
وتعد هذه الزيارة لغريفيث إلى الرياض هي الثانية منذ عودة الشرعية للتعاطي مع جهوده بعد أن كانت علقتها، بعد أن اتهمت المبعوث بالانحياز لمصلحة الحوثيين والسعي إلى منح اتفاق السويد تفسيرات أخرى تصب في مصلحة الجماعة الانقلابية، خصوصاً بعد أن بارك انسحاب الميليشيات الأحادي من موانئ الحديدة، رغم اعتراض الفريق الحكومي على ذلك واعتباره مخالفاً لمفهوم العمليات المشتركة لتنفيذ الاتفاق.
وكان غريفيث قام بزيارات إلى موسكو وأبوظبي ومسقط وواشنطن، حيث التقى في العاصمة العُمانية قيادات حوثية في سياق سعيه لإنعاش عملية السلام وتنفيذ اتفاق السويد الخاص بإعادة الانتشار في الحديدة وتبادل الأسرى والمعتقلين والتفاهمات بشأن تعز.
ويرجح مراقبون أن غريفيث يسعى إلى حشد تأييد إقليمي ودولي للمقترحات الخاصة بالإسراع بتنفيذ اتفاق الحديدة، ومن ثم العودة إلى مسار المشاورات المتعلقة بالاتفاق السياسي النهائي، وهي الآمال التي يرى المراقبون أنها لا تزال بعيدة المنال في ظل التعقيدات المستمرة على الأرض وعدم رغبة الجماعة الحوثية في إنهاء الانقلاب والاعتراف بالمرجعيات الثلاث التي تتمسك بها الشرعية.
وفي أحدث حوار أجرته «الشرق الأوسط» مع غريفيث، أشار إلى أنه يأمل جدياً أن يتم تنفيذ اتفاق السويد الخاص ببناء الثقة في أسرع وقت ممكن، لكنه أشار إلى أن ذلك يستدعي استشعار المسؤولية لدى كل الأطراف، مع تأكيده على أنه مجرد وسيط ولا يستطيع إلزام أي طرف بتنفيذ الاتفاقات المبرمة.
ولم يعرف بعد إن كان في جدول المبعوث الأممي الذهاب هذه المرة إلى صنعاء للقاء قادة الجماعة الحوثية، أم أنه سيكتفي بالنقاش الذي دار مع قيادات الجماعة الموجودين في مسقط، حيث تركز الجماعة على ملفات «فتح مطار صنعاء، والملفات الاقتصادية» في المقام الأول.
وكان نائب وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي أكد في تصريحاته الأخيرة أن الشرعية في بلاده ستعمل على تصويب مسار تنفيذ اتفاق السويد خلال المساعي الحالية للمبعوث الأممي بما ينسجم مع المرجعيات الثلاث؛ وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي، وفي مقدمتها القرار 2216.
وتتهم الحكومة اليمنية الجماعة الحوثية بأنها تسعى إلى إطالة أمد الحرب، فضلاً عن استغلالها الهدنة الأممية في الحديدة من أجل تعزيز قدراتها العسكرية وتحصيناتها القتالية، فضلاً عن الدفع بمزيد من عناصرها إلى مناطق الحديدة في مختلف الجبهات.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.