أوكرانيا تتهم بوتين بالسعي لـ {إزالتها} وإحياء الاتحاد السوفياتي

خروقات للهدنة الهشة.. وموسكو تحمل واشنطن مسؤولية العمل من أجل الوقيعة بينها وبين أوروبا

فتيات أوكرانيات ملتحفات بعلم بلادهن يتحدثن إلى عسكري ملثم مكلف حراسة مسيرة نظمت في مدينة ماريوبول الساحلية الجنوبية رفضا لانفصال مناطق الشرق أمس (أ.ف.ب)
فتيات أوكرانيات ملتحفات بعلم بلادهن يتحدثن إلى عسكري ملثم مكلف حراسة مسيرة نظمت في مدينة ماريوبول الساحلية الجنوبية رفضا لانفصال مناطق الشرق أمس (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تتهم بوتين بالسعي لـ {إزالتها} وإحياء الاتحاد السوفياتي

فتيات أوكرانيات ملتحفات بعلم بلادهن يتحدثن إلى عسكري ملثم مكلف حراسة مسيرة نظمت في مدينة ماريوبول الساحلية الجنوبية رفضا لانفصال مناطق الشرق أمس (أ.ف.ب)
فتيات أوكرانيات ملتحفات بعلم بلادهن يتحدثن إلى عسكري ملثم مكلف حراسة مسيرة نظمت في مدينة ماريوبول الساحلية الجنوبية رفضا لانفصال مناطق الشرق أمس (أ.ف.ب)

اتهمت كييف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس بالسعي إلى «إزالة» أوكرانيا كدولة مستقلة، رغم الهدنة الهشة الموقعة مع الانفصاليين لإنهاء أشهر من النزاع الدامي. وتتزامن تصريحات رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك مع إعلان الجيش الأوكراني أنه صد هجوما كبيرا للانفصاليين على مطار دونيتسك، مسرح معارك عنيفة في المعارك المستمرة منذ خمسة أشهر في شرق أوكرانيا.
وقال ياتسينيوك بالإنجليزية، أمام مؤتمر دولي في كييف، إن بوتين يبقي كييف عمدا في حالة حرب لخلق «نزاع بارد» بمحاذاة روسيا. وأضاف أن هدف بوتين «ليس فقط الاستيلاء على دونيتسك ولوغانسك (المنطقتين الصناعيتين اللتين أعلنهما الانفصاليون جمهوريتين تابعتين لهم)، وإنما هدفه هو الاستيلاء على أوكرانيا بكاملها. إنه يريد إزالة أوكرانيا كدولة مستقلة، واستعادة الاتحاد السوفياتي». وقال ياتسينيوك أيضا إن كييف لن تتفاوض مع موسكو بمفردها، وتحتاج أن تضمن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سيادة أوكرانيا، وأن ينضما للجهود لوقف الحرب التي أسفرت عن مقتل أكثر من 2700 شخص منذ أبريل (نيسان) الماضي.
وعلى الرغم من هدوء المعارك بشكل كبير في شرق أوكرانيا منذ التوقيع على هدنة قبل تسعة أيام، فإن كييف والانفصاليين الموالين لروسيا تبادلا الاتهامات حول خرق الهدنة خاصة حول مطار دونيتسك. وقال الجيش الأوكراني إن «العديد من الانفصاليين المدعومين بست دبابات شنوا هجوما على المطار يوم أول من أمس، صده الجنود ببسالة».
وفي تلك الأثناء، أرسلت روسيا قافلة كبيرة ثانية من الشاحنات المحملة بالغذاء والوقود والأدوية إلى المناطق المدمرة في شرق أوكرانيا والتي يسيطر عليها الانفصاليون، بحسب وسائل الإعلام الروسية. وقالت قناة «روسيا 24» الرسمية في شريط أخبار إن «المهمة الإنسانية الثانية حملت 2000 طن من المساعدات إلى دونباس»، المنطقة التي يسيطر عليها الانفصاليون شرق أوكرانيا. ويعد توصيل المساعدات إلى مئات آلاف المواطنين الذين يعانون من نقص في المواد الأولية والمياه والكهرباء، أحد البنود الرئيسة للهدنة الموقعة في مينسك في 5 سبتمبر (أيلول) الحالي. غير أن قافلة مساعدات مماثلة من موسكو الشهر الماضي أثارت المخاوف لدى كييف والغرب بشأن أنشطة روسيا في أوكرانيا.
وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أول من أمس عقوبات جديدة على روسيا بشأن ما قالت بروكسل إنه «سلوك غير مقبول» في أوكرانيا، في خطوة قالت موسكو إنها تهدف إلى نسف اتفاق السلام. وتستهدف العقوبات كبرى شركات الطاقة والمال والأعمال بما فيها أكبر بنك روسي ومصنع لأسلحة كلاشنيكوف، وتدرج على اللائحة السوداء عددا من حلفاء بوتين بينهم انفصاليون في أوكرانيا والقرم. وقال وزير الخزانة الأميركي جاكوب لو «هذه الخطوات تؤكد عزم المجتمع الدولي المستمر للوقوف ضد العدوان الروسي».
لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اتهم أمس الولايات المتحدة بالسعي إلى «قطع العلاقات الاقتصادية» بين موسكو والاتحاد الأوروبي. وقال لافروف كما نقل عنه بيان للخارجية الروسية في مقابلة مع قناة «تي في سنتر» الروسية إن «الولايات المتحدة تريد استغلال الوضع الراهن لقطع العلاقات الاقتصادية بين أوروبا وروسيا»، خصوصا لتفرض على الاتحاد الأوروبي شحناتها من الغاز، علما بأن سعره أعلى بكثير من سعر الغاز الروسي. واعتبر أن واشنطن تأمل في «تأمين الظروف الأكثر ملاءمة في إطار المفاوضات حول إقامة شراكة تجارية واستثمارية على ضفتي الأطلسي». وأوضح لافروف أن الولايات المتحدة تحاول عبر ذلك «أن تفرض على أوروبا شحنات الغاز المسيل الأميركية بأسعار لا يمكن أن تكون تنافسية مقارنة بأسعار الغاز الروسي».
واتهم لافروف الاتحاد الأوروبي بأنه «مستعد للتضحية باقتصاده من أجل السياسة»، مشددا على أن بروكسل كانت قررت إعداد سلسلة جديدة من العقوبات بحق روسيا في الخامس من سبتمبر، في اليوم نفسه لتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا «بفضل مبادرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل كل شيء».
وأدت العقوبات الجديدة إلى تراجع الروبل إلى مستوى قياسي، غير أن بوتين قلل من أهمية تلك العقوبات ووصفها بمساع من الغرب لزعزعة العلاقات الدولية. وستعيد بروكسل النظر في العقوبات في نهاية سبتمبر الحالي.
وفي ما يعد تنازلا لموسكو، وافق الاتحاد الأوروبي على إرجاء تطبيق اتفاق تجارة مع أوكرانيا بموجب اتفاقية شراكة أوسع تعارضها روسيا بشدة. وهددت موسكو بمنع شركات طيران تابعة للاتحاد الأوروبي من عبور أجوائها، ووضعت لائحة تستهدف سلعا استهلاكية وسيارات مستعملة مستوردة من الغرب.
ولا يزال الغرب يشكك بدرجة كبيرة في طموحات موسكو المتعلقة بالتوسع بعد أن ضمت القرم في مارس (آذار) الماضي في أسابيع الفوضى التي أعقبت الإطاحة بالرئيس الأوكراني الموالي للكرملين. ويقول كل من الحلف الأطلسي وكييف إن نحو ألف جندي روسي لا يزالون في أوكرانيا في ما وصف بأنه غزو لتعزيز التمرد الانفصالي. ويسيطر الانفصاليون الروس على مدينة دونيتسك منذ أشهر، غير أن القوات الأوكرانية تتمركز في المطار منذ معركة رئيسية في مايو (أيار) الماضي.
وتساءل وزير الخارجية السويدي كارل بيلت على «تويتر»: «هل تسعى القوات الروسية للاستيلاء على مطار دوينتسك؟». وأضاف «إذا كانت هذه هي الحالة فإن ذلك انتهاك واضح من موسكو لاتفاقية وقف إطلاق النار».
ويقول السكان المقيمون على مقربة من المطار إنه لا توجد أي هدنة حيث القصف المستمر يدمر المباني ويجبر السكان على النزول إلى الملاجئ أو الهرب. وقال عامل المناجم المتقاعد فيكتور سمولين «عندما يقصفون ويطلقون النار على النساء والمسنين كيف يمكننا أن نشعر؟ نحن نقتل هنا، ببساطة نقتل»، وكان يشير إلى مكان سقوط قذيفة اخترقت سقف مبنى يضم شققا.
وفي بادرة تصالحية هذا الأسبوع، قال الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو إنه يعتزم سن تشريع يمنح أجزاء من الشرق حكما ذاتيا مؤقتا، رغم أن الانفصاليين يقولون إنهم لا يعتزمون التخلي عن القتال من أجل استقلال كامل. ولكن مع وقوف الغرب إلى جانبه فإن بوروشينكو أظهر أيضا تصميما على إبعاد أوكرانيا أكثر عن محور روسيا، مع المصادقة الأسبوع المقبل على الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي قبل أن يزور واشنطن.



مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب كافيلاشفيلي المناهض لأوروبا رئيساً

ميخائيل كافيلاشفيلي يتلقى التهنئة في البرلمان بعد انتخابه رئيساً لجورجيا (رويترز)
ميخائيل كافيلاشفيلي يتلقى التهنئة في البرلمان بعد انتخابه رئيساً لجورجيا (رويترز)
TT

مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب كافيلاشفيلي المناهض لأوروبا رئيساً

ميخائيل كافيلاشفيلي يتلقى التهنئة في البرلمان بعد انتخابه رئيساً لجورجيا (رويترز)
ميخائيل كافيلاشفيلي يتلقى التهنئة في البرلمان بعد انتخابه رئيساً لجورجيا (رويترز)

قد تتفاقم الأزمة في جورجيا، اليوم السبت، مع انتخاب نواب حزب «الحلم الجورجي» اليميني المتطرف الحاكم مرشّحه لاعب كرة القدم السابق ميخائيل كافيلاشفيلي رئيساً، وهو شخصية موالية للحكومة التي تواجه تظاهرات مؤيدة للاتحاد الأوروبي.

وأعلن رئيس اللجنة المركزية للانتخابات جيورجي كالانداريشفيلي أنّ الهيئة الانتخابية التي يسيطر عليها حزب «الحلم الجورجي» الحاكم والتي قاطعتها المعارضة، انتخبت ميخائيل كافيلاشفيلي بـ224 صوتا كرئيس جديد للبلاد لمدة خمس سنوات. وهذا ما سيسبّب مشكلة مع الرئيسة المنتهية ولايتها سالومي زورابيشفيلي المؤيدة لأوروبا.

ونُظّمت تظاهرة حاشدة صباح السبت أمام البرلمان حيث أُجريت الانتخابات الرئاسية التي قاطعتها المعارضة.

متظاهرون خارج مبنى البرلمان في العاصمة الجورجية تبيليسي (أ.ب)

وكان كافيلاشفيلي، المعروف بتهجّمه اللاذع على منتقدي الحكومة، المرشح الرئاسي الوحيد رسميا لأن المعارضة رفضت المشاركة في البرلمان بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) وشُككت في نتيجتها، ولم ترشحّ أحدا لمنصب الرئيس.

ويتّهم المتظاهرون كافيلاشفيلي البالغ 53 عاما، بأنه دمية بين يدَي الملياردير بدزينا إيفانيشفيلي الذي جمع ثروته في روسيا وأسس حزب «الحلم الجورجي» ويحكم جورجيا من الكواليس منذ العام 2012.

وتتخبّط الدولة القوقازية في أزمة منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في 26 أكتوبر وفاز بها حزب «الحلم الجورجي» الحاكم وطعنت بنتائجها المعارضة المؤيدة لأوروبا. وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، أصدرت الحكومة قرارا أرجأت بموجبه إلى العام 2028 بدء المساعي لانضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي، وهو هدف منصوص عليه في الدستور.

واثار هذا القرار احتجاجات شعبية نظمها المؤيدون لأوروبا تخللتها صدامات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن.

ومنذ صدور القرار تشهد جورجيا كل مساء تظاهرات احتجاجية تفرّقها الشرطة باستخدام خراطيم المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع، ويردّ عليها المتظاهرون برشق عناصر الشرطة بالحجارة والألعاب النارية.

ويقول المتظاهرون إنّهم ماضون في احتجاجاتهم حتى تراجع الحكومة عن قرارها.

وللمرة الأولى منذ بدأت هذه الاحتجاجات، سارت في تبليسي الجمعة تظاهرة نهارية نظّمتها هذه التظاهرة الحاشدة قطاعات مهنية.

ودعت المعارضة التي تتّهم الحكومة باتباع نهج استبدادي موال لروسيا إلى عشرات التجمعات الاحتجاجية في العاصمة تبليسي مساء الجمعة.

الرئيسة المنتهية ولايتها سالومي زورابيشفيلي بين مؤيدين في العاصمة الجورجية (أ.ب)

* الرئيسة المنتهية ولايتها

وكانت الرئيسة المنتهية ولايتها سالومي زورابيشفيلي التي تتمتع بسلطات محدودة لكنّها على خلاف مع الحكومة وتدعم المتظاهرين، قد أعلنت أنها لن تتخلى عن منصبها إلى حين تنظيم انتخابات تشريعية جديدة.

وخلال مؤتمر صحافي عقدته الجمعة، قالت زورابيشفيلي إنّ الانتخابات الرئاسية المقررة السبت ستكون «غير دستورية وغير شرعية».

في جورجيا، صلاحيات رئيس الدولة محدودة ورمزية. لكن ذلك لم يمنع زورابيشفيلي المولودة في فرنسا والبالغة 72 عاما، من أن تصبح أحد أصوات المعارضة المؤيدة لأوروبا.

ومساء الجمعة، جرت التظاهرة أمام البرلمان في تبليسي من دون اضطرابات، على عكس الاحتجاجات السابقة التي تخللتها اشتباكات عنيفة منذ انطلقت في 28 نوفمبر.

وأوقفت السلطات خلال الاحتجاجات أكثر من 400 شخص، بحسب الأرقام الرسمية.

أوروبياً، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في رسالة مصورة إنّ فرنسا تقف بجانب «أصدقائها الجورجيين الأعزاء» في «تطلعاتهم الأوروبية والديموقراطية».

علم الاتحاد الأوروبي يتصدر مسيرة احتجاجية في تبيليسي (أ.ف.ب)

* تهديد الديمقراطية

في المقابل، حمّل «الحلم الجورجي» المتظاهرين والمعارضة المسؤولية عن أعمال العنف، مشيرا إلى أنّ التظاهرات كانت أكثر هدوءا منذ أيام، وأنّ الشرطة ضبطت كميات كبيرة من الألعاب النارية.

وأعلنت واشنطن الجمعة أنّها فرضت على حوالى 20 شخصا في جورجيا، بينهم وزراء وبرلمانيون، حظر تأشيرات متّهمين بـ«تقويض الديمقراطية».

وحتى قبل أن يُصبح كافيلاشفيلي رئيسا، شكك خبراء في القانون الدستوري في شرعية انتخابه، ومن بينهم أحد واضعي الدستور، فاختانغ خمالادزيه.

ويقول هذا الخبير الدستوري إنّ سبب التشكيك هو أنّ البرلمان صادق على انتخاب النواب خلافا للقانون الذي يقضي بانتظار قرار المحكمة بشأن طلب الرئيسة زورابيشفيلي إلغاء نتائج انتخابات أكتوبر.

وأضاف خمالادزيه لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ «جورجيا تواجه أزمة دستورية غير مسبوقة»، مشددا على أنّ «البلاد تجد نفسها من دون برلمان أو سلطة تنفيذية شرعيين، والرئيس المقبل سيكون غير شرعي أيضا».