الملف الإيراني على رأس مشاورات وزراء الخارجية الأوروبيين في بروكسل

سيكون الملف الإيراني رئيسياً على جدول أعمال وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين سيجتمعون غداً في بروكسل، وذلك على خلفية التصعيد المستمر في مياه الخليج ومراوحة الوساطة الفرنسية مكانها بعد زيارتين لكبير مستشاري الرئيس إيمانويل ماكرون إلى طهران في أقل من 3 أسابيع.
وسيوفر اجتماع بروكسل الفرصة لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان ليطلع نظراءه على تفاصيل مهمة السفير إيمانويل بون في العاصمة الإيرانية. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس ماكرون ونظيره الإيراني حسن روحاني اتفقا، في اتصال هاتفي مؤخراً على الحاجة للقيام بالخطوات الضرورية قبل الخامس عشر من الشهر الحالي لخفض التوتر. ويرتدي هذا التاريخ رمزية خاصة، إذ إنه قبل 4 سنوات، تم فيه التوقيع على الاتفاق النووي بين مجموعة الست (البلدان الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا) وإيران، الذي كان يراد منه احتواء البرنامج النووي لطهران ومنعها من الوصول إلى إنتاج السلاح النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية والمالية التي كانت مفروضة عليها بما فيها من مجلس الأمن الدولي.
إلا أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخروج منه وفرضه عقوبات قاسية على إيران ومنع التعاطي التجاري معها وحرمانها من تصدير نفطها لجلبها إلى طاولة المفاوضات مجدداً من أجل اتفاق أكثر تشدداً قلب الأمور رأساً على عقب. وجاء الرد الإيراني على شاكلة الخروج «التدريجي» من الاتفاق والتوتير الأمني والعسكري في الخليج؛ أكان ذلك بالاعتداء على 4 ناقلات في مياه الفجيرة في مايو (أيار)، أو استهداف ناقلتي نفط في خليج عُمان الشهر الماضي، وإسقاط طائرة استطلاع أميركية.
وآخر مظاهر التوتير محاولة سد الطريق الملاحية بوجه ناقلة النفط البريطانية في مضيق هرمز. وفي الجانب المقابل، عززت واشنطن حضورها العسكري في المنطقة بحراً وجواً، وأطلقت حملة لتشكيل تحالف دولي للمحافظة على حرية الملاحة في مضيقي هرمز وباب المندب. وقامت بريطانيا بدورها بتعزيز حضورها البحري بعد حادثة ناقلتها. ويراد من التحالف، وفق الرؤية الأميركية، أن يضم كثيراً من دول العالم (أوروبياً وآسيوياً وخليجياً) لمواكبة البواخر التي تبحر في أهم شريانين لإيصال النفط إلى الأسواق العالمية.
ما بين إيران وواشنطن، وجدت دول الاتحاد الأوروبي خصوصاً الثلاث الموقعة على الاتفاق نفسها في وضع حرج. فهي متمسكة بالاتفاق رغم خروج واشنطن منه. إلا أن التخلي التصعيدي لإيران من عدد من التزاماتها والامتناع عن القفز فوق سقف الـ300 كلغ من اليورانيوم ضعيف التخصيب وعن الـ1.3 طن من المياه الثقيلة والأهم عودتها إلى التخصيب فوق نسبة الـ3.67 في المائة التي يتيحها الاتفاق، فضلاً عن التهديد بالارتفاع إلى 20 في المائة وزيادة أعداد الطاردات المركزية ونشر جيل جديد منها، كل ذلك يزيد من حرج الأوروبيين.
من هنا تأتي أهمية المبادرة الفرنسية القائمة بداية على «تجميد» الوضع من خلال مبادرات يقبلها الطرفان الإيراني والأميركي. فما طرحه المبعوث الفرنسي يقوم على وقف إيران استفزازاتها ووقف تخليها عن التزاماتها وقبول العودة إلى الانصياع لنصوص الاتفاق. ومقابل ذلك، تأمل باريس أن يقبل الرئيس الأميركي التخلي عن بعض العقوبات مثل السماح لإيران بتصدير كميات محددة من نفطها من خلال «الإعفاءات» التي سبق أن أعطتها واشنطن لثماني دول حتى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بينها الصين والهند وكوريا الجنوبية وإيطاليا. وراهن الرئيس الفرنسي على علاقاته الجيدة مع نظيره الأميركي وعلى تواصل الحوار مع طهران للعب دور الوسيط. لكن المصادر المطلعة على مهمة السفير إيمانويل بون في طهران تؤكد أنه عاد «خاوي الوفاض» من مهمته الثانية في طهران، حيث التقى كبار المسؤولين باستثناء المرشد الأعلى خامنئي.
وتقول الأوساط الفرنسية إن باريس «مستمرة في مهمتها» وهي تنطلق من حاجة الطرفين إلى وسيط. كما تؤكد أن طهران مرحبة بها. وترى باريس أن خطة إيران التصعيدية تستهدف دفع الأوروبيين للتحرك والاستجابة للمطلب الإيراني الأول والرئيسي، وهو تمكين طهران من الالتفاف على العقوبات الأميركية.