قائد البيشمركة في محور كركوك: لا «داعش» ولا أي قوة أخرى تستطيع دخول المنطقة

محمد حاج محمود رئيس الحزب الاشتراكي الكردستاني يؤكد لـ {الشرق الأوسط} أن الأكراد عززوا مكانتهم دوليا وفقدوها في العراق

محمد حاج محمود
محمد حاج محمود
TT

قائد البيشمركة في محور كركوك: لا «داعش» ولا أي قوة أخرى تستطيع دخول المنطقة

محمد حاج محمود
محمد حاج محمود

يواصل محمد حاج محمود، رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني وأحد القادة الأكراد الميدانيين، الإشراف على محور كركوك في مواجهة البيشمركة مع مسلحي «داعش»، بعد أن كلف في نهاية يونيو (حزيران) الماضي من قبل رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بقيادة هذا المحور المهم للأكراد.
وقال حاج محمود الذي يعد أحد قياديي البيشمركة القدامى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «انقلبت موازين القوى على كل الجبهات لصالح قوات البيشمركة، يوما بعد يوم تحقق قواتنا انتصارات كبيرة، وفي المقابل تتقلص قوة (داعش) وينسحب مهزوما من ساحات القتال. الأكراد استطاعوا الاستفادة من الدعم الدولي ومن الأسلحة التي وصلت إلى أيدي البيشمركة في استعادة زمام المبادرة لصالحهم، أما بالنسبة إلى محور كركوك الذي أشرف عليه، فالبيشمركة منذ اللحظة الأولى للمعركة استطاعت أن تقوي جبهاتها وخطوطها الأمامية، بحيث لا تستطيع أي قوة، سواء كانت (داعش) أو غيرها، دخول هذه المنطقة».
ودعا حاج محمود دول العالم إلى تزويد الأكراد بأسلحة متطورة وثقيلة وأقوى من الأسلحة التي كان الجيش العراقي تسلمها من القوات الأميركية، وقال: «(داعش) استولى على سلاح الجيش العراقي المتطور، ونحن نحتاج إلى أسلحة أكثر تطورا منها لردع (داعش) ودحره، أما بالنسبة إلى الأسلحة التي وصلت إلى البيشمركة، فهي مختلفة الأنواع، من ثقيلة ومتوسطة وخفيفة، هناك مدرعات ومدافع والكثير من الأسلحة الأخرى، لكن نحن نحتاج إلى كميات أكبر في معركتنا ضد (داعش)».
وبالنسبة للمدة التي من المتوقع أن تستمر فيها هذه المعارك مع «داعش» يرى القيادي الكردي أن «جزءا كبيرا من هذه الحرب مرتبط بتشكيل الحكومة العراقية، فإذا شارك السنة مشاركة حقيقية في الحكومة العراقية، فحينها سينعزل (داعش) لأنه كما تعلمون يتلقى الآن دعمه الرئيس من القرى العربية التي تشكل حاضنة لمسلحيه، وأبناء القرى العربية يشكلون نسبة كبيرة من مقاتلي (داعش)، وأكثر هؤلاء يقاتلون الآن البيشمركة في جلولاء وزمار والكوير».
وبالنسبة للوضع الأمني في كركوك، أوضح حاج محمود أن «الوضع الأمني في كركوك مستتب، وقوات البيشمركة منذ البداية أعدت نفسها للدفاع في هذه الجبهة، وهاجم (داعش) مرات كثيرة محور كركوك، وتصدت قوات البيشمركة لكل هذه الهجمات وكبدت هذا التنظيم المتطرف خسائر كبيرة، لأننا كما ذكرت بنينا خطا دفاعيا قويا يبدأ من منطقة دبس ومرورا بطوزخورماتو ومكتب خالد وتل ورد وملا عبد الله والمناطق المهمة الأخرى على هذا الخط».
وحول إمكانية انسحاب البيشمركة من كركوك والمناطق المتنازع عليها الأخرى، قال حاج محمود: «المناطق التي توجد فيها قوات البيشمركة سلمت من قبل القوات العراقية لمسلحي (داعش)، وقوات البيشمركة استعادتها، ولولا وجود البيشمركة لكانت كركوك الآن تحت سيطرة (داعش). وبحسب الدستور العراقي، تتولى قوات البيشمركة والقوات العراقية الملف الأمني في هذه المناطق بشكل مشترك، إلى حين إجراء الاستفتاء على مصير هذه المناطق»، مؤكدا على أن قوات البيشمركة «لن تنسحب من كركوك والمناطق الكردستانية الأخرى».
وتابع حاج محمود أن الأكراد حققوا مكانة دولية بسبب مواجهتهم مع «داعش» وقال: «أصبح العالم يتعامل اليوم مع قوات البيشمركة بوصفها قوات وطنية تقف ضد الإرهاب، ويعد هذا نصرا كبيرا للأكراد، ونلاحظ يوميا وصول مساعدات عسكرية دولية إلى قوات البيشمركة بشكل علني وواسع، لذا يجب على الكرد أن يتعاملوا مع هذه التغييرات والأحداث بشكل عقلاني، وعدم السباحة بعكس التيار».
وبسؤاله عن الأخطار التي تحدق الآن بالأكراد في العراق، أجاب حاج محمود: «تنظيم داعش يشكل خطرا على الأكراد بالدرجة الأولى، فهو يهدد الشعب الكردي بالإبادة، وهذا ما رأيناه». وتابع: «بعد أن سيطر هذا التنظيم على المناطق السنية كان من المتوقع أن يتوجه صوب بغداد، لكنه غير اتجاهه وبشكل مفاجئ نحو إقليم كردستان. حقيقة تراودني شكوك من هذا التغيير المفاجئ لـ(داعش). أنا لا أستبعد أن تكون الحكومة العراقية هي الداعم الرئيس للتنظيم، وإلا فلماذا غير (داعش) اتجاهه؟».
من ناحية ثانية، وصف حاج محمود مشاركة الكرد في الحكومة الاتحادية الجديدة برئاسة حيدر العبادي بـ«الضعيفة» وقال: «الأكراد فقدوا مكانتهم في العراق»، مشيرا إلى أن العبادي «أعلن عن برنامجه الحكومي أمام مجلس النواب، ولم يوافق مجلس النواب على طلب الكرد بتأجيل الجلسة لنصف ساعة».
ونفى حاج محمود وجود أي ضغط أميركي على الجانب الكردي للمشاركة في الحكومة، مبينا: «لم يكن هناك أي ضغط أميركي، لكن أميركا قدمت مقترحا إلى الجانب الكردي، والأكراد وافقوا على المقترح، وكما ذكرت نحن لم نكن ننوي المشاركة في الحكومة الاتحادية، لكن إن كان قرار المشاركة بيدي لقررت عدم المشاركة، لأنهم لم ينتظرونا وأعلنوا عن الحكومة في غيابنا. نحن نستطيع أن نتحمل هذه الأزمة، فكما تحملنا حصار بغداد خلال الأشهر الثمانية الماضية كنا نستطيع أن نتحمل هذا الحصار لثمانية أشهر أخرى أيضا».
واستبعد القيادي الكردي أن يحقق العبادي كل مطالب الكرد: «وسنقول نوري المالكي كان أفضل من العبادي»، لكنه يرى أن العرب السنة «سيستفيدون من هذه الحكومة خلال السنوات المقبلة، وأتوقع تدهور العلاقات بين الأكراد والسنة، وزيادة حدة المشاكل بين هذين المكونين، لأن المكون السني يطالب بكركوك وخانقين وسنجار». ورجح تقسيم العراق إلى 3 أقاليم كونفدرالية: كردي وسني وشيعي، وتابع: «الحل الأمثل لهذا البلد هو تقسيمه إلى كونفدراليات، وإلا فستستمر الفوضى الحالية وستتوسع خلال الأعوام المقبلة».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».