المقاتلون السوريون يقتربون من سيطرة كاملة على «القنيطرة».. والنظام يستخدم الغازات السامة

مقتل وإصابة نحو 50 عنصرا من «داعش» في قصف للطيران الحربي على دير الزور

المقاتلون السوريون يقتربون من سيطرة كاملة على «القنيطرة».. والنظام يستخدم الغازات السامة
TT

المقاتلون السوريون يقتربون من سيطرة كاملة على «القنيطرة».. والنظام يستخدم الغازات السامة

المقاتلون السوريون يقتربون من سيطرة كاملة على «القنيطرة».. والنظام يستخدم الغازات السامة

باتت المعارضة السورية، وعلى رأسها «جبهة النصرة»، تسيطر على غالبية الجانب السوري من هضبة الجولان التي تحتل إسرائيل أجزاء منها، في محافظة القنيطرة في جنوب سوريا، بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس. وأفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بمقتل 8 مدنيين في حي جوبر بدمشق نتيجة استخدام النظام الغازات السامة.
بينما لقي ما لا يقل عن 8 مقاتلين من تنظيم «داعش» مصرعهم وأصيب أكثر من 40 آخرين جراء قصف الطيران الحربي على دير الزور، وفق المرصد، مشيرا إلى أنهم سقطوا في منطقة بالقرب من منجم الملح بالريف الغربي لمدينة دير الزور، حيث استهدفت النظام معسكرا يدرب فيه التنظيم مقاتليه. وقال «مكتب أخبار سوريا» إنه سجّل، أمس، تحليقا غير مسبوق لطائرات من دون طيّار تابعة لـ«داعش» في دير الزور والرقة.
وتمكنت المعارضة منذ أواخر أغسطس (آب) الماضي من السيطرة تباعا على مناطق في محافظة القنيطرة، لا سيما المعبر الحدودي مع الجزء الذي تحتله إسرائيل منذ عام 1967. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية «النظام يتقهقر أمام جبهة النصرة والكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة، وبات قاب قوسين من فقدان سيطرته على كامل الجولان المحرر». وأضاف عبد الرحمن أن هذه المحافظة «قد تصبح قريبا المحافظة الثانية التي تخرج عن سيطرة النظام السوري» منذ اندلاع النزاع في البلاد قبل أكثر من ثلاثة أعوام، بعدما بات تنظيم «داعش» المتطرف يسيطر على كامل محافظة الرقة (شمال).
وأوضح أن جبهة النصرة ومقاتلين معارضين كانوا قد سيطروا الجمعة «على قرية الرواضي وبلدة الحميدية الواقعة في الجولان السوري المحرر، عقب اشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها»، وبذلك «يكون النظام قد فقد السيطرة على نحو 80 في المائة من قرى وبلدات ريف القنيطرة». وبحسب المرصد، لا يزال النظام يسيطر على مدينة خان ارنبة ومدينة البعث وبلدتي الخضر وجبا، إضافة إلى مقر «اللواء 90»، وهو لواء عسكري منتشر في المنطقة. وأشار المرصد إلى أن القوات النظامية والمسلحين الموالين لها «يحاولون باستماتة استعادة السيطرة على المناطق التي فقدوها في ريف القنيطرة».
وحقق مقاتلو المعارضة تقدما في الفترة الماضية في المحافظة، وسيطروا على معبر القنطيرة الحدودي في 27 أغسطس. وأفرجت جبهة النصرة الخميس عن 45 جنديا فيجيا من قوة حفظ السلام، كانت قد اختطفتهم غداة سيطرتها على المعبر.
وتحتل إسرائيل منذ 1967 نحو 1200 كيلومتر مربّع من هضبة الجولان السورية التي أعلنت ضمها في قرار لم يعترف به المجتمع الدولي. وتبلغ مساحة الجزء غير المحتل نحو 512 كيلومترا مربعا.
وفي حين استمرّت الاشتباكات على أطراف حي جوبر في دمشق، بين النظام والجيش الحر، في محاولة منه لاستعادة النقاط التي خسرها وبخاصة حاجز عارفة بالقرب من ساحة العباسين في دمشق، أفاد ناشطون بأن أكثر من 30 شخصا أصيبوا في الحي بحالات اختناق وضيق في التنفس واحمرار في العينين ودوران، حيث رجح أطباء أن تكون تلك الغازات مادة الكلورين. وهي هذه المرة الرابعة التي يتعرض فيها حي جوبر الدمشقي للاستهداف بالغازات السامة منذ تم الإعلان عن سحب ترسانة السلاح الكيماوي وتدميرها، وفق ما أشارت إليه مواقع تابعة للمعارضة. وكان 5 قتلى والعديد من الاختناقات سقطوا في حي جوبر جراء استهداف الحي بالغازات السامة، وذلك عشية ذكرى استهداف النظام لغوطتي دمشق بالغازات السامة في أغسطس 2013. وذكر «مكتب أخبار سوريا» أنّه سجّل أمس تحليقا غير مسبوق لطائرات من دون طيار فوق دير الزور والرقة. وأكد مصدر عسكري في «داعش» للمكتب أن هذه الطائرات تابعة للتنظيم، كاشفا أنه استولى عليها من ثكنات عسكرية في العراق ونقلها إلى سوريا، موضحا أنه يستخدمها للرصد.
إلى ذلك، واصل الطيران الحربي السوري قصف مناطق عدة من البلاد تسيطر عليها المعارضة. وأفاد المرصد بأن الطيران شن عشر غارات على الأقل على مناطق في ريف إدلب (شمال غرب)، استهدفت ثلاث منها كلا من مدينة معرة النعمان وبلدة كفروما. كما شن الطيران ثماني غارات على بلدة كفر زيتا في ريف حماه (وسط)، وأربع غارات على حي جوبر في شرق دمشق، حيث تحاول القوات النظامية التقدم على حساب مقاتلي المعارضة.
وفي حلب، ألقى الطيران المروحي برميلا متفجرا على منطقة في حي الحيدرية، وقصف مناطق في بلدة مسكنة بالريف الشرقي، ومناطق أخرى في قرية الجعابات القريبة من بلدة مسكنة والتي يسيطر عليها «داعش»، .



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.