كيري: نتفق مع مصر في رؤيتها لمكافحة الإرهاب

أكد أن العلاقات مع القاهرة استراتيجية و«إن اختلفنا في بعض الأمور»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي جون كيري بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري في القاهرة أمس (ا.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي جون كيري بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري في القاهرة أمس (ا.ب)
TT

كيري: نتفق مع مصر في رؤيتها لمكافحة الإرهاب

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي جون كيري بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري في القاهرة أمس (ا.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي جون كيري بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري في القاهرة أمس (ا.ب)

قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، عقب مباحثاته مع نظيره الأميركي جون كيري، إنهما بحثا مواجهة «داعش» في العراق وسوريا، والعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، كما اتفقا على استمرار التشاور لخدمة مصالح البلدين وعلى قاعدة الاحترام المتبادل. فيما أكد كيري أن العلاقات مع القاهرة استراتيجية و«إن اختلفنا في بعض الأمور»، مشيرا إلى الاتفاق مع مصر في رؤيتها لمكافحة الإرهاب.
وأكد شكري أنه «لكل من مصر وأميركا تأثيرها على مستوى العالم، وكل لديه التأثير الإيجابي لكثير من القضايا الملحة التي تخدم المنطقة، خاصة القضية الفلسطينية». ولفت شكري إلى أنه كان هناك توافق على أهمية استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية التي تفضي إلى إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، مشيرا إلى أن هناك اتفاقا في الرأي على أهمية حل هذه المشكلة لتحقيق الاستقرار وإزالة الكثير من أسباب التوتر على المستوى الإقليمي والدولي. كما أوضح شكري أن هناك فرصا في المستقبل لمواصلة العمل المشترك من أجل مصلحة البلدين.
بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن العلاقات بين البلدين تفتح الباب لمزيد من العمل الثنائي، وإنه قد بحث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والوزير سامح شكري موضوع التحالف الدولي للقضاء على «داعش»، وعددا من القضايا المهمة والمعقدة، والتي تشمل أيضا الملف النووي الإيراني والوضع في ليبيا. وأضاف كيري «لقد التقيت كذلك مع الدكتور نبيل العربي، وبحثنا الوضع الأمني في ليبيا، والعلاقة بين مصر وأميركا والتي لها تأثير على المنطقة برمتها». وتابع «لقد عبرنا للرئيس عبد الفتاح السيسي عن رغبتنا في رؤية مصر التي يعمل من أجلها للانتهاء من المرحلة الانتقالية، حيث يقوم بعملية إصلاحات سياسية وإجراء انتخابات برلمانية والعمل على دعم حقوق الإنسان». وقال كيري «نتعهد بدورنا بالعمل مع مصر لخدمة مصالحنا الاستراتيجية المشتركة، ولقد عبرت للرئيس السيسي والوزير شكري عن رغبتنا أيضا في التواصل للعمل من أجل اتفاق دائم لوقف إطلاق النار في غزة، نحن وحلفاؤنا. وسوف نناقش في القاهرة خلال اجتماع مقبل كل القضايا التي تعطل هذا الأمر».
وحول الموضوع الليبي، قال كيري «نحن ندعم الحكومة المنتخبة والبرلمان، وسوف تستمر المساعي للتوصل إلى تسوية للأزمة الليبية من خلال حوار بين الليبيين الذين يجب أن يقرروا مصيرهم»، مشددا على أن الانتخابات أجريت ومعروف نتائجها و«يجب أن تحترم». وأضاف كيري أن مباحثاته في القاهرة ركزت على العمل ضد الإرهاب والتطرف من أجل دعم الحكومة المصرية، و«قد سلمنا مصر عشر طائرات (أباتشي) لمواجهة الإرهاب الذي ينتشر كالنار في الهشيم». ثم عاد كيري ليتحدث عن مخاطر تنظيم داعش قائلا إن «هذا التنظيم الذي أظهر وحشية لا حدود لها يدعي أنه يحارب باسم الإسلام؛ وهو لا علاقة له بالإسلام. لأن الإسلام لا يحض على الكراهية ويرفضها. ولقد سمعت هذا من القادة الذين التقيت بهم وفي العواصم التي قمت بزيارتها، وأيضا خلال اجتماع جدة». وأشار كيري إلى أن جميع دول التحالف لديها هدف واحد هو الحرب على «داعش» والإرهاب، وأن مصر كعاصمة ثقافية وعبر مؤسساتها الفكرية والدينية يمكن أن تلعب دورا من خلال الأزهر الشريف ودار الإفتاء. وتحدث كيري عن الحرب على «داعش» في العراق قائلا إن الرئيس الأميركي باراك أوباما سوف يقوم بسلسلة من الجهود لتوفير الدعم العسكري، وإن الأمر لا يتعلق بخيار عسكري فقط، وإنما بالعمل الإنساني، مثل وقف تدفق المقاتلين الأجانب، وكذلك التمويل. وأكد كيري أن مصر والجامعة العربية دعمتا التحالف الدولي ضد الإرهاب، وبحثتا السبل التي تمكن من تسريع الخطى بين الشركاء الدوليين والعرب لدعم الحكومة العراقية الجديدة. وقال «بحثنا مع الرئيس السيسي الخطى التي نقوم بها لمساعدة العراق»، مشيرا كذلك إلى اجتماع باريس الذي يعقد خلال أيام لتحديد الخطوات المقبلة للحرب على الإرهاب و«داعش» في العراق ودعم الحكومة العراقية. وأكد أن «داعش» لن يكون له مكان في العالم المعاصر، لافتا إلى أهمية العمل والتشاور خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة للتركيز على استقرار العراق والقضاء على «داعش» باعتباره هدفا سيتم وضعه نصب أعين كل المجتمع الدولي لإلحاق الهزيمة به أينما وجد.
وردا على سؤال حول مستقبل العلاقة الاستراتيجية بين مصر وأميركا، قال كيري «تعلمون أنني كنت عضوا في مجلس الشيوخ لمدة 29 عاما، وجئت إلى القاهرة كثيرا. ومصر تشكل ربع سكان العالم العربي، وهي عاصمة ثقافية وفكرية لها دورها وتلعب دورا مهما في المنطقة العربية وعلى الصعيد العالمي». كما أشار إلى المرحلة التي مرت بها مصر من أجل التغيير، وقال إن «مصر حليف مهم في مجال الأمن القومي وقد أبرمت اتفاق سلام مع إسرائيل. واليوم تعمل من أجل دعم السلام في المنطقة».
وبدوره، قال شكري إن مصر تضطلع بمسؤوليتها في مجال دعم الأمن والاستقرار الدولي وخلق أطر لاحتياجات التنمية وبناء الدولة العصرية والديمقراطية. وأشاد بنتائج اجتماعات جدة التي وضعت التصور بين الشركاء لمقاومة الإرهاب و«داعش» ومناهضة هذا التطرف الذي يتخذ من الإسلام غطاء، وهو في الحقيقة يعمل من أجل مكاسب خاصة ويقوم بأساليب وحشية وضد مصالح الشعوب.
وأكد شكري أنه سيتم التعاون من أجل مكافحة الإرهاب. وردا على سؤال بشأن صلة «داعش» بتنظيم أنصار بيت المقدس، قال شكري «نرصد العلاقة، وهذا الفكر مرتبط بمختلف الصور مع كل التنظيمات الإرهابية والتي لا تعترف بالفكر القومي للأوطان»، مؤكدا أن «العمل على مكافحة الإرهاب مسؤولية كل المجتمع الدولي».
وردا على سؤال لجون كيري حول صحافي الجزيرة المعتقل في مصر، قال كيري إن «حقوق الإنسان تعد مصدر قلق، وكذلك قانون التظاهر. وقد تحدثنا مع الرئيس السيسي وكذلك مع الوزير شكري، والقضاء في مصر مستقل، والمصريون أنفسهم سوف يناقشون هذه المسائل. والحكومة المصرية تأخذ الأمر على محمل الجد، ونحن ننظر كيف تسير الأمور خلال الأشهر المقبلة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.