وائل كفوري يفتتح «مهرجانات أعياد بيروت» ويصفها بـ«أحلى السهرات»

وائل كفوري قدم مجموعة من أغانيه القديمة والجديدة
وائل كفوري قدم مجموعة من أغانيه القديمة والجديدة
TT

وائل كفوري يفتتح «مهرجانات أعياد بيروت» ويصفها بـ«أحلى السهرات»

وائل كفوري قدم مجموعة من أغانيه القديمة والجديدة
وائل كفوري قدم مجموعة من أغانيه القديمة والجديدة

بحضور جمهور غفير وافاه إلى منطقة البيال لافتتاح أولى سهرات «مهرجان أعياد بيروت»، وقف وائل كفوري على خشبة المسرح ينثر عليه حفنات من الحب كزخات المطر التي تنعش الأجواء في عزّ الصيف.
وكما من لبنان وسوريا والعراق، سجّلت حفلة كفوري مساء أول من أمس امتداداً استثنائياً لجمهور متعدد الجنسيات، تلون أيضاً بمحبيه من الخليج والمغرب العربيين فحملوا له باقات الورود تعبيراً عن إعجابهم الكبير به. وبدا سعيداً بملاقاته من قلب بيروت في سهرة وصفها صاحب لقب «ملك الإحساس» بـ«أحلى السهرات».
ولم يبخل وائل كفوري على الحضور بأداء أغانٍ طالب بها من ناحية، ولا في التقاط صور «سيلفي» معه من ناحية ثانية. فكان ينحني على الخشبة مرة وينزل عنها مرات أخرى من أجل تلبية رغبة جمهور حلم في لقائه، وفي حمل ذكرى جميلة منه يستذكرونها بسرور في كل مرة يتفرجون على الصورة التي تجمعهم به.
ومنذ اللحظات الأولى لإطلالته على مسرح «أعياد بيروت»، بدا وائل كفوري مختلفاً بعد أن شذ عن قاعدة ارتدائه اللباس الرسمي مع ربطة العنق والجاكيت، التي اعتاد عليها في جميع حفلاته: «أشعر بأنني غريب في هذه الأزياء الـ(سبور) (قميص قطني وبنطال أسود)، التي أرتديها لأول مرة في واحدة من حفلاتي».
وبعد دقائق من الهرج والمرج، سادت الأجواء هتافات الشوق والحب من قبل جمهور يستقبله للسنة السادسة على التوالي على هذه الخشبة بالصفير، وبحمل يافطات الإعجاب والحب، بدأ وائل كفوري يغرّد بصوته الشجي أجمل أغانيه في وصلات طربية تنصّل في غالبيتها من الميكروفون. فكان يحمله بين يديه وكأنه بمثابة إكسسوار لا يقرّبه من ثغره إلا مرات قليلة، نظراً للصوت الصادح والقوي الذي يتمتع به.
وراح كفوري يقلّب في دفاتر نجاحات مسيرته الفنية التي لفتت العالم العربي منذ بدايته حتى اليوم. فاختار مجموعة من أغانيه القديمة والجديدة معا ليقدمها برفقة فرقته الموسيقية العازفة مباشرة على المسرح. وأدى «يا ضللي يا روحي» و«لو وعدتك بنجوم الليل» و«لو حبنا غلطة» و«حكم القلب» و«سألوني» وغيرها، بعد أن لوّن برنامجه الغنائي بعملين للراحل وديع الصافي («بتحبني وشهقت بالبكي» و«رح حلفك بالغصن يا عصفور»)، إضافة إلى مواويل «عتابا» و«ميجانا» ألهب فيها أجواء حفل اتسم بالغناء الأصيل. كما اختار من جديده «استشبهت فيكي» و«ولاد الحرام» التي بدت وكأنها من «ريبيرتوار» غنائي سابق له بعد أن حفظها جمهوره عن ظهر قلب، وراح يرددها معه بكلماتها وألحانها مع أنه لم يمض على إطلاقه لها سوى فترة زمنية قصيرة. ووائل الذي يستعد لإحياء أولى حفلاته الغنائية في السعودية مساء غد الـ14 من الشهر الحالي على مسرح مدينة الملك عبد الله الرياضية، عبّر أكثر من مرة عن إعجابه بجمهور «أعياد بيروت»، بعد أن كان يطالب فرقته الموسيقية بإيقاف العزف للاستماع إلى الآلاف من الحضور يرددون كلمات أغانيه بحماس، ومن دون كلل. كما أعاد إلى اللبنانيين أجواء الرومانسية التي يفتقدونها في ظل أحداث ومشكلات سياسية وميدانية واقتصادية تشهدها البلاد في الفترة الأخيرة. فأزاح عنهم، ولمدة ساعتين متواصلتين، ثقل همومهم اليومية بعد أن نقلهم إلى عالم الموسيقى والحب والأحلام. فهو من الفنانين الذين يجيدون بأغانيهم ترجمة المشاعر والأحاسيس الجياشة، رغم مشكلات عاطفية يمرون بها، خصوصاً أنه كان قد تم الإعلان مؤخراً عن انفصاله رسمياً عن زوجته.
ومع أغانٍ مشهورة له كـ«أنا أخدت القرار» و«صرنا صلح» التي كان ينشدها بحماس لافت، و«لو وعدتك بنجوم الليل» التي رقص على أنغامها، هي التي لا تزال تحفر في ذاكرة محبيه، رغم أنها تطبع بداياته، اختتم كفوري حفله وقد لونه بين الفينة والأخرى بمقاطع من أغنيته الجديدة «استشبهت فيكي». وبعدها ألقى تحية الوداع على جمهور واسع جاء من كل حدب وصوب كي يثلج قلبه بأداء فنان لا يشبه غيره على الساحة الفنية العربية، متمنياً ملاقاته العام المقبل في المكان والزمان نفسهما.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».