ارتفاع فوق المتوقع لأسعار المستهلكين الأميركيين

TT

ارتفاع فوق المتوقع لأسعار المستهلكين الأميركيين

سجلت أسعار المستهلكين الأساسية في الولايات المتحدة أكبر زيادة في نحو عام ونصف العام في يونيو (حزيران) الماضي، وسط ارتفاعات قوية في تكاليف مجموعة من السلع والخدمات، لكنها على الأرجح لن تغير توقعات خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) لأسعار الفائدة هذا الشهر.
وقالت وزارة العمل الأميركية الخميس إن مؤشرها لأسعار المستهلكين الذي يستثني مكونات الغذاء والطاقة ارتفع 0.3 في المائة الشهر الماضي، مسجلا أكبر زيادة منذ يناير (كانون الثاني) 2018، وبعد أن حقق أربعة ارتفاعات شهرية متتالية بنسبة 0.1 في المائة.
ويلقى ما يُطلق عليه مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي الدعم من زيادات قوية في أسعار الملابس والسيارات والشاحنات المستعملة وكذلك الأثاث المنزلي. كما ارتفعت تكلفة الرعاية الصحية والإيجارات. وفي اثني عشر شهرا حتى يونيو، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي 2.1 في المائة بعد أن صعد اثنين في المائة في مايو (أيار) السابق.
وارتفع المؤشر العام لأسعار المستهلكين 0.1 في المائة الشهر الماضي، إذ كبحه انخفاض أسعار البنزين وأسعار الأغذية، بعد ارتفاعه 0.1 في المائة أيضا في مايو. وزاد المؤشر 1.6 في المائة على أساس سنوي في يونيو بعد أن ارتفع 1.8 في المائة في الشهر السابق.
وكان خبراء اقتصاد استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا أن يظل مؤشر أسعار المستهلكين دون تغيير في يونيو، وأن يرتفع 1.6 في المائة على أساس سنوي.
ومن جهة أخرى، انخفض عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات للحصول على إعانة البطالة إلى أدنى مستوياته في ثلاثة أشهر الأسبوع الماضي، مما يشير إلى استمرار قوة سوق العمل بما قد يسهم في دعم الاقتصاد المتباطئ.
وقالت وزارة العمل الأميركية الخميس إن الطلبات الجديدة للحصول على إعانة البطالة الحكومية تراجعت 13 ألفا إلى مستوى معدل في ضوء العوامل الموسمية بلغ 209 آلاف طلب للأسبوع المنتهي في السادس من يوليو (تموز). وجرى تعديل بيانات الأسبوع السابق لتظهر زيادة قدرها ألف طلب فوق المعلن من قبل.
وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا ارتفاع عدد الطلبات إلى 223 ألفا الأسبوع الماضي.
وانخفض المتوسط المتحرك لأربعة أسابيع، الذي يُعد مؤشرا أدق لسوق العمل لأنه يستبعد التقلبات الأسبوعية، بمقدار 3250 طلبا إلى 219 ألفا و250 طلبا الأسبوع الماضي.
ولا توجد حتى الآن أي مؤشرات على زيادة في تسريح العمال نتيجة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتي ساهمت في قتامة آفاق الاقتصاد وزادت توقعات خفض أسعار الفائدة هذا الشهر للمرة الأولى في عشر سنوات.
وأظهر التقرير أن عدد الأشخاص الذين ما زالوا يتلقون إعانات البطالة بعد الأسبوع الأول زاد 27 ألفا إلى 1.72 مليون في الأسبوع المنتهي في 29 يونيو، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) الماضي. وارتفع متوسط أربعة أسابيع لما يعرف باسم الطلبات المستمرة بمقدار 5750 طلبا، إلى 1.69 مليون طلب.
وفي غضون ذلك، قال محللون في «بنك أوف أميركا - ميريل لينش» إن من المرجح أن يخفض مجلس الفيدرالي أسعار الفائدة الأميركية الرئيسية في الاجتماع القادم للجنته للسياسة النقدية نهاية الشهر الحالي بمقدار ربع نقطة مئوية، مع فرصة لخفض قدره 50 نقطة أساس.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»