تونس: الحسابات الانتخابية تفاقم خلافات حزب الشاهد و«النهضة»

TT

تونس: الحسابات الانتخابية تفاقم خلافات حزب الشاهد و«النهضة»

أصدر عدد من القياديين في حزب «تحيا تونس»، الذي يتزعمه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، والنهضة (إسلامي) برئاسة راشد الغنوشي تصريحات متباينة تؤكد تفاقم الخلافات بين قيادات الحزبين الكبيرين في الائتلاف الحكومي الحالي. وهو ما جعل بعض المراقبين يربطون بين هذه المستجدات والتصريحات التي أدلى بها مؤخراً الوزير السابق عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى حزب النهضة، قال فيها إن قيادة حزبه تناقش شروطها لتجديد ثقتها في حكومة الشاهد.
موضحاً أن قيادة «النهضة» تتفاوض مع الشاهد حول احترامه لالتزامات سابقة قدمها للحركة، وفي مقدمتها عدم توظيف مؤسسات الدولة لأغراض حزبية وانتخابية، واحترام حياد الإدارة في العملية الانتخابية القادمة.
ومباشرة بعد صدور هذه التصريحات، رد البرلماني وليد جلاد، أحد أبرز القيادات في حزب الشاهد، على الهاروني بلهجة حادة، واتهمه ورفاقه في قيادة النهضة بمحاولة «التحامل» على رئيس الحكومة يوسف الشاهد بسبب المنشور، الذي أصدره قبل أيام ومنع فيه النقاب داخل المؤسسات العمومية والإدارات.
وانضم لهذا الخلاف بعض العلمانيين المناصرين لرئيس الحكومة، حيث اتهموا قياديين في حركة النهضة بالاصطفاف وراء التيار السلفي المعارض لمنع النقاب، وذلك بهدف توسيع قاعدتهم الانتخابية، ومحاولة كسب أصوات الناخبين المحافظين والمتعاطفين مع بعض المشايخ السلفيين الناشطين سياسياً، مثل عادل العلمي، وبعض أئمة المساجد، وإذاعة القرآن الكريم التي تتهمها الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري بخدمة أجندات السلفيين.
وكان كتاب وقياديون من النهضة، وبعض أنصارها مثل الشاعر البحري العرفاي، والبرلماني العجمي الوريمي، قد عارضوا بطريقتهم منع النقاب، وذلك من منطلق الدفاع عن الحريات العامة والفردية، وبينها حرية اللباس بالنسبة للمرأة، وحذروا أن تكون الخطوة القادمة هي منع الحجاب وليس النقاب فقط، تحت مبررات أمنية.
وفي خضم هذا الجدل، يتوقع بعض المراقبين أن يؤدي قرار منع النقاب إلى نوع جديد من الاصطفاف الآيديولوجي الانتخابي، بين تيار حداثي علماني، بزعامة يوسف الشاهد وحزبه وحلفائه، وتيار آخر يعطي الأولوية للهوية وللخصوصيات الثقافية والدينية، بزعامة قيادات حركة النهضة.
ويذكر هذا الاصطفاف بالمعركة، التي اندلعت العام الماضي بعد مصادقة الرئيس على مشروع المساواة في الإرث بين الجنسين، والذي تقدمت به لجنة علمية، تزعمتها المحامية والحقوقية العلمانية بشرى بالحاج احميدة. لكن عبد الكريم الهاروني أورد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تصريحاته حول شروط حركة النهضة خلال تفاوضها مع رئيس الحكومة وحزبه ليست جديدة، بل تعود إلى الشهر الماضي، وذلك بمناسبة اجتماع موسع لكوادر الحركة لمناقشة مشروع استراتيجية اقتصادية تنموية وطنية، تمتد إلى عام 2030.
واستبعد الهاروني أن تطلب حركة النهضة من يوسف الشاهد الاستقالة من رئاسة الحكومة حتى يتفرغ لحملته الانتخابية. لكنه أكد في المقابل أن حركته طالبته باحترام قاعدة تكافؤ الفرص بين المترشحين للبرلمان والرئاسة، وبعدم توظيف مؤسسات الحكم في السباق الانتخابي.
في السياق نفسه، فنّد البرلماني كريم الهلالي، قيادي حزب «تحيا تونس» فرضية إقدام قيادات «النهضة» على إعلان القطيعة اليوم مع يوسف الشاهد وحزبه، في مرحلة تزايد فيه تأثير خصومهم العلمانيين على سير الانتخابات، وبينهم رجل الأعمال نبيل القروي والمحامية عبير موسى، التي طالبت القضاء بحظر أنشطة حزب النهضة، ومحاكمة قياداته بتهمة دعم الإرهاب سياسياً.
ورجح الهلالي أن يتواصل التحالف الاستراتيجي بين حزبي الشاهد والنهضة حتى موعد الانتخابات المقبلة. وعلى ضوء نتائج هذه الانتخابات سوف يتم فتح مفاوضات جديدة بين الأحزاب الفائزة بالمراتب الثلاث الأولى، مرجحاً أن يكون بينها حزبا «تحيا تونس» و«النهضة».
في المقابل، أكد مصطفى بن جعفر، رئيس المجلس الوطني التأسيسي والرئيس الشرفي لحزب «التكتل» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن استقالة يوسف الشاهد من الحكومة محتملة إذا قرر الترشح للرئاسة. مبرزاً أن الدستور يسمح للشاهد بتعيين أحد الوزراء بمهمة رئاسة الحكومة مؤقتاً، وبتعويضه «عند الضرورة». ويمكن اعتبار الترشح للرئاسة والمشاركة في الحملة الانتخابية البرلمانية لحزبه واحدة من الضرورات.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.