انتقادات لإقليم كردستان جراء عدم التزامه تسليم حصته من النفط إلى بغداد

العراق يوافق على إنشاء خط نفط رميلة ـ عقبة بطاقة مليون برميل يومياً

TT

انتقادات لإقليم كردستان جراء عدم التزامه تسليم حصته من النفط إلى بغداد

بينما تتهم بعض القوى العربية في بغداد، إقليم كردستان بعدم التزامه بتسليم مبالغ حصته المقررة من النفط إلى الخزينة الاتحادية المقدرة بـ250 ألف برميل يومياً، يدافع الكرد عن أن الخلافات مع بغداد حول النفط تتعلق بمسائل فنية وأن بعض الساسة يصرّ على تحويلها إلى سياسية، في مسعى لتأجيج الصراع بين أربيل وبغداد.
وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، ذكر مطلع يونيو (حزيران) الماضي، أن إقليم كردستان لم يسلم حصته من النفط إلى الحكومة الاتحادية، خلافاً لما نص عليه قانون الموازنة المالية.
وقال أمين عام «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، أمس، إن «بيع إقليم كردستان 600 ألف برميل نفط يومياً، دون تسليم الواردات إلى بغداد، يجب ألا يستمر».
وذكر الخزعلي الذي تمتلك حركته 15 مقعدا في البرلمان العراقي عبر تغريدة في «تويتر»، أن «تقوية العلاقة مع الإقليم لا يعني أن يكون ذلك على حساب تطبيق القانون واحترام سيادة الدولة».
وأضاف أن «استمرار الإقليم ببيع 600 ألف برميل يومياً من دون تسليم وارداتها هو دليل على عدم جدية الإقليم بالتعامل وفق الدستور والقانون».
من جانبه، رفض شوان محمد طه رئيس الفرع الخامس للحزب «الديمقراطي الكردستاني» الذي يتخذ من بغداد مقرا له، الاتهامات الموجهة لإقليم كردستان بشأن موضوع تصدير النفط.
ورداً على تلك الاتهامات قال طه لـ«الشرق الأوسط»: «التصعيد وراءه أهداف سياسية أكثر من كونها إدارية أو فنية، مشكلة النفط مرتبطة بالدستور وكان يجدر بهؤلاء وبالحكومة الاتحادية تشريع قانون النفط والغاز الذي ينتظر على رفوف البرلمان منذ 15 عاماً».
وأضاف: «هناك موضة شائعة هذه الأيام، وهي أن كل من يريد تمييز نفسه عن الآخرين، يسارع إلى الانتقاد والتصعيد مع كردستان، نعم النفط لجميع العراقيين، لكن المغردين والمنتقدين لا شأن لهم بهذه الأمور الفنية البحتة».
ويؤكد طه أن «هناك إشكالية حقيقية بشأن موضوع النفط، وبمجرد تشكيل حكومة إقليم كردستان، قبل يومين، أعلنت أنها ستشكل لجنة لتصفير المشاكل مع بغداد وركزت على موضوع النفط والطاقة، وللإقليم مبررات تعرفها الحكومة تحول دون التزامها بتسليم حصتها المقررة من النفط إلى بغداد».
ويشير إلى أن «حل هذه المشكلة بحاجة إلى خبراء وفنيين وليس تصريحات أو تغريدات، وهناك بالفعل لجنة مشكلة بين بغداد وأربيل لتجاوز هذه الإشكالية، وهي إشكالية ليست قانونية، لأن الثروة النفطية ليس لها قانون ينظم بيعها وإنتاجها حتى الآن».
وتساءل طه: «أين كان المغردون والمنتقدون حين عمدت حكومة بغداد إلى قطع مرتبات الموظفين في كردستان لمدة 3 سنوات؟».
من جانبه، عد عضو لجنة النفط والطاقة النيابية، ما سماه «السكوت عن سرقة النفط» من قبل إقليم كردستان غير مقبول ووصفه بـ«الخيانة».
وقال عواد في بيان أمس، إن «السكوت عن سرقة النفط العراقي من قبل شخصيات كردية ولمصالحهم الحزبية الخاصة دون أن تدخل لميزانية الدولة العراقية ما هو إلا خيانة لشعبنا»، مشدداً على «ضرورة عدم السكوت من قبل الحكومة والبرلمان لهذا الانتهاك الكبير من قبل الإقليم وعليهم اتخاذ الإجراءات كافة».
وأشار إلى أن «الأحزاب الكردية سبق أن عطلت تشكيل لجنة تحقيقية داخل مجلس النواب بحق شركتي (كار وقيوان) لأن الشركتين تابعتان لأحزابهم».
وطالب عواد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بفرض القانون على الجميع دون استثناء محافظة، حتى وإن تطلب ذلك القوة واستعادة النفط المهرب وضمه لميزانية الدولة.
في شأن يتعلق بالجانب النفطي أيضا، أقرّ مجلس الوزراء العراقي، أول من أمس، توصيات المجلس الوزاري للطاقة المتعلقة بطلب وزارة النفط إنشاء مشروع أنبوب تصدير النفط الخام من حقول الرميلة في محافظة البصرة جنوب العراق، إلى ميناء العقبة الأردني، وموافقة المجلس تتيح لوزارة النفط المضي قدما في إجراءات دعوة الشركات المختصة والمباشرة بأنبوب التصدير بخطي (بصرة - حديثة) و(حديثة - عقبة). وأقر مجلس الوزراء كذلك، إنشاء جزيرة ومنظومة للتصدير في الخليج تصل طاقتها التصديرية إلى «مليوني برميل».
وتعليقاً على موضوع خط الأنابيب الجديد، قال رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أول من أمس، إن «مرونة العراق في تصدير النفط ضعيفة، لأن له منفذين فقط في الجنوب، والخط الواصل بين كركوك وفيشخابور وميناء جيهان التركي، فيما كانت لديه قبل 20 عاماً منافذ كثيرة»، معتبراً أن «إنشاء الخط الجديد، إلى جانب منصة لتصدير النفط في الخليج مسألة استراتيجية للعراق، وإذا لم نبدأ العمل من الآن فسنواجه صعوبات كبيرة في التصدير بعد سنوات».
بدوره، أكد نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط ثامر الغضبان، أول من أمس، حرص وزارته على تطوير منظومات التصدير بإضافة منافذ جديدة من خلال تنفيذ مشاريع كبيرة لخطوط نقل النفط الخام وإنشاء المنصات والمستودعات والبنى التحتية المتكاملة لهذا الغرض. وأضاف الغضبان أن «المشروعين اللذين أقرهما مجلس الوزراء، إضافة إلى منظومة التصدير عبر جيهان التركي، ستوفر للعراق إمكانيات تصدير متعددة ومتكاملة تحقق المطالب الخاصة بالتعامل مع الظروف الطارئة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.