رئيس أركان الجيش الجزائري يجدّد تمسكه بالانتخابات الرّئاسية

احتجاز وزير الصناعة السابق بـ«مزاعم فساد»

TT

رئيس أركان الجيش الجزائري يجدّد تمسكه بالانتخابات الرّئاسية

جدّد رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، أمس، دعمه لجهد الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح، الذي يفترض أن مهمته انتهت أول من أمس «من أجل إخراج البلاد من أزمتها الحالية»، كما جاء في خطاب نشره موقع وزارة الدفاع.
وقال قايد صالح إن «المقاربة المعقولة التي تضمنها الخطاب الأخير لرئيس الدولة...، بقدر ما نشجعها ونؤيد محتواها، فإننا نرى أنها خطوة جادة ضمن الخطوات الواجب قطعها على درب إيجاد الحلول المناسبة لهذه الأزمة السياسية، التي تمر بها البلاد». وعاود التذكير بأن القيادة العليا للجيش تأمل في أن تجري الانتخابات الرئاسية «في أقرب الآجال».
وكان بن صالح قد دعا في خطاب للأمة في الثالث من يوليو (تموز) الحالي إلى حوار «تقوده شخصيات وطنية مستقلة»، ولا تشارك فيه السلطة أو الجيش، وذلك بهدف «أوحد» هو تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال. غير أنّ هذا الاقتراح، الذي جاء قبل ستة أيام من انتهاء فترته الانتقالية المحدّدة في الدستور بتسعين يوما، لم يهدئ الحركة الاحتجاجية التي ملأت الشوارع والساحات في يوم الجمعة العشرين من المظاهرات، خصوصا أنه تزامن مع الاحتفال بعيد الاستقلال.
كما حذر الفريق قايد صالح، الذي يُعد الرجل القوي في الدولة، منذ رحيل بوتفليقة، «الرافضين للمسار الدستوري» وإجراء الانتخابات الرئاسية.
وقال بهذا الخصوص: «هذه الانتخابات الرئاسية نعتبرها مفتاحا حقيقيا للولوج إلى بناء دولة قوية، على الرغم من العقبات التي يحاول الرافضون للسير الحسن فرضها على هذا المسار الدستوري». كما أشار رئيس الأركان إلى المتظاهرين الموجودين رهن الحبس المؤقت في انتظار محاكمتهم، ورفض اعتبارهم «معتقلين سياسيين وسجناء رأي».
واعتبر صالح الشعار المتداول بقوة: «نريد دولة مدنية لا عسكرية»، «أفكارا مسمومة أملتها عليهم (المتظاهرون) دوائر معادية للجزائر، ولمؤسساتها الدستورية... دوائر تكن حقدا دفينا للجيش الوطني الشعبي... ولقيادته الوطنية التي أثبتت بالقول والعمل أنها في خدمة الخط الوطني المبدئي للشعب الجزائري».
وهاجم صالح رافعي الراية الأمازيغية في الحراك، قائلا إنهم «تجرأوا على الراية الوطنية، وأساؤوا احترام العلم الوطني.». كما تحدث ضمنا، عن رجل ثورة التحرير بورقعة، بقوله «المجاهد الحقيقي هو بذرة خير لا بذرة شر، وأداة بناء لا معول هدم، وكل من تنصل من هذه الفضائل الجهادية الحقيقية، يضع نفسه في خانة المفسدين، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى». يشار إلى أن بورقعة شبّه الجيش في عهد صالح بـ«ميليشيا»، وكان ذلك سببا في اتهامه بـ«إضعاف معنويات الجيش».
أما بخصوص حملة مكافحة الفساد، التي يشنها القضاء بإيعاز وحماية من الجيش، فقد أوضح الجنرال صالح أنه يعتزم «القضاء المبرم على آخر معقل من معاقل الاستعمار في بلادنا، لأن الفساد هو شكل آخر من أشكال الاستعمار». وتناول في خطابه المسؤولين في عهد الرئيس السابق بوتفليقة، الذين أدخلهم السجن، فوصفهم بـ«العصابة التي انكشف اليوم كل ما أضمرته من مفاسد، ولا يزال لديها أتباع ومريدون في المجتمع، ولا تزال هذه العصابة تعمل جاهدة على التغلغل في المسيرات الشعبية، وتسعى إلى اختراق صفوفها، والتأثير على طبيعة المطالب الشعبية المشروعة».
في غضون ذلك، أعلن المحامي والحقوقي مصطفى بوشاشي، أيقونة الحراك الشعبي بالجزائر، عن مقاطعة كل المحاكمات المرتقبة للمتظاهرين، الذين سجنتهم السلطة لأسباب مختلفة، وقال أمس في اجتماع بالعاصمة، شارك فيه عدد كبير من المحامين، إن إيداع نشطاء بالحراك رهن الحبس المؤقت «قرار سياسي وليس قضائي، ولهذا نرفض تزكية أحكام سياسية وليست قضائية تصدر ضدهم».
ولقي طلب بوشاشي مقاطعة المحاكمات تأييدا واسعا من طرف المحامين، المترافعين في عشرات القضايا الخاصة بالمتظاهرين المعتقلين. وكثير منهم تعرضوا للسجن بسبب شعارات وتصريحات ضد قائد الجيش الجنرال قايد صالح، ومن أبرز هؤلاء الرمز التاريخي الرائد لخضر بورقعة (86 سنة)، وأستاذ معروف بجامعة تلمسان (500 كلم غرب العاصمة).
في سياق ذلك، ذكر التلفزيون الرسمي الجزائري أن المحكمة العليا قررت أمس وضع وزير الصناعة السابق يوسف يوسفي قيد الاحتجاز فيما يتصل بمزاعم فساد، ليصبح يوسفي بذلك أحدث مسؤول كبير يحتجز في تحقيقات بشأن الفساد منذ اندلاع الاحتجاجات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».