باحثون يطورون برنامجاً للتعرف على 25 لهجة عربية

يدعم التواصل بين الدول

برنامج «ADIDA» الإلكتروني يملك القدرة على تصنيف لهجات من 25 مدينة عربية (الشرق الأوسط)
برنامج «ADIDA» الإلكتروني يملك القدرة على تصنيف لهجات من 25 مدينة عربية (الشرق الأوسط)
TT

باحثون يطورون برنامجاً للتعرف على 25 لهجة عربية

برنامج «ADIDA» الإلكتروني يملك القدرة على تصنيف لهجات من 25 مدينة عربية (الشرق الأوسط)
برنامج «ADIDA» الإلكتروني يملك القدرة على تصنيف لهجات من 25 مدينة عربية (الشرق الأوسط)

هل سافرت إلى إحدى المدن العربية، وعانيت من فهم بعض اللهجات المحلية، مما أعاق قدرتك على التواصل مع أشقائك العرب، رغم أن اللغة التي تجمعكم واحدة، وهي اللغة العربية؟ هذه المشكلة شغلت بال باحثين عملوا على الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي للمساهمة في إيجاد حلول لها، وأثمر عملهم عن تطوير واجهة إلكترونية عامة، تحت اسم «برنامج التعرف التلقائي على اللهجات العربية» (ADIDA)، الذي يملك القدرة على تصنيف اللهجات من 25 مدينة عربية على امتداد العالم العربي.
ويعد هذا البرنامج ثمرة تعاون بين فريق من الباحثين في جامعة نيويورك أبوظبي، تحت إشراف د. نزار حبش، الأستاذ المشارك في علوم الحاسوب مدير مختبر الأساليب الحاسوبية لنمذجة اللغة في جامعة نيويورك أبوظبي (CAMeL Lab)، بالشراكة مع باحثين من مؤسسات تعليمية أخرى.
ووفق بيان صحافي صدر أمس من جامعة نيويورك أبوظبي، وصلت «الشرق الأوسط» نسخة منه، فإن مستخدمي البرنامج يمكنهم إدراج نص باللغة العربية في برنامج التعرف التلقائي على اللهجات العربية، للحصول على نتائج على شكل خريطة جغرافية للعالم العربي، تظهر فيها المدن التي تستخدم هذا النص من بين الـ25 مدينة، ثم تستعرض الواجهة الإلكترونية المدن الخمس الأولى، من حيث احتمال استخدامها للنص المكتوب، إلى جانب اللغة العربية الفصحى.
ويوضح البيان نموذجاً عملياً، حيث يمكن للبرنامج تحديد ما إذا كانت كلمة «ماشي» تعني «حسناً» في القاهرة وبيروت أو «لا» في صنعاء.
ويقول د. نزار حبش، الباحث الرئيسي للمشروع، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «قاعدة معلومات البرنامج تحتوي على 100 ألف جملة مترجمة من الإنجليزية أو الفرنسية إلى لهجات المدن الـ25، وتحتوي كذلك على 12 ألف جملة في العربية الفصحى، ويبلغ عدد الكلمات المستخدمة في كل الجمل نحو 800 ألف كلمة، كما تم بناء قاموس متعدد اللهجات يحتوي على 47 ألف مفردة.
ويضيف أن عدد المشاركين في هذا المشروع 55 شخصاً، من الألسنيين ومحبي اللهجات من كل المدن التي ركزنا عليها في المشروع، ومبرمجين وباحثي ذكاء اصطناعي.
وعن وجود أكثر من لهجة في الدولة الواحدة، ومدى قدرة البرنامج على التعامل مع كل هذه اللهجات، أوضح د. حبش أنهم يركزون على لهجات المدن، وليس الدول أو المناطق الجغرافية، لذلك تم اختيار المدن التي تمثل مناطق اللهجات المختلفة في العالم العربي. فمثلاً في مصر، اختاروا 3 مدن، هي: الإسكندرية والقاهرة وأسوان. ومن العراق، اختاروا الموصل وبغداد والبصرة.
ويطمح المشروع إلى إضافة مدن أخرى في المستقبل، لكنه ركز في هذه المرحلة على 25 مدينة فقط بسبب القيود الزمنية والمالية، كما أكد د. حبش.
ولا يخشى العاملون بالمشروع الانتقادات التي قد توجه لهم بتشجيع استخدام اللهجات المحلية، في وقت ينبغي أن يعطوا فيه الأولوية للعربية الفصحى، وقال د. حبش: «نحن كاختصاصيين عرب في الذكاء الاصطناعي وتقنيات اللغات هدفنا الأول والأخير هو تحسين القدرات الآلية لتحليل اللغة العربية (فصحى وعامية) لتناهض القدرات الآلية المتوفرة للغات الأجنبية (الإنجليزية والفرنسية خصوصاً)».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».