القاهرة تحتضن لقاء تشاورياً حول الأزمة الليبية الأسبوع المقبل

TT

القاهرة تحتضن لقاء تشاورياً حول الأزمة الليبية الأسبوع المقبل

قال أعضاء من مجلس النواب الليبي، المنعقد في مدينة طبرق بـ(شرق البلاد)، إن السلطات المصرية وجّهت إليهم دعوة لعقد اجتماع تشاوري، مطلع الأسبوع المقبل، يضم نواباً موالين لحكومة «الوفاق الوطني»، وذلك للبحث عن حل للأزمة السياسية في البلاد.
وتسببت العملية العسكرية، التي شنّها «الجيش الوطني» على طرابلس، منذ 4 أبريل (نيسان) الماضي، في انقسام أعضاء مجلس النواب، بين مؤيد للحرب على العاصمة، ومعارض لها.
وقال النائب صالح هاشم إسماعيل، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن هذا الاجتماع الذي دُعي إليه «يستهدف التشاور وتقريب وجهات النظر بين مختلف النواب»، مع «إمكانية تطرق المجتمعين إلى الحديث عن تشكيل حكومة جديدة».
وراجت تسريبات مؤخراً في البلاد حول وجود توجه لتشكيل حكومة جديدة، يتوافق عليها البرلمان لإدارة البلاد من خارج العاصمة، لإقصاء حكومة «الوفاق»، التي يديرها رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج. ورشّحت بعض التوقعات عارف النايض، سفير ليبيا السابق في الإمارات. لكن مصادر قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الحرب الدائرة بالضاحية الجنوبية للعاصمة من شأنها تقويض أي تحرك سياسي.
وكان نواب موالون لحكومة «الوفاق» قالوا إنهم رفضوا دعوة تلقوها من السلطات المصرية لعقد اجتماع تشاوري في القاهرة. غير أن إسماعيل، النائب عن دائرة طبرق، توقع حضور بعض نواب طرابلس، البالغ عددهم نحو 60 نائباً، وقال: «ربما يحضر بعضهم الاجتماع».
ولم تصدر عن السلطات المصرية أي بيانات بخصوص عقد اجتماع يضم الأفرقاء السياسيين في ليبيا. لكن سبق أن احتضنت القاهرة اجتماعات متشابهة في الأعوام الماضية.
ورداً على أسباب توجيه القاهرة هذه الدعوة للأفرقاء السياسيين راهناً، في ظل الانقسام الحاد بينهم على كل المستويات، قال سعيد إمغيب، النائب عن مدينة الكفرة (جنوب)، لـ«الشرق الأوسط» أمس: «ما وصلني أنها مبادرة مصرية، سعى إليها بعض أعضاء مجلس النواب الليبي في برقة (بنغازي)».
ورأى إمغيب، المدافع عن العملية العسكرية، أن أي حديث عن تشكيل حكومة جديدة في ليبيا، «لن يكون له جدوى إلا بعد تحرير (الجيش الوطني) للعاصمة من الميليشيات المسلحة، وعصابات الجريمة»، مبدياً في الوقت ذاته رفضه لحضور الاجتماع، بقوله: «المكان الأنسب لمناقشة كل مشكلات البلاد لا بد أن يكون في ليبيا»، مضيفاً: «أرفض حضور أي جلسة للبرلمان في أي مكان خارج الوطن، ولو كان ذلك بمصر الغالية على قلبي».
من جهته، قال الدكتور محمد عامر العباني، عضو مجلس النواب عن مدينة ترهونة، إن «الاجتماع المقرر عقده السبت المقبل، والذي يستمر 3 أيام، يأتي في وقت يشهد فيه المسار السياسي نوعاً من الانسداد»، وذلك بسبب تعنت ما سماهم بـ«قوى الشر» ومقاومتها للقوات المسلحة الليبية، التي ذهبت إلى المنطقة الغربية «لتحريرها من الإرهاب، وتطهير مدنها المخطوفة من قبل الميليشيات الإجرامية». مبرزاً أن اللقاء يأتي «بدعوة من الحكومة المصرية لنواب الشعب الليبي لعقد لقاءات تشاورية، في محاولة لإعداد مبادرة، تُخرج الشعب من أزمته وتعيد للسلام مساراته».
ومنذ مطلع مايو (أيار) الماضي، قاطع نحو 60 نائباً جلسات البرلمان المنعقد في طبرق، برئاسة عقيلة صالح، وبدأوا في عقد جلسات موازية في فندق ريكسوس الشهير بالعاصمة، وانتخب 49 منهم الصادق الكحيلي رئيساً للبرلمان.
ومجلس النواب المنتخب عام 2014 يضم 188 نائباً، ويحظى باعتراف دولي، ويمارس مهامه إلى جانب الحكومة المؤقتة في الشرق، برئاسة عبد الله الثني، في موازاة حكومة «الوفاق الوطني» المعترف بها دولياً، التي يرأسها فائز السراج.
بدوره، قال النائب عصام الجهاني لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن ما يقرب من 33 نائباً ينتمون إلى شرق البلاد سيحضرون اجتماع القاهرة، «للتشاور حول تشكيل حكومة وحدة وطنية»، وذهب إلى أن أعضاء البرلمان، الذين يدعمون «الوفاق»، «ليسوا على قلب رجل واحد»، متوقعاً أن يحضر بعضهم اجتماع القاهرة.
وكان محمد رعيض، عضو مجلس النواب عن مدينة مصراتة، وأحد الموالين لحكومة «الوفاق»، قد قال لفضائية «ليبيا الأحرار» مساء أول من أمس، إن «الدعوة المصرية ليست مبادرة مكتوبة، بل عبارة عن دعوة جاءت من السفير المصري في ليبيا لمجموعة من النواب في طرابلس، وآخرين بالمنطقة الشرقية، أو الموجودين في طبرق».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.