مصر تقاضي «كريستيز» لبيعها رأس توت عنخ آمون

خاطبت الإنتربول لتعقب القطع الأثرية المنهوبة

رأس توت عنخ آمون
رأس توت عنخ آمون
TT

مصر تقاضي «كريستيز» لبيعها رأس توت عنخ آمون

رأس توت عنخ آمون
رأس توت عنخ آمون

قررت مصر مقاضاة دار كريستيز للمزادات في المحاكم البريطانية، ومخاطبة الحكومة البريطانية لمنع خروج وتصدير القطع الأثرية من أراضيها لحين اطّلاع السلطات المصرية على سندات الملكية الخاصة بها، بالإضافة إلى مخاطبة الإنتربول لتعقّب قطع أثرية مصرية بيعت في مزاد بلندن الأسبوع الماضي دون إظهار سندات ملكيتها.
وأعربت «اللجنة القومية للآثار المستردة» عن بالغ استيائها من التصرف «غير المهني» حيال بيع القطع الأثرية المصرية، من دون إظهار سندات الملكية وما يثبت شرعية خروجها من مصر حتى الآن، كما أعربت أيضاً عن استغرابها الشديد من عدم تقديم السلطات البريطانية الدعم المُنتظَر منها في هذا الشأن.
وقالت وزارة الآثار المصرية في بيان صحافي مساء أول من أمس، إن «اللجنة القومية للآثار المستردّة أيّدت قرار النيابة العامة المصرية بمخاطبة الإنتربول الدولي لاستصدار نشرة لتعقّب القطع الأثرية المبيعة في جميع دول العالم».
وأضاف البيان أنّه سيتم «إرسال توجيهات للسفارات المصرية بالخارج لمتابعة هذه القطع وإخطار السلطات المصرية بظهورها في أي دولة، والعمل على التحفُظ عليها لحين عرض سندات الملكية الخاصة بها والتحقُّق منها».
وكانت السلطات المصرية انتقدت بيع عدد من القطع الأثرية المصرية، بينها رأس تمثال مصري أثري صغير، منسوب للملك توت عنخ آمون، خلال مزاد أُقيم يومي 3 و4 يوليو (تموز) بدار «كريستيز» للمزادات في العاصمة البريطانية دون تقديم المستندات الخاصة بها للجانب المصري الذي طالب أكثر من مرة بإيقاف عمليات البيع، دون جدوى.
وقال الدكتور محمد عبد المقصود، أمين عام المجلس الأعلى للآثار الأسبق، لـ«الشرق الأوسط»، إن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها اللجنة القومية للآثار المستردّة، لن تؤدي إلى استعادة الآثار المصرية مرة أخرى، على غرار التماثيل التي تم بيعها في بريطانيا خلال السنوات السابقة في مزادات علنية، ولم تعد مرة أخرى، إذ لم تفلح الإجراءات الحكومية السابقة في استعادة القطع التي بيعت في الخارج أو ملاحقتها.
ويرى عبد المقصود أن «حماية الآثار داخل الأقاليم المصرية، أولوية ملحة حالياً، عبر تكثيف الحراسات على المواقع الأثرية المتنوعة، مع الاستفادة من قدرات التقدم التكنولوجي والأقمار الصناعية في الكشف عن المواقع الأثرية الجديدة، قبل سرقتها من تجار الآثار العالميين». مشيراً إلى أن «معظم الآثار المسروقة من مصر، يتم التنقيب عنها خلسة في المواقع المحلية، قبل أن يقوم المهربون بتهريبها للخارج ثم يزورون أوراقا رسمية لها لتسهيل عمليات البيع، وهذا يعني أن مصر لن تستطيع ردها، لأنها تمتلك مستندات ملكيتها لأنها غير مسجلة بالمخازن أو المتاحف الأثرية».
وعن مطالبة بعض الآثاريين المصريين للسلطات المصرية بوقف البعثات البريطانية العاملة في مصر، كرد فعل على عملية بيع التمثال في لندن بنحو 6 ملايين دولار أميركي، قال عبد المقصود: «يوجد في مصر 18 بعثة أثرية بريطانية، وطرد تلك البعثات لن يكون حلاً مناسباً، لأن كل علماء الآثار من مختلف الجنسيات يرفضون بيع القطع الأثرية المهمة، لكن يجب الاستعانة بعلماء هذه البعثات، لدعم الموقف المصري في حقوقه التاريخية والأدبية والاعتبارية لاستعادة آثاره».
ولفت عبد المقصود إلى «عدم جدوى مقاضاة دار كريستيز بعد إتمام عملية بيع تمثال توت عنخ آمون، نظراً لارتفاع تكلفة التقاضي وطول المدة». مشيراً إلى «أهمية البحث عن حلول دبلوماسية تتسم بالجرأة لوقف تجارة الآثار التي تحترفها عصابات دولية».
وقررت «اللجنة القومية للآثار المستردّة»، وفقاً للبيان: «تكليف مكتب محاماة بريطاني اتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة لرفع دعوى قضائية مدنية».
وأكّدت اللجنة «مخاطبة الحكومة البريطانية لمنع خروج وتصدير القطع الأثرية من الأراضي البريطانية لحين اطّلاع السلطات المصرية على سندات الملكية الخاصة بها».
وبيعت رأس الملك الفرعوني المصنوعة من الكوارتزيت البني والبالغ ارتفاعها 28.5 سنتيمتر، بأكثر من 4.7 مليون جنيه إسترليني (5.9 مليون دولار تقريبا) مساء الخميس في مزاد نظمته «كريستيز». ولم يكشف عن اسم المشتري.
ويجسّد رأس التمثال الإله آمون، إله الشمس عند المصريين القدماء. ويُعدّ توت عنخ آمون المعروف بلقب الملك الطفل من أشهر الملوك في تاريخ مصر الفرعوني وقد توفي في عام 1324 قبل الميلاد وهو في التاسعة عشرة من عمره بعدما أمضى تسع سنوات فقط في الحكم.



التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
TT

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لوكالة «ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة غامرة. وقالت عالِمة الفلك الملكية في اسكوتلندا، البروفيسورة كاثرين هيمانز، لـ«بي بي سي»: «أحبُّ المجرّة البراقة والمتألِّقة بأضواء عيد الميلاد، كأنّ هذه ما كان عليه الكون وهو يبلغ من العمر 600 مليون عام فقط». تُظهر الصورة 10 كرات من النجوم بألوان مختلفة، تبدو مثل زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون. وهذه المرّة الأولى التي شاهد فيها العلماء كتلاً من النجوم تتجمَّع لتُشكل مجرّة مثل «درب التبانة»، فأطلقوا على المجرّة البعيدة اسم «اليراعة المتألّقة»، لتشابُهها أيضاً مع سرب من اليراعات متعدِّد اللون.

من مداره في الفضاء، من دون عوائق من الغلاف الجوّي للأرض، أظهر لنا أقوى تلسكوب على الإطلاق، مزيداً من المجرّات الأبعد، وبالتالي الأقدم؛ لكنها ليست مثل مجرّتنا في المراحل المُبكرة من التشكيل. ووفق الدكتورة لاميا ماولا، من كلية «ويليسلي» في ماساتشوستس، المُشاركة في قيادة البحث، فإنّ «البيانات الخاصة بما حدث في هذه المرحلة من الكون ضئيلة جداً». وأضافت: «هنا نُشاهد مجرّة وهي تتشكَّل حجراً بحجر. فالمجرّات التي نراها عادة حولنا تشكَّلت بالفعل، لذا فإنها المرّة الأولى التي نشهد فيها هذه العملية».

ووصفت البروفيسورة هيمانز، عالِمة الفلك الملكية في اسكوتلندا، والمستقلّة عن فريق البحث، الاكتشاف بأنه «رائع، ومهمّ علمياً وبالغ الاحتفاء»؛ وقالت: «مدهش أن يبني البشر منظاراً يتيح التطلُّع إلى الماضي البعيد جداً، فنرى هذه المراحل الوليدة جداً من المجرّة بطريقة احتفالية جميلة كهذه».

لغز الكون وعجائبه (ناسا)

وتختلف ألوان العناقيد النجمية باختلاف مراحل تكوينها، وفقاً للدكتورة ماولا: «إنها جميلة لأنّ الحياة الباكرة للمجرّة نشطة جداً. نجوم جديدة تولد، ونجوم ضخمة تموت، وكثير من الغاز والغبار حولها، وكثير من النيتروجين والأكسجين... بسبب الحالة التي هي فيها، تتراءى هذه الألوان الجميلة». عندما صادفت ماولا المجرّة، لم ترَ قط كتلاً من النجوم بمثل هذه الألوان الزاهية والمتنوّعة. قادها ذلك للاعتقاد بأنّ ثمة شيئاً مختلفاً حول هذا النظام، لذا تحقّقت من مدى بُعد ذلك. لدهشتها تبيَّن أنه يبعد أكثر من 13 مليار سنة ضوئية.

النور الآتي من «اليراعة المتألّقة» استغرق أكثر من 13 مليار سنة ليصل إلينا. صغير جداً وبعيد جداً، حدَّ أنه لم يكن بإمكان تلسكوب «جيمس ويب» رؤيته، لولا حظوظ المصادفة الكونية. وكان هناك تجمّع من المجرّات بين «اليراعة المتألّقة» وتلسكوب «جيمس ويب»، شوَّهت الزمكان لتمدُّد الضوء من المجرّة البعيدة، وتعمل بفعالية مثل عدسة مكبرة عملاقة.

يٌسمّي علماء الفلك هذه العملية «عدسة الجاذبية»، التي، في هذه الحالة، مكَّنت الباحث المُشارك الدكتور كارثيك أيير من جامعة «كولومبيا» في نيويورك، وأعضاء آخرين من الفريق، من أن يروا للمرّة الأولى، تفاصيل مذهلة لكيفية تكوُّن المجرّات الأولى مثل مجرتنا «درب التبانة». وقال: «إنها تأخذ الضوء الآتي من اليراعة وتثنيه وتضخّمه حتى نتمكن من رؤيته بتفاصيل رائعة».