إقالة {عراب البراميل} في سوريا

ضمن مسؤولين أمنيين شملتهم حركة تغييرات

TT

إقالة {عراب البراميل} في سوريا

انتهى تمديد الخدمة السابع للواء جميل حسن رئيس المخابرات الجوية في سوريا، فقد تمت إقالته وتعيين اللواء غسان جودت إسماعيل في إدارة فرع المخابرات، بحسب ما أفادت به مصادر إعلامية غير رسمية قريبة من النظام، وأكدت النبأ عدة صفحات إخبارية محلية، منها «المخابرات الجوية» و«الدفاع الوطني» وشبكة «أخبار حمص مباشر».
وعادة لا يصدر النظام بيانات رسمية بتغيير التنقلات والتعيينات الأمنية، إلا أن وسائل إعلامية غير رسمية تقوم بتسريب التعاميم الداخلية، فقد أفادت شبكة «أخبار حمص مباشر»، بأن «اللواء حسام لوقا عُيّن مديراً لإدارة المخابرات العامة، خلفاً للواء ديب زيتون، كما تم تعيين اللواء ناصر العلي رئيساً لشعبة الأمن السياسي خلفاً للواء حسام لوقا».
إلا أن النبأ الأبرز هو انتهاء خدمة اللواء جميل حسن، كونه أكثر شخصيات النظام السوري الاستخباراتية رعباً، ووحشية، وهو رأس قائمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب، ويُعتبر فرع المخابرات الجوية الذي يرأسه من أكثر الفروع الأمنية انتهاكاً لحقوق الإنسان، وفي تمرسه بقتل وتعذيب المعتقلين السياسيين. وقد صدرت بحق جميل الحسن أول مذكرة توقيف دولية بحق شخصيات في النظام السوري في يونيو (حزيران) 2018، بناء على شكوى جنائية قدمها معتقلون سابقون إلى الادعاء العام الألماني، بالتعاون مع المركز الأوروبي للدستور وحقوق الإنسان، والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير. وعقب صدور المذكرة قام النظام السوري بتمديد رئاسة جميل حسن لإدارة المخابرات الجوية للمرة السابعة ولمدة عام واحد في يوليو (تموز) 2018.
وجميل حسن الذي يتحدر من ريف حمص الغربي، ويتبع الطائفة المرشدية، أُدرج على قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي إلى جانب كبار مسؤولي نظام الأسد في 2011. وتُنسب إليه فكرة استخدام البراميل المتفجرة في قصف المدنيين.
وكان النظام السوري قد رفّع في مارس (آذار) العام الماضي، غسان جودت إسماعيل (59 عاماً) المتحدر من بلدة جنينة رسلان في ريف طرطوس الساحلي، إلى رتبة لواء، ليشغل موقع نائب مدير إدارة المخابرات الجوية الماضي. وأدرج الاتحاد الأوروبي، عام 2012، اسم غسان جودت إسماعيل في قائمة عقوبات تضم 27 مسؤولاً في النظام السوري. كما جمدت بريطانيا، عام 2015، أرصدته ضمن إجراءات اتخذتها بحق مجموعة من الضباط متهمين بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين.
وشارك غسان جودت إسماعيل عندما كان رئيساً لفرع المهام الخاصة في المخابرات الجوية عام 2011. في مظاهرات المدنيين بريف دمشق في كل من داريا والمعضمية، في يوليو 2011، اللتين شهدتا مجازر مروعة على يد المخابرات الجوية والفرقة الرابعة. بحسب ما يفيد به موقع «مع العدالة»، المتخصص بتوثيق جرائم الحرب والشخصيات المسؤولة عنها في سوريا. كما تشير تقارير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش»، إلى أن غسان جودت إسماعيل، يُعتَبَر مسؤولاً مباشراً عن حوادث الاختفاء القسري لآلاف المدنيين، وعن تصفية عدد كبير من المعتقلين في سجن المزة العسكري. وتتهم المعارضة غسان جودت إسماعيل بالمسؤولية عن عمليات خطف حدثت في السويداء، حينما كان يشغل منصب رئاسة فرع أمن الدولة، في 2016.
وتقول مصادر معارضة إن اللواء غسان جودت إسماعيل، فقد شقيقيه العقيد عمار الذي قتل على يد المعارضة عام 2012، وشقيقه زياد الذي قُتِل في المعارك (حيث كان يقاتل مع ميليشيات النظام)، في حين أن شقيقه الثالث سامر إسماعيل قاضٍ في محكمة الإرهاب.
ويتبع نظام الأسد أسلوب عدم إصدار قرارات رسمية عن الترفيعات والتغييرات في قادة القطع العسكرية، وأجهزة مخابراته، ويكتفي فقط بإرسال تعميمات داخلية حول تلك التعيينات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».