المعارضة الجزائرية تعرض على الجيش «خطة طريق» لتجاوز الأزمة

أعلنت موافقتها على دعوة الرئيس الانتقالي للحوار وسط خلافات حول موقع رئيس الأركان

الوزير الجزائري السابق عبد العزيز رحابي (وسط) لدى حضوره منتدى الحوار الوطني في الجزائر (إ.ب.أ)
الوزير الجزائري السابق عبد العزيز رحابي (وسط) لدى حضوره منتدى الحوار الوطني في الجزائر (إ.ب.أ)
TT

المعارضة الجزائرية تعرض على الجيش «خطة طريق» لتجاوز الأزمة

الوزير الجزائري السابق عبد العزيز رحابي (وسط) لدى حضوره منتدى الحوار الوطني في الجزائر (إ.ب.أ)
الوزير الجزائري السابق عبد العزيز رحابي (وسط) لدى حضوره منتدى الحوار الوطني في الجزائر (إ.ب.أ)

اتفق قطاع من المعارضة الجزائرية، أمس، على عرض خطة طريق على الجيش، تتضمن خطوات للخروج من الأزمة والعودة إلى المسار الانتخابي، المعطل منذ 18 أبريل (نيسان) الماضي، وذلك بعد أن ألغى الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ترشحه لولاية خامسة. وأعلن أصحاب الخطة عن موافقتهم على دعوة الحوار، التي أطلقها الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح، من دون مشاركة الجيش فيه.
واحتدم جدل كبير حول قضايا معينة في الوثيقة التي تتضمن الخطة، قبل صياغتها وقراءتها في الاجتماع، الذي جرى أمس بالعاصمة بمشاركة 700 شخص ينتمون للمعارضة. وأهم هذه القضايا السجناء السياسيون، حيث طالبت «حركة مجتمع السلم الإسلامية» بالإفراج عنهم كشرط لقبول حوار السلطة. فيما رفض حزب «طلائع الحريات»، الذي يقوده رئيس الوزراء سابقاً علي بن فليس ذلك، ورفض بشدة أن يتناول لقاء أمس الفكرة.
ويقصد بالسجناء السياسيين زعيمة «حزب العمال» اليساري ومرشحة «رئاسية 2014»، لويزة حنون، التي سجنها الجيش بتهمة «التآمر على سلطة الدولة والجيش»، ورجل الثورة الرائد لخضر بورقعة (86 سنة) الذي سجنه الجيش أيضاً بتهمة «إضعاف معنويات الجيش». كما يقصد بذلك المئات من نشطاء الحراك الشعبي، خصوصاً رافعي راية الأمازيغ، الذين اعتقلتهم السلطة وسجنهم القضاء بتهمة «تهديد الوحدة الوطنية».
ويرى حزب بن فليس أن وصف «المساجين السياسيين» لا ينطبق على هؤلاء المعتقلين، على أساس أن السلطات لم تسجنهم بسبب التعبير عن الرأي. وهذا الموقف رفضه بشدة الشيخ عبد الله جاب الله، رئيس «جبهة العدالة والتنمية»، وهو الفاعل الأساسي في «اجتماع قوى المعارضة والتغيير».
وتحمل الخطة عنوان «مشروع أرضية الحوار الوطني لتجسيد مطالب الشعب»، تتضمن تشخيصاً للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، وأسبابها وشروط معالجتها، وكيفية الخروج منها، والآليات الدستورية اللازمة لذلك، كما تتضمن شرحاً مفصلاً لـ«الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات»، وتصوراً حول كيفية عملها وضمان استقلالها عن الحكومة، وتعديل قانون الانتخابات. وتقترح الوثيقة تهيئة الأجواء للانتخابات الرئاسية في ظرف 6 أشهر، مع استبعاد مصطلح «المرحلة الانتقالية»، الذي تصر قيادة أركان الجيش على رفضه، واستبدالها بـ«مرحلة ممهدة للانتخابات».
وجاء في الوثيقة أن «الانتخابات القانونية هي السبيل الوحيد للوصول إلى السلطة والتناوب عليها»، مؤكّدة على أهمية «الحفاظ على حرية الإعلام العمومي والخاص، وتكريس مبدأ الحق في الوصول إلى المعلومة». كما أشارت إلى أن «الجيش مؤسسة دستورية، تتمثّل مهامها الدائمة في المحافظة على الاستقلال، والدّفاع عن السّيادة الوطنية وسلامة التراب».
كما تنص الوثيقة أيضاً على «استبعاد كل رموز النظام السابق المتورطة في الفساد والمرفوضة شعبياً». لكن اختلفت المواقف بخصوص هذه النقطة، تحديداً حول موقع قائد الجيش الجنرال قايد صالح من «رموز النظام». فجزء من المعارضة المصنفة «متشددة»، يعتبره «ركناً أساسياً من نظام بوتفيلقة»، وبالتالي ينبغي رحيله، خصوصاً أن الحراك يطالب بذلك. فيما يرى فيه جزء آخر «الضامن الأساسي لمرافقة الحراك لتحقيق انتقال سلسل للسلطة»، وأن «الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد يدفع إلى التغاضي عن ماضيه كعضو فاعل في نظام بوتفليقة».
وقال عبد الرزاق مقري، رئيس «مجتمع السلم»، في مداخلته في الاجتماع، إن «الدعوة إلى الحوار (من جانب بن صالح) محمودة في حد ذاتها، وعدم تحديد تاريخ مفروض للانتخابات الرئاسية خطوة جيدة، كما أن الاعتماد في الحوار على شخصيات ذات مصداقية أمارة مشجعة. غير أن ذلك كلّه لا يحقق الاطمئنان الكامل ما لم يكن على رأس الدولة أثناء إجراء الانتخابات الرئاسية شخصية قوية ذات مصداقية مؤمنة بالديمقراطية، مبرأة من الفساد ومن جريمة التزوير الانتخابي، وتقدر على حماية الهيئة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات من قوة وجبروت الإدارة، التي لا تسمع إلا لمن يملك سلطة الخلع والترقية»، وكان يقصد بذلك بن صالح الذي يطالب الحراك بتنحيته.
من جهته، دعا جاب الله إلى «تسليم إدارة شؤون البلد في هذه المرحلة المؤقتة إلى شخصيات مدنية، ذات أهلية علمية وعملية ومصداقية شعبية لتسهر على توفير كافة الشروط القانونيّة والبشريّة والماديّة، الكفيلة بتمكين الشعب من اختيار وكلائه، ونوابه في الحكم بكل حرية ومسؤولية».
يشار إلى غياب أوزان ثقيلة من المعارضة عن الاجتماع، أهمها «جبهة القوى الاشتراكية» (أقدم حزب معارض)، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني)، وبدرجة أقل «حزب العمال». ويرى قادة هذه الأحزاب أن الداعين والمشاركين في اجتماع أمس «يخدمون السلطة»، و«يساعدونها في البحث عن مخرج من الأزمة التي تتخبط فيها».



​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

كشف مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عن جهود عربية - أميركية جديدة لدفع جهود التهدئة في السودان. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة، على التنسيق على أمل حلحلة الأزمة السودانية».

وأفاد المصدر المصري بأن «اجتماعاً ضم مسؤولين من الدول الأربع، استضافته السعودية نهاية الأسبوع الماضي، ناقش دفع الجهود المشتركة؛ لتحقيق انفراجة بالأزمة».

وسبق أن شاركت الدول الأربع في اجتماعات «جنيف»، التي دعت لها واشنطن لإنهاء الحرب بالسودان، منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، غير أنها لم تحقق تقدماً، في ظل مقاطعة الحكومة السودانية المحادثات.

غير أن المصدر المصري، قال إن «اجتماع السعودية، الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين (ليس امتداداً لمبادرة جنيف)، وإن الآلية الرباعية الحالية هي للدول صاحبة التأثير في المشهد السوداني، وتستهدف دفع الحلول السلمية للأزمة». ورجح المصدر «انعقاد اجتماعات أخرى؛ لدفع جهود الدول الأربع، نحو وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين منها».

صورة جماعية بختام اجتماعات جنيف حول السودان في أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «ما يفوق 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعقب اندلاع الحرب، استضافت مدينة جدة العام الماضي، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، الذي نصّ على حماية المدنيين، والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية. وتتمسك الحكومة السودانية بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة»، قبل الانخراط في أي مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع».

توحيد الجهود

وترى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أن «توحيد جهود الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية، سيسهم في تحريك حلول وقف إطلاق النار»، موضحة: «أدى تضارب الرؤى والمسارات الدولية، بسبب كثرة المبادرات والتدخلات التي خرجت من دول أفريقية وإقليمية ودولية، إلى إضعاف أي تحركات لوقف الحرب السودانية».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق الرباعي بين مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، سيسهم في دفع جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب على الأقل بصورة أكثر فاعلية»، مشيرة إلى أن «هناك مناطق مثل الفاشر في دارفور وولاية الجزيرة، تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية».

ودعت إلى ضرورة تركيز تحرك الرباعي الدولي على «جهود وقف إطلاق النار، وأعمال الإغاثة، وصياغة خريطة طريق سياسية، تنهي الأزمة السودانية».

سودانيون يتلقون العلاج في مستشفى ميداني أقيم بمدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويواجه السودان «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية حالياً»، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وأشار مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أن «أكثر من نصف سكان السودان، يواجه خطر المجاعة والكوارث الطبيعية، مما يؤدي لانتشار الأوبئة»، وخلال زيارته لمدينة بورتسودان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، شدّد على أن «الأزمة الإنسانية بالسودان، لا تجد اهتماماً كافياً دولياً».

دول مؤثرة

وباعتقاد الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «تشكيل رباعية من الدول صاحبة التأثير في الساحة السودانية، قد يحرك مسار الحلول السلمية، وتفعيل مسار جدة»، مشيراً إلى أن «توحيد جهود هذه الأطراف، سيسهم في تغيير مسار الأزمة السودانية»، منوهاً بأن «الدول الأربع تؤيد العودة لمسار جدة».

ورجح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشاركة الحكومة السودانية في مسار مفاوضات «الآلية الرباعية حال العودة إلى مسار جدة، ولن تقاطعه كما فعلت في مبادرة جنيف».

وأشار إلى أن «فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يغير من معادلة التأثير الدولي في الحرب داخل السودان».

وكان السفير السوداني في القاهرة عماد الدين عدوي، شدّد على «تمسك بلاده بمسار جدة، بوصفه آلية للتفاوض لوقف الحرب»، وقال في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين المصرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده ترفض المشاركة في أي مبادرة أفريقية، إلا بعد عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقي».