موسكو مختلفة حول قيود النمو الاقتصادي

بوتين يراها مركزة في عوامل خارجية... و«المركزي» يشدد على العكس

إلفيرا نابيولينا مديرة البنك المركزي الروسي (رويترز)
إلفيرا نابيولينا مديرة البنك المركزي الروسي (رويترز)
TT

موسكو مختلفة حول قيود النمو الاقتصادي

إلفيرا نابيولينا مديرة البنك المركزي الروسي (رويترز)
إلفيرا نابيولينا مديرة البنك المركزي الروسي (رويترز)

تظهر في الآفاق بوادر خلاف في التقييم حول العوامل الأساسية التي تؤثر سلباً على الاقتصاد الروسي. وبينما يرى الرئيس الروسي وبعض من وزرائه أن الأساس يكمن في «عوامل جيوسياسية خارجية»، يشير البنك المركزي إلى العكس، دافعاً بأن العوامل الداخلية هي الأساس، بل إن الظروف الخارجية إيجابية للغاية.
وعبرت إلفيرا نابيولينا، مديرة البنك المركزي الروسي، عن قناعتها بأن العوامل التي تقيد نمو الاقتصاد الروسي داخلية، وقللت من تأثير العوامل الخارجية. وفي مداخلة لها أمام المنتدى المالي الدولي في بطرسبورغ، قالت نابيولينا إن الاقتصاد الروسي لا يعيش حالياً وفق «سيناريو الخطر»، ولفتت إلى ظروف خارجية إيجابية تتوفر حالياً، حيث إن «سعر النفط أعلى بما فيه الكفاية من التوقعات، وروسيا لا تزال محطَّ اهتمام أسواق رأس المال العالمية»، ولهذا ترى أن «قيود النمو الرئيسية داخلية».
ويأتي ذلك بينما كانت العوامل التي تؤثر على نمو الاقتصاد الروسي موضوعاً رئيسياً تناوله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حوار أجرته معه صحيفة إيطالية. وفي إجاباته عن سؤال بهذا الصدد، قال إن الواقع الاقتصادي والظروف الخارجية غير المواتية هي التي تؤثر على خطط التنمية في روسيا.
وأوضح أن تباطؤ تنفيذ خطط التنمية مرتبط بالعوامل الخارجية كتقلبات أسواق الصادرات الرئيسية، إضافة للقيود الخارجية، ووصف سياسة الحكومة بأنها واقعية ومتوازنة للغاية لضمان استقرار الاقتصاد الكلي وتفادي نمو البطالة، مشيراً إلى تخصيص موارد كبيرة لتنفيذ مشاريع وطنية ضخمة ستساهم في تطوير قطاعات اقتصادية رئيسية وتحسين مستوى حياة المواطنين الروس.
ومن جانبها، قدمت نابيولينا عرضاً سريعاً لوتيرة النمو الاقتصادي خلال الفترة الماضية، وقالت إن معدل النمو حالياً عند مستوى 1.5 إلى 2 في المائة، معيدةً إلى الأذهان أنه لم يتجاوز نسبة 0.5 في المائة خلال الربع الأول من العام، في ظل مستويات بطالة متدنية للغاية، على حدّ قولها، وحذرت من أن «هذه هي النتيجة التي سنحصل عليها إن بقينا دون تغيرات بنيوية»، وحملت سياسة دعم الاقتصاد الكلي المسؤولية عن هذا الوضع، وقالت إن تلك السياسة «تسمح باستقرار الاقتصاد عند قدراته الحالية فقط».
وفي موقف رأى مراقبون أنه موجه لبعض الوزراء الذين يحملون العوامل الخارجية مسؤولية عرقلة نمو الاقتصاد الروسي، رأت نابيولينا أن روسيا تتمتع اليوم بحماية في مواجهة المخاطر الخارجية، ولديها إمكانيات لمواجهة تقلبات جديدة محتملة في الأسواق العالمية، لكنها رأت في الوقت ذاته أنه «يجب ألا تكون لدى أي أحد أوهام بأن هذا يكفي، وأن كل شيء الآن على ما يرام»، منوهة بأن مؤشرات سلبية تشكل نقاط ضعف، وقالت بهذا الصدد: «نقف الآن بوجه تحديات أكثر جدية، حيث وتيرة النمو الاقتصادي متدنية للغاية، والاستثمار لا يرى بعد أي آفاق، ودخل المواطنين لا ينمو، بينما يبقى ضعيفاً لدى المواطنين الشعور بأن ذلك الاستقرار الذي تحقق، قدم لهم مستوى حياة أفضل». وعادت ووجهت انتقادات لمن يلقون باللائمة على العوامل الخارجية، وقالت: «دوماً هناك إغراء بأن نلقي بالمسؤولية عن كل شيء على العوامل الخارجية، لكن الأمر لا يقتصر على تلك العوامل وحدها».
ومضت نابيولينا في الدفاع عن وجهة نظرها، وقالت إنه «لا يوجد لدينا مبررات للاعتقاد بأن الظرف الخارجي سيتغير بصورة جذرية على المدى القريب (...) الظروف الخارجية ستبقى معقدة». لكن من جانب آخر ترى مديرة المركزي الروسي أن هذا الوضع الخارجي، أي المشهد الجيوسياسي «ليس سيئاً إلى هذا الحد الكبير»، وأكدت: «واضح تماماً أننا لا نعيش الآن وفق سيناريو الخطر». وعبرت عن قناعتها بأن المناخ الاستثماري عامل رئيسي من العوامل المقيدة للنمو الاقتصادي، وأن تحسين المناخ الاستثماري لا يتوقف على تقليص العقبات الإدارية فقط، مشددة على ضرورة تبني جملة إصلاحات، وفي مقدمتها «حماية الملكية الخاصة، واستقلال القضاء، وتحديداً التسوية القضائية للنزاعات التجارية، وتحسين نوعية الإدارة، وتطوير رأس المال البشري».
واشتكت مديرة المركزي الروسي من عدم تنفيذ أي من تلك الخطوات طيلة السنوات الماضية، وقالت: «نكرر هذه العبارات كما هي منذ عدة سنوات. في البداية بدت بأنها غير صحيحة (...) والآن يبدو الحديث عن المناخ الاستثماري بمثابة (صرخة أمل)». وشددت على ضرورة توفير حوافز لمبادرات قطاع الأعمال، وقالت إن «البيزنس هو من يصنع النمو، لا الدولة».
وبعد أن وصفت المناخ الاستثماري بأنه مشكلة أولى تعيق النمو، وشددت على عدم الوقوف بصمت إزاء هذه المشكلة «إذا كنا نريد فعلاً تحقيق نمو مستقر»، قالت إن المشكلة الثانية هي الوقت الطويل الذي نحتاج إليه للتغيرات البنيوية، موضحة أن تلك الإصلاحات تأجلت أكثر من مرة «في البداية بسبب الأسعار المرتفعة على النفط، ومن ثم نظراً للحاجة إلى التركيز على تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي»، وفي المحصلة «نجد أنفسنا في مصيدة البحث عن حلول سهلة».



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.