تونس: تأسيس أول حزب سياسي يقوده عسكريون متقاعدون

رئاسة الحكومة تمنع النقاب في المؤسسات العامة «لدواع أمنية»

TT

تونس: تأسيس أول حزب سياسي يقوده عسكريون متقاعدون

في خطوة سياسية جديدة تروم القطع مع ظاهرة الابتعاد عن العمل السياسي، التي ميزت المؤسسة العسكرية التونسية لعقود، يعتزم عدد من العسكريين التونسيين المتقاعدين تأسيس أول حزب سياسي مكون من حملة السلاح السابقين. وستعقد هذه الحركة السياسية الجديدة، التي تحمل اسم «هلموا لتونس» مؤتمراً صحافياً، الأربعاء المقبل، بهدف تقديم أهداف هذه الحركة، والإعلان عن خياراتها وبدائلها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ويترأس هذا الحزب السياسي الجديد مصطفى صاحب الطابع، وهو ضابط سابق بالجيش، اختار لحزبه شعار «نعيد المعالي ونبني الجديد».
وما يميز هذه الحركة السياسية عن غيرها هو أن جل المنتمين إليها من القيادات العسكرية والأمنية المتقاعدة، التي تلقت تكويناً أكاديمياً عسكرياً، وهي تسعى، حسب رئيسها، إلى «توحيد التونسيين في إطار توافق وطني، ركيزته الجدارة والمسؤولية والمساءلة والتنوع والواقعية والطموح»، إضافة إلى تأميم ثروات تونس، والتحكم في إنتاج الطاقة وتصديرها، وتحسين الوضع الطاقي في البلاد، بالاعتماد على الطاقات المتجددة، خصوصاً الطاقة الشمسية.
يذكر أن قائد حركة «هلموا لتونس» قدم استقالته من الجيش التونسي سنة 1995. وأسس بعد «ثورة الياسمين»، «حزب الوفاق»، وخاض انتخابات المجلس التأسيسي سنة 2011. غير أنه لم يحصل على أي مقعد برلماني في انتخابات فازت بها «حركة النهضة»، ذات المرجعية الإسلامية.
بخصوص هذه الحركة السياسية الجديدة، قال خليل الحناشي، المحلل السياسي التونسي، إن «مجرد الحديث عن حركة سياسية يقودها من احترف حمل السلاح، ومن تقلد مناصب قيادية في الجيش التونسي من عمداء وقيادات ميدانية، يثير مخاوف التونسيين، وذلك بسبب المقارنة التي ستكون ضرورية نتيجة الوضع في ليبيا، الذي يقوده عسكري متقاعد هو خليفة حفتر، وكذلك الوضع في السودان مع بروز المؤسسة العسكرية كقوة تسعى إلى السلطة، وهو الشيء نفسه تقريباً في الجزائر المجاورة».
ويرى مراقبون أن حركة «هلموا لتونس» قد تشكلت لقطع الطريق ربما أمام حركة «تحيا تونس»، التي يتزعمها يوسف الشاهد، خصوصاً أن العقيد المتقاعد عمر البحروني، أحد مؤسسي «هلموا لتونس» سبق له أن انتقد بشدة حكومة الشاهد، ودعاه إلى الاستقالة عوض تأسيس حزب سياسي جديد، مشيراً في هذا السياق إلى الحصيلة «الكارثية» لفترة حكم الشاهد، على حد قوله، وفي مقدمتها ارتفاع المديونية، وزيادة العجز التجاري، وارتفاع نسبة التضخم، وانخفاض مخزون البلاد من العملة الصعبة. علاوة على الخضوع لإملاءات صناديق النقد الدولية.
على صعيد آخر، فشل البرلمان التونسي في انتخاب أي من المترشحين لعضوية هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد (هيئة دستورية)، إذ لم يتمكن أي أحد من 36 مترشحاً ضمن القائمة النهائية للمترشحين المقبولين لعضوية هذه الهيئة في مختلف الأصناف، من الحصول على الأغلبية المعززة من الأصوات، أي 145 صوتاً من إجمالي 21 صوتاً داخل البرلمان.
ومن المنتظر أن تحال هذه النتائج على مجلس البرلمان، ليقرّر في شأنها عقد جلسة عامة جديدة لانتخاب تسعة أعضاء، يمثلون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد. وسيتم الإعلان عن موعد لاحق لهذه الجلسة البرلمانية. علماً بأن هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد قد تمّت المصادقة على مشروع قانونها الأساسي في سنة 2017، على أن ينتخب أعضاؤها من قبل البرلمان. وعلى الرغم من تصريح بعض البرلمانيين بأن اتفاقاً مسبقاً قد تم التوصل إليه بين رؤساء الكتل البرلمانية لانتخاب الأعضاء، فقد فشل أي منهم في تحصيل الأصوات المطلوبة.
من جهة ثانية، قرر رئيس الحكومة يوسف الشاهد، أمس، منع النقاب في المؤسسات العامة «لدواعٍ أمنية»، على ما أفادت رئاسة الحكومة لوكالة الصحافة الفرنسية.
ووقع الشاهد على منشور حكومي «يمنع كل شخص غير مكشوف الوجه من دخول مقرات الإدارات والمؤسسات والمنشآت العمومية، وذلك لدواعٍ أمنية»، وفقاً للمصدر ذاته.



المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
TT

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

كثفت الجماعة الحوثية من استهداف قطاع التعليم الأهلي ومنتسبيه في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس الأهلية على المشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية»؛ بغية تجنيدهم للدفاع عن أجندتها ذات البعد الطائفي.

وبحسب مصادر تربوية يمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، دشنت الجماعة الحوثية خلال الأيام القليلة الماضية حملات تجنيد للطلاب والكادر التربوي من أجل استقطاب مقاتلين جدد إلى صفوفها.

الانقلابيون أخضعوا طلاباً وتربويين في صنعاء للتعبئة الفكرية والعسكرية (إكس)

ويفرض الانقلابيون الحوثيون على مديري المدارس الخاصة في صنعاء اختيار 15 طالباً و10 تربويين من كل مدرسة في صنعاء؛ لإلحاقهم بدورات تعبوية وعسكرية. كما تتوعد الجماعة - طبقاً للمصادر - الرافضين لتلك التوجيهات بعقوبات مشددة تصل إلى حد الإغلاق وفرض غرامات مالية تأديبية.

وأثار الاستهداف الحوثي الأخير للمدارس موجة غضب ورفض في أوساط الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، فيما اتهم التربويون الجماعة بالمضي في استغلال مؤسسات التعليم بعد تجريفها للحشد والتجنيد.

واشتكى أولياء الأمور في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من استهداف أطفالهم بعد أخذهم عنوة من فصول الدراسة دون معرفتهم إلى أماكن مجهولة لتدريبهم على القتال وغسل أدمغتهم بالأفكار المتطرفة، تمهيداً للزج بهم إلى الجبهات.

ونتيجة لذلك الاستهداف، شهد عدد من المدارس الأهلية في صنعاء غياباً ملحوظاً للطلبة والمعلمين الذي رفضوا استمرار الحضور، جراء ما يقوم به الانقلابيون من إجبار على الالتحاق بالدورات القتالية.

وأفادت مصادر تربوية في صنعاء بأن عدداً كبيراً من أولياء الأمور منعوا أبناءهم من الذهاب للمدارس، خصوصاً تلك المستهدفة حالياً من قبل الجماعة، وذلك خوفاً عليهم من الخضوع القسري للتجنيد.

تعبئة مستمرة

أجبر الانقلابيون الحوثيون مديري مدارس «التواصل» و«منارات» و«النهضة» «ورواد»، وهي مدارس أهلية في صنعاء، على إيقاف الدراسة ليوم واحد بحجة عقد اجتماعات معهم. كما ألزمت الجماعة من خلال تلك الاجتماعات المدارس بتوفير ما لا يقل عن 25 طالباً وتربوياً من كل مدرسة للمشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية».

وشهدت إحدى المناطق في ضواحي صنعاء قبل يومين تدريبات عسكرية ختامية لدفعة جديدة تضم أكثر من 250 طالباً ومعلماً، جرى اختيارهم من 25 مدرسة في مديرية الحيمة الداخلية بصنعاء، وإخضاعهم على مدى أسابيع لدورات قتالية ضمن ما تسميه الجماعة «المرحلة الخامسة من دورات (طوفان الأقصى)».

اتهامات لجماعة الحوثي بإجبار مدارس على تقديم مقاتلين جدد (إعلام حوثي)

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن قيادات في الجماعة تأكيدها أن الدورة ركزت على الجانب التعبوي والقتالي، استجابةً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي؛ استعداداً لما يسميه «مواجهة الأعداء وتحرير الأقصى».

يتزامن هذا التحرك الانقلابي مع استمرار معاناة عشرات الآلاف من المعلمين والتربويين في كافة المناطق تحت سيطرة الجماعة؛ بسبب انقطاع رواتبهم منذ عدة سنوات، مضافاً إليها ارتكاب الجماعة سلسلة لا حصر لها من الانتهاكات التي أدت إلى تعطيل العملية التعليمة بعموم مناطق سيطرتها.

وكانت الجماعة الحوثية أخضعت في أواخر أغسطس (آب) الماضي، أكثر من 80 معلماً وتربوياً في مديرية الصافية في صنعاء لدورات تعبوية وقتالية، كما أرغمت المدارس الأهلية في صنعاء، في حينها، على إحياء مناسبات ذات منحى طائفي، تُضاف إلى أنشطة تعبوية سابقة تستهدف أدمغة وعقول الطلبة بهدف تحشيدهم إلى الجبهات.

وتتهم عدة تقارير محلية وأخرى دولية جماعة الحوثي بأنها لم تكتفِ بتدمير قطاع التعليم في مناطق سيطرتها، من خلال نهب مرتبات المعلمين واستهداف وتفجير المدارس وإغلاق بعضها وتحويل أخرى لثكنات عسكرية، بل سعت بكل طاقتها لإحلال تعليم طائفي بديل يحرض على العنف والقتل والكراهية.