باكستان: اتهامات بتمويل الإرهاب ضد حافظ سعيد

TT

باكستان: اتهامات بتمويل الإرهاب ضد حافظ سعيد

بدأت باكستان، تحت ضغوط من الولايات المتحدة وإحدى مجموعات المراقبة الدولية، في محاكمة مؤسس «الجماعة الإسلامية»، التي خططت ونفذت هجمات مومباي الهندية في عام 2008 باتهامات تتعلق بتمويل الإرهاب، جنباً إلى جنب مع كثير من مساعديه المقربين. وقال المسؤولون إنه تم تسجيل 23 قضية جنائية ضد حافظ محمد سعيد، وأكثر من عشرة آخرين من زملائه في مقاطعة البنجاب الباكستانية، بعد التحقيقات التي أُجرِيَت بشأن جمعيتين خيريتين تعملان واجهة لجماعة «عسكر طيبة» الإرهابية المحظورة التي أسسها من قبل، وهما جماعة الدعوة، وفلاح الإنسانية.
وصرّح مسؤولو مكافحة الإرهاب في باكستان بأن هاتين الجمعيتين الخيريتين كانتا ضالعتين في جمع الأموال لصالح تمويل الإرهاب.
وصرّح مسؤول أمني طلب عدم ذكر هويته بأن حافظ سعيد وأكثر من عشرة من رجاله سوف يُقدّمون للمحاكمة أمام محاكم مكافحة الإرهاب في قضايا تتعلق بتمويل الإرهاب وغسل الأموال.
وكانت باكستان في وقت سابق من العام الحالي قد اتخذت قراراً رسمياً بحظر عمل هاتين الجمعيتين. ووصف المسؤولون الباكستانيون الملاحقات القضائية ضد حافظ سعيد بأنها محاولة جديدة من جانب البلاد امتثالاً لمتطلبات مجموعة العمل المالية، وهي المنظمة الحكومية الدولية المعنية بمراقبة تمويل الإرهاب. وتُعتبر باكستان مدرجة حالياً على القائمة الرمادية لدى المجموعة المذكورة، وتخاطر بالانتقال إلى القائمة السوداء، مما قد يسفر عن فرض عقوبات دولية عليها، إن هي أخفقت في وقف عمليات تمويل الإرهاب في داخل البلاد. ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كان حافظ سعيد، الذي أطلقت إحدى المحاكم الباكستانية سراحه من قبل في عام 2017. سوف يُلقى القبض عليه بصفة عاجلة. ويوجد حافظ سعيد، الذي حددت الحكومة الأميركية مكافأة مالية قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات مؤكدة تؤدي إلى إدانته، في مدينة لاهور الشرقية. ووجهت الهند والولايات المتحدة الاتهامات بالتخطيط وتنفيذ هجمات مومباي الإرهابية، غير أن المحاكم الباكستانية قد رفضت كثيراً من القضايا المرفوعة ضده بسبب عدم كفاية الأدلة. ولقي أكثر من 160 شخصاً مصرعهم في الهجمات التي شُنّت في غير موقع داخل مدينة مومباي الهندية بعام 2008. ويقول المسؤولون الباكستانيون إن الهند لم تقدم حتى الآن الأدلة الكافية لتوجيه الاتهامات الرسمية واعتقال حافظ سعيد.
* خدمة {نيويورك تايمز}
ولا يزال حافظ سعيد من الشخصيات التي تحظى باحترام كثير من المواطنين الباكستانيين، كما انطلق أتباعه في الآونة الأخيرة إلى خوض غمار السياسة. ولكن من الناحية الانتخابية، فإن حزبه السياسي، رابطة «ميلي مسلم»، لم يتمكن من حيازة كثير من الزخم والدعم المطلوب.
وفي وقت سابق من مايو (أيار) الماضي، أصدرت مجموعة العمل المالية تحذيراً موجهاً إلى باكستان، حثته من خلالها على العمل بجدية واتخاذ التدابير الحاسمة ضد عمليات تمويل الإرهاب على أراضيها.
وقالت مجموعة العمل المالية في بيانها الصادر: «تعرب مجموعة العمل المالية عن قلقها البالغ من إخفاق باكستان في استكمال بنود خطة العمل واحترام المواعيد النهائية المحددة لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي، كما أخفقت باكستان كذلك في استكمال بنود خطة العمل المحددة لشهر مايو عام 2019. هذا، وتحض مجموعة العمل المالية باكستان بشدة على استكمال خطة العمل سريعاً بحلول أكتوبر (تشرين الأول) 2019. وذلك مع انتهاء صلاحية بنود خطة العمل الأخيرة».
وتتهم الدول الغربية الجيش الباكستاني بمواصلة رعايته للجماعات المتطرفة العاملة على الأراضي الباكستانية كوكلاء ضد البلدان المجاورة، بما في ذلك حركة «طالبان» العاملة ضد حكومة أفغانستان، وحركة «عسكر طيبة» العاملة ضد الحكومة الهندية.
وعلى صعيد علني متصل، يُصرّ المسؤولون في باكستان على أن البلاد قد تغيرت بالفعل ولم تعد تواصل تلك الاستراتيجية. وصرح المسؤولون المدنيون والعسكريون في باكستان بأن الجماعات المتطرفة والمسلحة تشكل تهديداً كبيراً للمصالح الباكستانية بأكثر مما تستحق.
وفي مقابلة أجرتها صحيفة «نيويورك تايمز» في أبريل (نيسان) الماضي مع رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان صرح بأن قرار حكومته تضييق الخناق على الجماعات المتطرفة والمسلحة داخلياً هو قرار باكستاني مستقلّ وغير ناشئ عن أي ضغوط خارجية كانت، وأضاف مصرحاً للصحيفة الأميركية: «لقد اتخذنا القرار لأجل مستقبل بلادنا (بصرف النظر تماماً عن الضغوط الخارجية)، ولن نسمح للميليشيات المسلحة بالعمل على أراضينا بعد اليوم».
ولكن لا تزال هناك شكوك تتعلق بتلك التأكيدات؛ إذ أصدر المسؤولون الباكستانيون تعهدات مماثلة في الماضي، ولم يتم الوفاء بها، مع استمرار الجماعات المتطرفة والمسلحة الصمود والمقاومة في وجه الحملات الأمنية والعسكرية المختلفة التي تشنها الحكومة الباكستانية عليهم.

- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.