أعادت القيادة البحرينية أمس إحياء مبادرة حوار التوافق الوطني، بعد لقاء جمع الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد في قصر الرفاع مع رئيسي مجلسي النواب والشورى وعدد من المستقلين من أعضاء السلطة التشريعية ورؤساء وممثلي الجمعيات السياسية.
وقال الأمير سلمان بن حمد آل خليفة إن الالتزام بمبادئ الجدية والشفافية والمصداقية بحس عالٍ من المسؤولية الوطنية واجب على جميع الأطراف المعنية بعملية الحوار لتدعيم مسيرة العمل الوطني المشترك المعزز لدولة المؤسسات والقانون. وأشار ولي العهد إلى أن الروح التي سادت في اجتماع أمس كانت إيجابية من خلال تفاعل كافة الأطراف مما يمهد الطريق لتقريب وجهات النظر ووضع المصلحة الوطنية فوق أي اعتبارات أخرى من خلال التشاور بين جميع الأطراف المعنية للدخول بنمط جديد في عملية الحوار الوطني.
وجرى التوافق على البنود الرئيسية للنقاش في الحوار الوطني خلال المرحلة المقبلة وأكد ولي العهد على أهمية رفع مستوى التمثيل من كافة الأطراف المشاركة من أجل ضمان تقديم الرؤية السليمة لكل طرف. كما أشار إلى حرص الملك على استنهاض الجهود والنوايا الحسنة نحو كل ما يلم شمل المجتمع البحريني ويصون وحدة صفه وكلمته، ليظل التنوع والتعددية في مملكة البحرين سمات تميزها وتعزز مقوماته الحضارية.
كما أكد على أن تحمل المسؤولية الوطنية التاريخية يتطلب من الجميع السعي بفاعلية لتهيئة الأجواء وأن لا نتيح الفرصة لمن يريد أن يعرقل مسيرة الحوار مع ضرورة البحث عن القواسم المشتركة مع بقية الأطراف للتوصل إلى توافقات وطنية جامعة تصب في صالح كافة مكونات المجتمع البحريني لتظل البحرين دوما أولا وأملا للجميع.
وعد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة أن التمسك بالهوية الوطنية البحرينية الجامعة صمام أمان وضمانة لحفظ روح الوطن وضم الجهود الصادقة بإخلاص لإبقاء مسيرة الوطن وتعزيز مكتسباته كوجهة موحدة تتخذ من المشروع الإصلاحي الذي اختطه الملك حمد بن عيسى آل خليفة نبراسا ينير الدرب لتحقيق مزيد من نهضة الوطن بتضافر أيادي أبنائه جميعا.
بدورها، أعلنت الجمعيات السياسية المعارضة (جمعية العمل الوطني الديمقراطي وعد، وجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي، وجمعية الإخاء الوطني، وجمعية التجمع القومي الديمقراطي، وجمعية الوفاق الوطني الإسلامية) أن لقاءها مع ولي العهد جاء لتدارس سبل إيجاد حوار جاد ينتج صيغة سياسية جديدة تشكل حلا شاملا ودائما يحقق تطلعات جميع البحرينيين. ووصفت اللقاء بأنه «تميز بالصراحة والشفافية التامة» وبحسب مصدر فإنه جرى توجيه الدعوة إلى جمعية الوفاق التي شاركت في اللقاء بفريق ضم الأمين العام للجمعية الشيخ علي سلمان، ونائبه خليل المرزوق، والقيادي جميل كاظم.
وسيتولى الديوان الملكي التنسيق بين الأطراف المشاركة في اللقاءات التي سيقودها نائب رئيس مجلس الوزراء بدءا من الأسبوع المقبل، وأعلن اللقاء عن التوافق على بنود النقاش الرئيسية على طاولة الحوار في الفترة المقبلة، ورفع مستوى تمثيل الأطراف المشاركة في الحوار، والتشاور بين أطراف الحوار للدخول بنمط جديد في عملية الحوار. وجاء لقاء أمس بعد تعليق الحكومة البحرينية حوار التوافق إثر تغيب المعارضة عن جلسات الحوار منذ 18 سبتمبر (أيلول) من عام 2013.
وقالت سميرة رجب وزيرة الدولة لشؤون الإعلام المتحدثة باسم الحكومة البحرينية لـ«الشرق الأوسط»، إن لقاء الأطراف المشاركة في حوار التوافق الوطني مع ولي العهد خرج بتوافق على رفع مستوى تمثيل كل الأطراف المشاركة، وأيضا كانت هناك إشارة إلى رفع مستوى التمثيل الحكومي في الحوار إلى نائب رئيس الوزراء.
وأضافت رجب إن الحوار سيسبقه لقاءات ثنائية تشاورية بدءا من الأسبوع المقبل ينسق بين أطرافها الديوان الملكي. وبخصوص الاتفاق على بنود النقاش التي تشمل تشكيل الحكومة وتشكيل السلطة التشريعية واستقلال القضاء والأمن والدوائر الانتخابية، مؤكدة أن الحوار لم يرفض النقاش حول هذه البنود، ولم تكن غائبة عن الحوار السابق.
وعدّ جميل كاظم عضو الوفد المشارك في لقاء ولي العهد فإن نتائج اللقاء كانت إيجابية، وقال: إن ولي العهد طرح فكرة رفع مستوى التمثيل الحكومي في الحوار إلى مستوى نائب رئيس مجلس الوزراء وبمتابعة للقاءات التي ستتم بين الأطراف المختلفة مباشرة من ولي العهد. وأضاف كاظم أن اللقاءات ستضم الأطراف المشاركة في الحوار (الحكومة وائتلاف الجمعيات وأعضاء السلطة التشريعية، والمعارضة) لتقريب وجهات النظر لردم الهوة بين المعارضة والأطراف الأخرى تفضي هذه اللقاءات إلى طاولة حوار واضحة المعالم يتم التوافق حول نتائجها. متابعا إن حوار التوافق الوطني الذي علق حديثا انتهى ولن يعود له أحد، وإنما النمط الجديد للحوار لقاءات بين الأطراف الأربعة يقودها نائب رئيس مجلس الوزراء.
واستطرد «إن أجندات النقاش في هذه اللقاءات ستتمحور حول «تشكيل السلطة التشريعية، وتشكيل الحكومة، واستقلال القضاء، وإعادة توزيع الدوائر الانتخابية، والأمن للجميع».
ونقلت «الشرق الأوسط» حينها عن سميرة رجب وزيرة الدولة لشؤون الإعلام والمتحدثة باسم الحكومة البحرينية أن «مشاورات جانبية تشمل جميع الأطراف بما فيها الحكومة والمعارضة ستجرى لمحاولة تقريب وجهات النظر للعودة إلى طاولة الحوار». ووصف اللقاء الذي جمع ولي العهد بالأطراف المشاركة في حوار التوافق الوطني بالإضافة إلى رئيسي مجلسي النواب والشورى، بأنه جاء تنفيذا للتوجيه الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد على استمرارية وتيرة الإصلاح والتطوير، وبحث السبل الكفيلة بتجاوز التحديات التي واجهت تقدم جلسات استكمال الحوار الوطني وتحقيقه للنتائج المرجوة.