بريطانيا «لا تدعم أعمال العنف» لكنها تواصل الضغط على بكين بشأن هونغ كونغhttps://aawsat.com/home/article/1798396/%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-%C2%AB%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A3%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D9%81%C2%BB-%D9%84%D9%83%D9%86%D9%87%D8%A7-%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%BA%D8%B7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A8%D9%83%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D9%87%D9%88%D9%86%D8%BA-%D9%83%D9%88%D9%86%D8%BA
بريطانيا «لا تدعم أعمال العنف» لكنها تواصل الضغط على بكين بشأن هونغ كونغ
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
بريطانيا «لا تدعم أعمال العنف» لكنها تواصل الضغط على بكين بشأن هونغ كونغ
كررت لندن تحذيراتها لبكين إذا خالفت الصين التعهدات التي قطعتها بشأن الحقوق الديمقراطية في هونغ كونغ عندما أعادت المنطقة إليها عام 1997، وكانت الصين أعلنت الأربعاء أنها تقدمت باحتجاج رسمي إلى لندن بعدما حذر هنت من «عواقب وخيمة» إذا خالفت اتفاق إعادة هونغ كونغ إلى سيادتها. وأكد وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت الخميس أنه سيواصل الضغط على الصين بشأن معاملة المحتجين في هونغ كونغ وسط تصاعد للخلاف الدبلوماسي بين البلدين. وقال هنت في حديث لإذاعة هيئة البث البريطاني «بي بي سي» إن «الخيارات يجب أن تبقى مفتوحة». وقال إن «ما أردت توضيحه هو أن هذه قضية لا يمكن تجاوزها بل مسألة جدية جدا للمملكة المتحدة». وأضاف أنه لم يساند أي احتجاجات عنيفة في هونغ كونغ، وذلك بعدما ألقت وسائل إعلام صينية باللائمة في الاضطرابات الواقعة بالمستعمرة البريطانية السابقة على تدخل حكومات غربية. وقال هنت: «دعوني أوضح ما قلت. لقد قلت إنني أدين، وإن المملكة المتحدة تدين، كل أشكال العنف وإن الناس الذين يؤيدون المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية سيستاءون جدا من المشاهد التي رأوها». وأضاف أن على السلطات أن تعالج جذور المشكلة التي سببت الاحتجاجات على قانون لتسليم المشتبه بهم إلى الصين، وهو قانون تقرر تعليقه. وأضاف أنه لا يرى سببا يعوق استمرار العلاقات الطيبة بين بريطانيا والصين. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية جينغ شوانغ في لقائه الدوري مع الصحافيين: «يبدو أنه يعيش في الخيال بشأن المجد البائد للاستعمار البريطاني ويلجأ إلى العادة السيئة في التحدث بفوقية عن شؤون دول أخرى». من جهته، طالب سفير الصين لدى بريطانيا ليو شياومينغ في مؤتمر صحافي نقلته شبكة «سكاي نيوز» الإخبارية: «آمل أن تدرك الحكومة البريطانية التداعيات (...) وأن تكف عن التدخل، وعن إلحاق مزيد من الضرر في العلاقات». واستدعت بريطانيا السفير الصيني إلى اجتماع ليل الأربعاء الخميس لبحث الاحتجاجات التي تشهدها المستعمرة البريطانية السابقة. وأكد هنت الخميس أنه لا يدعم المحتجين العنيفين الذين هاجموا برلمان هونغ كونغ، لكنه أكد أنه يجب عدم استخدام «القمع» في التعامل معهم. وقال: «نعتبر الوضع مقلقا جدا. لا نطلب سوى احترام الاتفاق (حول إعادة هونغ كونغ) الذي أبرمناه مع الصين في». ورد الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية بأن «بعض الأشخاص في الجانب البريطاني يدلون بملاحظات لا مسؤولة حول قضية هونغ كونغ». وأضاف أن «الجانب الصيني رد بشكل واضح على تصريحات هنت الخاطئة بشأن هونغ كونغ، ورد الصين ينطبق على التصريحات المماثلة التي يدلي بها مسؤولون آخرون في الحكومة البريطانية».
2025... عام ملء الفراغات؟https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/5098475-2025-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%84%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%BA%D8%A7%D8%AA%D8%9F
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.
يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟
بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.
دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.
بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».
حال العالم
في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.
في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.
وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.
يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟
إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.
شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.
التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ
مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.
تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.
في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟