في أول بادرة خير لصالح المعسكر الرافض لانفصال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، أظهر آخر استطلاع للرأي أن المنافسة ما زالت في أشدها، لكنها تميل قليلا لصالح حملة «أفضل معا» التي تأمل أن تقنع جمهور الناخبين أن يصوت يوم الخميس المقبل بكلمة «لا»، ويحفظ الاتحاد القائم بين أجزاء المملكة المتحدة منذ 1707، الذي يضم، إلى جانب اسكتلندا، إنجلترا وآيرلندا الشمالية وويلز.
وأظهر استطلاع الليلة قبل الماضية أن 53% من الاسكتلنديين ينوون التصويت ضد الانفصال عن المملكة المتحدة، مقابل 47% لصالح حملة «نعم» التي يقودها الحزب الوطني الاسكتلندي، بقيادة زعيمه أليكس ساموند. الاستطلاع الذي نُشر في بداية هذا الأسبوع كانت نتيجته لصالح معسكر الانفصال وبنسبة 51% مقابل 49%، أي بفارق نقطتين، ودق جرس الإنذار في أوساط المؤسسة السياسية البريطانية، بشتى أحزابها الرئيسة، سواء الحاكمة منها أو التي تجلس في مقاعد المعارضة.
الاستطلاع الأخير كان لصالح صحيفة «ديلي ريكورد» الاسكتلندية. وجاءت نسبة من يريدون التصويت بنعم 47%، مقابل 53% لصالح المعسكر المعارض للانفصال.
النتيجة التي أعلنت عنها يوم الأحد الماضي مؤسسة «يوغوف» وصحيفة «صنداي تايمز» جاءت مفاجئة للجميع. بعد أن كانت قد أظهرت استطلاعاتها، منذ أن حددت الحكومة المركزية والحكومة المحلية في نوفمبر (تشرين الثاني) موعد الاستفتاء في يوم 18 سبتمبر (أيلول) الحالي، وجود فجوة كبيرة بين المعسكرين، ونتيجتها ستكون لصالح بقاء اسكتلندا في الاتحاد.
لكن مع اقتراب موعد الاستفتاء، وتقليص الفجوة بين المعسكرين، دبت حالة من الاضطراب في أوساط النخبة السياسية. وقرر قادة الأحزاب الرئيسة إلغاء جلسات البرلمان الأسبوعية والتوجه مباشرة إلى أرض المعركة التي يتحدد فيها مستقبل بريطانيا، والتي قد تتفكك مع بداية انفصال اسكتلندا. وانضم إلى رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، نائبه في الحكومة الائتلافية زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار نيك كليغ، وزعيم حزب العمال المعارض، إد ميليباند، إضافة إلى عدد من السياسيين المتنفذين ووزراء سابقين، أمثال جون بريسكوت نائب رئيس الوزراء الأسبق في حكومة توني بلير العمالية، ورئيس الوزراء السابق العمالي غوردون براون، الذي أسندت إليه مهمة التكلم باسم جميع الأحزاب والحكومة بخصوص حزمة من السلطات الجديدة، التي يريدون منحها للبرلمان المحلي في أدنبره من أجل استمالة الناخبين وإقناعهم للتصويت بـ«لا»، والحفاظ على الاتحاد القائم منذ 1707.
زعيم الحزب الوطني الاسكتلندي أليكس ساموند تهكم على وجود هذا العدد من الكبير من السياسيين، الذين سماهم «فريق ويستمنستر». كما اتهمهم بأنهم يحاولون «رشوة» الناخب الاسكتلندي بحزمة من السلطات الجديدة تُمنح إلى الحكومة المحلية في برلمان هوليرود بأدنبره.
وعلى أثر الاستطلاع قبل الأخير، اتهمت الأحزاب الحاكمة بالتقاعس تجاه هذه القضية المصيرية التي قد تعني تفكك بريطانيا إلى دويلات صغيرة. انفصال اسكتلندا قد يؤدي إلى انفصال آيرلندا الشمالية وويلز، ومقاطعة كورنويل، في جنوب غربي إنجلترا. بعض المحللين، مثل ماثيو ديانكونا، طرح أمس في مقال نشره في «إيفنينغ ستاندارد» حول إمكانية الاستقلال.
كما أن سايمون جنكينز الصحافي المخضرم بدأ يتكلم عن كيف أن بعض المناطق في شمال إنجلترا، ولندن أيضا، قد تطالب بتحديد نسبة ضريبة الدخل والمصروفات.
أما رئيس الوزراء الأسبق، كما جاء أمس في تغطية الشرق الأوسط لموضوع انفصال اسكتلندا، فقال إن الانفصال سيضعف موقف بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، وفي علاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وفي المحافل الدولية والأمم المتحدة، وقد تخسر مقعدها الدائم في مجلس الأمن.
وأضاف: «أشعر بقلق شديد باتجاه هذه التطورات. سنصبح أضعف بكثير كأمة على جميع الأصعدة، أخلاقيا وسياسيا وفي جميع القضايا المادية إذا انفصلت اسكتلندا عن المملكة المتحدة»، مضيفا أن القدرات النووية الرادعة ستصبح غير فعالة «أن يكون ذلك سببه الأعداء فهذه كارثة، لكن أن يكون سببه الأصدقاء فهذا شيء لا يمكن تصديقه».
أما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، فقال إنه سيكون «حزينا للغاية» إذا اختارت اسكتلندا الانفصال. وقال كاميرون في زيارة لمكاتب شركة «سكوتش ويدوز» للتأمين في أدنبره: «أهتم ببلدي أكثرا مما أهتم بحزبي». وتابع: «أنا أهتم كثيرا بهذا البلد الاستثنائي، هذه المملكة المتحدة التي بنيناها معا.. سأكون حزينا للغاية إذا تمزقت هذه الأمم التي جمعناها معا»، وتابع: «لأنها انتخابات فالناس يعتقدون أنها مثل الانتخابات العامة.. إذا سئمت من المحافظين فتخلص منهم.. هذا ليس قرارا خاصا بالسنوات الـ5 المقبلة، ولكن بالقرن المقبل».
وكتب كاميرون في صحيفة «ديلي ميل» قائلا: «في كل أنحاء إنجلترا وآيرلندا الشمالية وويلز، خوفنا على ما قد نفقده لا يضاهيه سوى شغفنا بما يمكن أن نحققه إذا بقينا معا»، وقال: «إذا تكاتفنا معا، يمكننا مواصلة بناء مستقبل أفضل لأبنائنا.. يمكننا أن نضمن أن يكون مستقبلنا مثل تاريخنا، لأنه لن تكون هناك حقيقة فرص أخرى.. إذا تفتتت المملكة المتحدة، فإنها سوف تتفتت إلى الأبد».
استنفار قادة بريطانيا يعدل الكفة لصالح بقاء اسكوتلندا
3 بنوك كبرى تدافع عن وحدة المملكة المتحدة.. وسالموند يندد بـ«مناورة جرت بالتنسيق مع وستمنستر»
موظفون يضعون شعارات مختلفة الأحجام لحملة «نعم» المؤيدة لانفصال اسكوتلندا عند مدخل محلهم في منطقة ستورنواي التابعة لجزيرة لويس الاسكوتلندية أمس (رويترز)
استنفار قادة بريطانيا يعدل الكفة لصالح بقاء اسكوتلندا
موظفون يضعون شعارات مختلفة الأحجام لحملة «نعم» المؤيدة لانفصال اسكوتلندا عند مدخل محلهم في منطقة ستورنواي التابعة لجزيرة لويس الاسكوتلندية أمس (رويترز)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة
