بيدرسن في موسكو اليوم لإنجاز تشكيل «الدستورية» السورية

قلق روسي بسبب «الهجمات الإسرائيلية المتواصلة»

TT

بيدرسن في موسكو اليوم لإنجاز تشكيل «الدستورية» السورية

أعلن في العاصمة الروسية أن المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن يبدأ اليوم زيارة إلى روسيا يجري خلالها محادثات مع الوزير سيرغي لافروف ومسؤولين آخرين، في وقت جددت موسكو توجيه انتقادات قوية ضد الضربات الإسرائيلية على الأراضي السورية، وأعربت الخارجية الروسية عن «قلق» بسبب ما وصفته بأنه «تهديد بزعزعة الاستقرار الإقليمي».
وواصلت موسكو أمس، حملة انتقادات غير مسبوقة ضد التحركات الإسرائيلية في سوريا، وتعمدت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا خلال إيجاز صحافي أسبوعي أن تؤكد قيام المقاتلات الإسرائيلية بشن ضربات في سوريا رغم التزام تل أبيب الصمت وعدم إعلان مسؤوليتها عن الهجوم خلافا للوضع حيال الضربات السابقة التي شنتها إسرائيل في سوريا.
وقالت زاخاروفا: «بالفعل وجهت مقاتلات تابعة للقوات الجوية الإسرائيلية، ليلة 1 يوليو (تموز) عبرت الأجواء اللبنانية سلسلة من الضربات الصاروخية إلى الأراضي السورية طالت ريف حمص ومحيط دمشق. وتم اعتراض جزء من الصواريخ من قبل قوات الدفاع الجوي السورية. ونفذت بعض الضربات في قرب مباشر من الأحياء السكنية... وأصبحت هذه العملية الإسرائيلية الأكبر من نوعها منذ مايو (أيار) 2018».
وزادت زاخاروفا أن موسكو «تشعر بقلق بالغ بسبب هذا التطور» ووصفته بأنه «يمثل تصعيدا للوضع». وأوضحت الدبلوماسية الروسية أن «عمليات استخدام القوة التي تنتهك بشكل سافر سيادة سوريا، لا تسهم في تطبيع الوضع في هذا البلد، بل تحمل تهديدا بزعزعة الاستقرار الإقليمي، التي لا يمكن في ظروفها ضمان مصالح الأمن القومي لأي من دول الشرق الأوسط بشكل آمن».
وكان لافتا أن ردود الفعل الروسية توالت على هذه الضربات، وأكدت موسكو مسؤولية إسرائيل عنها. ورأى فيها الكرملين تصعيدا مقلقا، فيما قالت الخارجية الروسية في بيان سابق إنها تراقب الوضع عن كثب وتقوم بتحليل المعطيات الواردة عن الضربات. وشكل هذا الموقف تحولا عن مواقف موسكو السابقة، إذ كانت موسكو تتجنب إصدار تصريحات فيها انتقاد أو إدانة للتحركات الإسرائيلية في سوريا، على مدى السنوات الثلاث الماضية منذ بدء التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا. وعزا خبراء روس هذا التحول إلى بروز حال استياء ونوع من الحرج لدى موسكو لأن الضربات الأخيرة جاءت بعد مرور أيام فقط على اجتماع غير مسبوق لرؤساء مجالس الأمن القومي في روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل، كان ملف الوجود الإيراني في سوريا على رأس جدول الأعمال خلاله. ولفتت أوساط روسية إلى مخاوف روسية من «تفسير الضربات الأخيرة بأنها جاءت بضوء أخضر من جانب موسكو، في حين أن ملف وجود القوات الإيرانية في سوريا ما زال خلافيا، وترى موسكو ضرورة استكمال الحوار بشأنه بين الأطراف الثلاثة».
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بمقتل 4 مدنيين جراء الغارات الإسرائيلية على مدينة حمص ومحيط دمشق، فيما لم تعلق إسرائيل رسميا على الحدث، رغم إقرارها في الماضي بتنفيذ مئات الهجمات على أهداف في سوريا.
إلى ذلك، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، أن بيدرسن، يبدأ زيارة إلى موسكو اليوم، يلتقي خلالها لافروف ومسؤولين آخرين. وينتظر أن يجري اللقاء مع لافروف غدا، فيما لم تعلن تفاصيل عن لقاءات مرتقبة في وزارة الدفاع أو مجلس الأمن القومي الروسي.
وأفادت مصادر دبلوماسية بأن موسكو ترغب في مناقشة الرؤية التي يقوم بيدرسون ببلورتها حول سبل استئناف العملية السياسية، مشيرة إلى أن موسكو ستركز من جانبها على ملف تشكيل اللجنة الدستورية وإطلاق عملها في أسرع وقت.
وقال فيرشينين أمس إن «تشكيل اللجنة الدستورية السورية على وشك الانتهاء»، مشيرا إلى «تفاصيل قليلة» ما زالت عالقة و«يجري العمل لتسويتها». وأوضح: «نستعد لأن تبدأ (اللجنة) عملها بأسرع ما يمكن. ومن المهم تنسيق التفاصيل القليلة الباقية، نحن قريبون من ذلك».
وتطرق فيرشينين إلى جهود ترتيب قمة روسية تركية إيرانية، وقال إن الأطراف الثلاثة «لم تتفق على موعد محدد لها». وأوضح الدبلوماسي الروسي أنه «لا توجد لدينا مقترحات محددة، لكن الدور منوط بتركيا، وكلما كان ذلك أسرع، كان أفضل بطبيعة الحال، نظرا إلى تطور الوضع». وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تحدث الأسبوع الماضي، عن احتمال عقد اجتماع لقادة روسيا وتركيا وإيران «في غضون أيام». وأعلن الكرملين أن الاتصالات بين الأطراف الثلاثة «مستمرة بشكل متواصل» من دون أن يحدد موقف حيال القمة المقترحة. فيما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن «الشراكة مع تركيا على مستوى استراتيجي ونحن على اتصال دائم مع (الرئيس رجب طيب) إردوغان».



سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
TT

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)

يتزايد عدد الأطفال اليمنيين المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد. وفي حين يستعد النازحون لمواجهة شتاء قاسٍ بنقص شديد في الموارد المعيشية، مع تقليص المساعدات الإغاثية الدولية، كشفت تقارير أممية عن نهب الدعم المخصص لمواجهة انعدام الأمن الغذائي.

وارتفع عدد الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد بنسبة 34 في المائة عن العام السابق ليصل إلى 600 ألف طفل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل الأخير لسوء التغذية الحاد الذي تبنته منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة «يونيسيف».

وبينت «يونيسيف» عبر موقعها على الإنترنت أن مديريات المخا في تعز، والخوخة وحيس في الحديدة على الساحل الغربي شهدت مستويات «حرجة للغاية» من سوء التغذية الحاد، وهي المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل، لأول مرة، مقدرة أن أكثر من 36 في المائة من الأطفال اليمنيين يعانون من سوء التغذية الحاد.

ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

وأرجعت المنظمة الأممية زيادة سوء التغذية الحاد في اليمن إلى تفشي الأمراض وانعدام الأمن الغذائي الشديد ونقص الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، محذرة من أن سوء التغذية قد يكون قاتلاً إذا لم يتم علاجه، خاصة في مناطق الساحل الغربي.

كما ساهمت الفيضانات وانتشار الأمراض في الأشهر الأخيرة من تعقيد الوضع، بالإضافة إلى نقص الوعي الصحي حول تنظيم الأسرة وأهمية التطعيم، في حين دمرت الأمطار الغزيرة المنازل وشردت الأسر، وضاعف انتشار الكوليرا والملاريا وحمى الضنك من حدة سوء التغذية، إلى جانب نقص الوعي بالعناصر الغذائية الصحيحة.

زيادات متوقعة

في مارس (آذار) الماضي أعلن برنامج الغذاء العالمي عن تعليق برنامج الوقاية من سوء التغذية الحاد، بسبب نقص التمويل، تاركاً ما يقارب 3 ملايين طفل وامرأة معرضين لخطر سوء التغذية.

وذكرت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» في مدينة تعز (جنوبي غرب) أن عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين تستقبلهم المستشفيات والمراكز المتخصصة، يزيدون على 30 ألف طفل، ويجد القائمون على هذه المراكز صعوبة في استيعاب أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين يزورونها يومياً لتلقي العلاج.

رغم تراجع التمويل لا تزال بعض الوكالات الأممية والمنظمات الدولية تقدم معونات في اليمن (الأمم المتحدة)

ونبهت المصادر إلى أن تقليص المنظمات الدولية لتدخلاتها ومساعداتها الغذائية في الأسابيع الأخيرة ينذر بتفاقم الوضع، وتحول آلاف الأطفال المصابين بسوء التغذية المتوسط إلى وخيم.

وفي محافظة لحج (جنوب غرب)، قدرت مصادر طبية أن نسبة الأطفال المصابين بسوء التغذية تزيد على 20 في المائة، حيث تستقبل المستشفيات والمراكز المتخصصة آلاف الأطفال شهرياً لتلقي العلاج، مع صعوبة بالغة تواجهها لاستيعاب هذه الحالات.

ويستغرب الباحث اليمني فارس النجار، في حديث لـ«الشرق الأوسط» من إصرار المنظمات الأممية والدولية على تقليص المساعدات الإغاثية المقدمة إلى اليمن، في ظل التراجع الاقتصادي الذي تشهده البلاد بسبب عدد من العوامل، ومن بينها الآليات التي تعمل بها الأمم المتحدة والوكالات الإغاثية، التي بسببها لا تمر أموال المساعدات عبر البنك المركزي اليمني، إلى جانب الفساد وسوء الإدارة الذي يطبع وسائل العمل الإغاثي الدولي في اليمن.

في غضون ذلك، دعا جمال بلفقيه، وهو رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية، إلى تنظيم إجراءات جدية وفاعلة لمنع استغلال العمل الإغاثي والمساعدات الدولية في اليمن لصالح الجماعة الحوثية، منوهاً إلى أن تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن قد كشف الكثير من الانتهاكات التي تتعرض لها أعمال الإغاثة على يد الجماعة، إلى جانب ما تمارسه من تعسفات بحق موظفي المنظمات الدولية والأممية.

التطرفات المناخية والفيضانات تسببتا في نزوح آلاف اليمنيين وفقدانهم المأوى دون تلقي مساعدات إغاثية كافية (أ.ف.ب)

وحث بلفقيه في حديث لـ«الشرق الأوسط» الحكومة اليمنية متمثلة بوزارة التخطيط على وقف كل الاتفاقيات، وعدم توقيع اتفاقيات جديدة مع المنظمات الدولية والأممية، إلا بعد نقل مقراتها وأنشطتها وحساباتها البنكية إلى المحافظات المحررة، مستغرباً من استمرار عمل هذه المنظمات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بعد كل ما جرى كشفه من انتهاكات بحقها وبحق العمل الإغاثي.

تأثير التطرفات المناخية

كشف صندوق الأمم المتحدة للسكان عن نزوح نحو 18 ألف يمني، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بسبب الصراع والتطرفات المناخية.

وأوضح الصندوق أن آلية الاستجابة السريعة للأمم المتحدة بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، ساعدت 17458 فرداً بإغاثة عاجلة منقذة للحياة خلال الشهر الماضي، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصندوق المركزي للأمم المتحدة للاستجابة لحالات الطوارئ.

ورغم تراجع الأمطار الغزيرة بنسبة كبيرة منذ نهاية الصيف الماضي، فإن عدداً من المناطق لا تزال تشهد أمطاراً غزيرة تلحق أضراراً بالممتلكات والمساكن وتعطيل الأراضي الزراعية التي تضررت بنسبة 85 في المائة إلى جانب إتلاف المحاصيل، وتدمير سبل العيش، طبقاً للوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

ينتظر النازحون اليمنيون شتاء قاسياً في ظل نقص الموارد والمعونات وتراجع تمويلات المساعدات الدولية (غيتي)

ورجحت الوكالة في تقرير أخير لها أن أكثر من 650 ألفاً من النازحين، والعائدين من النزوح، وأفراد المجتمع المضيف في اليمن، بحاجة ماسة لمساعدات المأوى والإغاثة للتغلب على قسوة الشتاء القادم.

ويقدر التقرير أن نحو 655 ألف شخص سيحتاجون إلى إمدادات طارئة خلال الفترة الممتدة من الشهر الماضي حتى فبراير (شباط) المقبل.

وينتشر النازحون في 30 موقعاً داخل 11 محافظة يمنية، في مواجهة ظروف شديدة القسوة بسبب الأمطار الموسمية الغزيرة والفيضانات التي شهدتها البلاد، ما يجعلهم عرضة لمخاطر إضافية في فصل الشتاء.

ويعمل شركاء كتلة المأوى على تقديم دعم عاجل لـ232 ألف شخص من الفئات الأكثر ضعفاً، بما يشمل استبدال الملاجئ التالفة، وتوزيع بطانيات حرارية وملابس شتوية.