استمرار الضربات الجوية على «مثلث الشمال» السوري

مقتل مدنيين و15 مقاتلاً في ريف إدلب

TT

استمرار الضربات الجوية على «مثلث الشمال» السوري

قتل وجرح مدنيون في عشرات الغارات السورية على مناطق في «مثلث الشمال» المشمول باتفاق خفض التصعيد بين روسيا وتركيا بموجب اتفاق سوتشي في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن غارات جوية روسية قتلت 15 مسلحاً من فصيل «جيش النخبة» في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا. وقال: إنه «رصد قصفاً جوياً من طائرات روسية استهدفت مقراً عسكرياً لجيش النخبة المنضوي ضمن الجبهة الوطنية للتحرير في قرية مضايا بريف إدلب الجنوبي». وأضاف أن الغارات «تسببت بمقتل ما لا يقل عن 15 عنصراً، وجرح 10 آخرين، بعضهم حالاتهم حرجة؛ ما يرجّح ارتفاع الحصيلة».
وتعتبر إدلب منطقة عمليات روسية، وخضعت على مر العامين الماضيين لاتفاقيات هدنة متتالية، آخرها الاتفاق الروسي - التركي لإنشاء منطقة منزوعة السلاح في سبتمبر الماضي.
ورغم الاتفاق مع تركيا، الداعمة للمعارضة السورية، صعّدت روسيا منذ أشهر قصفها على المحافظة ومحيطها دعماً لقوات النظام السوري. وقد استهدفت واشنطن الأحد اجتماعاً لقياديين من تنظيم مرتبط بـ«القاعدة» في شمال غربي سوريا؛ ما تسبب بمقتل عدد منهم، في ضربة هي الأولى للولايات المتحدة في هذه المنطقة منذ أكثر من عامين.
وكان «المرصد» أفاد مساء الأحد عن مقتل ثمانية عناصر، بينهم ستة قياديين، في تنظيم «حراس الدين» المرتبط بـ«القاعدة»، في قصف صاروخي استهدفهم في ريف حلب الغربي. وينشط هذا التنظيم في منطقة إدلب ويقاتل إلى جانب «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة)، التي تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب ومناطق محاذية لها في حماة وحلب واللاذقية.
وكان سقط عشرات القتلى والجرحى في قصف طائرات حربية روسية على بلدة في ريف إدلب الثلاثاء. وقال مصدر في الدفاع المدني التابع للمعارضة السورية لوكالة الأنباء الألمانية: «سقط 15 قتيلاً وعشرات الجرحى وحدث دمار كبير في قصف جوي على بلدة مدايا بريف إدلب الجنوبي».
وأفاد «المرصد» أمس بأنه بمقتل «مواطنة وإصابة آخرين بجروح جراء قصف طائرات النظام الحربية على منطقة ريف المهندسين الأول بريف حلب الغربي، في حين ارتفع إلى 25 عدد الغارات التي نفذتها طائرات النظام الحربية منذ صباح الأربعاء، مستهدفة أماكن في كل من خان شيخون والهبيط وأطراف معرة حرمة وكرسعة ومحيط كنصفرة وركايا سجنة وحيش وبابولين وحزارين ضمن القطاع الجنوبي من الريف الإدلبي، وريف المهندسين الثاني ومحيط الفوج 46 بريف حلب الغربي، بالإضافة إلى كفرزيتا بريف حماة الشمالي، كما نفذت طائرات روسية 8 غارات جوية على الهبيط جنوب إدلب، ومحيط مورك شمال حماة، كذلك ارتفع إلى 210 عدد القذائف والصواريخ التي أطلقتها قوات النظام على أماكن في كل من حصرايا، والجبين، وتل ملح، وأبو رعيدة، واللطامنة، وكفرزيتا، ولطمين بريف حماة الشمالي، وسفوهن، وبعربو، وحسانة، والنقير، وعابدين، ومحيط خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، وزمار، وجزرايا جنوب حلب».
ومع سقوط المزيد من الخسائر البشرية، يرتفع إلى 2123 شخصاً ممن قتلوا منذ بدء التصعيد الأعنف على الإطلاق ضمن منطقة «خفض التصعيد» في الـ30 من شهر أبريل (نيسان)، وهم 544 مدنياً، بينهم 134 طفلاً و106 مواطنات ممن قتلتهم طائرات النظام و«الضامن» الروسي، بالإضافة إلى القصف والاستهدافات البرية، وهم 61، بينهم 18 طفلاً و16 مواطنة واثنان من الدفاع المدني في القصف الجوي الروسي على ريفي إدلب وحماة، و43 بينهم 9 مواطنات و5 أطفال قتلوا بالبراميل المتفجرة من قبل الطائرات المروحية، و332 بينهم 86 طفلاً و62 مواطنة و4 عناصر من فرق الإنقاذ استشهدوا في استهداف طائرات النظام الحربية، كما استشهد 71 شخصاً، بينهم 11 مواطنة و9 أطفال في قصف بري نفذته قوات النظام، و37 مدنياً، بينهم 16 طفلاً و8 مواطنات في قصف الفصائل على السقيلبية وقمحانة ومخيم النيرب وأحياء بمدينة حلب وريفها الجنوبي، كما قتل في الفترة ذاتها 857 مقاتلاً على الأقل في جراء ضربات الروس والنظام الجوية والبرية وخلال اشتباكات معها، بينهم 542 من المتطرفين، بالإضافة إلى مقتل 722 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها في استهدافات وقصف وتفجيرات واشتباكات مع المجموعات الجهادية والفصائل.
كما وثق «المرصد» خلال الفترة الممتدة من 2 إلى 15 فبراير (شباط) الماضي مقتل 2652 شخصاً في مناطق الهدنة الروسية – التركية، وهم 831 مدنياً، بينهم 220 طفلاً و170 مواطنة، قضوا في القصف الجوي الروسي والقصف الصاروخي من قبل قوات النظام والفصائل، ومن ضمن حصيلة المدنيين، و65 بينهم 22 طفلاً و14 مواطنة قتلوا بسقوط قذائف أطلقتها الفصائل على مناطق تخضع لسيطرة قوات النظام، و943 مقاتلاً قضوا في ظروف مختلفة ضمن المنطقة منزوعة السلاح منذ اتفاق بوتين – إردوغان، من ضمنهم 587 مقاتلاً من المتطرفين، و878 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
ومنذ بدء اتفاق سوتشي، سجل «المرصد» مقتل 2881 شخصاً في مناطق الهدنة الروسية – التركية، بينهم 912 مدنياً، منهم 248 طفلاً.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.