بغداد: استنفار وتبادل حرق منازل بعد سقوط قتيلين في نزاع عشائري

TT

بغداد: استنفار وتبادل حرق منازل بعد سقوط قتيلين في نزاع عشائري

قُتل اثنان من أفراد عائلة المدير العام للدفاع المدني في العراق اللواء كاظم سلمان بوهان، أمس، على خلفية نزاع عشائري في منطقة الفضيلية جنوب شرقي بغداد. ويؤكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن «قيس كاظم نجل اللواء بوهان وابن شقيقه عمر علي سلمان قتلا نتيجة النزاع العشائري الدائر منذ سنتين بين عشيرة عكيل التي ينتمي إليها اللواء وعشيرة عتاب». ورغم إغلاق قوات الأمن جميع الطرق المؤدية إلى الفضيلية واتخاذ إجراءات مشددة، فإن سكاناً في المنطقة يؤكدون احتمال اندلاع المعارك الشرسة بين العشيرتين في أي لحظة.
وشهدت المنطقة استنفاراً وعمليات حرق متبادلة للمنازل بين العشيرتين. ويبدو أن الإجراءات التي اتخذها مجلس القضاء الأعلى العام الماضي والقاضية بإدراج «الدكة العشائرية» (الهجوم المسلح على منزل عشيرة أخرى) ضمن لائحة الإرهاب، لم تحل دون حدوث النزاع المسلح بين العشيرتين الممتد لأكثر من سنتين.
والنزاعات العشائرية واحدة من أعقد التحديات التي واجهتها الحكومات العراقية المتعاقبة، سواء في بغداد أو المحافظات الجنوبية. ويرى كثير من المراقبين والمعنيين بشؤون العشائر أن ضعف الدولة والقانون الذي ارتبط بعراق ما بعد 2003 «كرّس سلوكيات وأعرافا عشائرية غير مقبولة أضرت بالمجتمع وباتت تهدد كيانه وتماسكه».
ويقول مصدر في منطقة الفضيلية طلب عدم نشر اسمه خوفاً من المشاكل العشائرية، إن «النزاع بين عشيرتي عكيل وعتاب يعود إلى شجار شخصي وقع في ساحة لبيع المواشي قبل نحو سنتين، تطور لاحقاً إلى نزاع مسلح تسبب في مقتل 4 أشخاص، وارتفع اليوم ليصل إلى 6». وأشار إلى أن «النزاع بين العشيرتين أثار كثيرا من الضغائن، وتتهم عشيرة عتاب اللواء كاظم بوهان باستغلال نفوذه في وزارة الداخلية للتضييق عليها، فيما تتهم عشيرة عكيل منافستها بأنها التي بدأت النزاع، مشيرة إلى أن 4 من أبنائها قتلوا حتى الآن في مقابل مقتل شخصين من عتاب».
وروى المصدر أن «عشيرة عتاب قامت صباحا بقتل ابن شقيق اللواء بوهان في كمين بمنطقة النهروان الواقعة جنوب بغداد، وأثناء الهجوم المقابل الذي شنته عشيرة عكيل في الفضيلية، قُتل الشاب قيس نجل اللواء». وتوقع أن يدفع حادث اليوم العشيرتين إلى «مزيد من الثارات والأحقاد، خصوصاً مع التهاون الواضح الذي تبديه قوات الأمن الحكومية في تعاملها مع النزاعات العشائرية».
ويقع حي الفضيلية نهر ديالى جنوب شرقي بغداد، وتأسس في ستينات القرن الماضي، وسكنه «تجاوزاً وبطريقة غير قانونية» خليط من العشائر ومربو الجاموس المنحدرون من محافظات ميسان والناصرية والكوت، وفيه معمل للحليب الذي يزوده به مربو الجاموس، وينتج فيه «قيمر العرب» الشهير الذي يفضّله البغداديون في وجبات الإفطار. وفي الفضيلية أيضاً سجن كبير أوقف فيه كبار الساسة من القوميين والشيوعيين والبعثيين في العهود السابقة، وضمنهم الرئيس الراحل صدام حسين، ثم أغلق بعد عام 2003. وتحول إلى بيوت للسكن ومحلات تجارية. ونظراً للامتدادات القبلية لعشائر كعب وعكيل وعتاب والرواجح في الحي الصغير، ونتيجة للفلتان الأمني وضعف القانون، غالباً ما يسمع سكان المناطق المجاورة للحي إطلاق نار من مختلف الأسلحة، بما فيها المدافع والرشاشات الرباعية، وهي تستخدم في النزاعات العشائرية. كما يوجد في هذا الحي كثير من عناصر الفصائل المسلحة والمشتغلين بالتجارة في أنواع الأسلحة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.