«منذ الطفولة، والتفاصيل تلفت نظري. لم أنظر يوماً إلى الأمور بشكل شمولي، بل كنت أدقق دائماً في التفاصيل. أعود إلى أيّام غابرة حين كنت أنبهر بالطريقة التي تتمايل بها تنورة والدتي، وحين كنت أصغي بمتعة إلى صوت كعب حذاء خالتي على الأرض»... بهذه الكلمات يبدأ كريكور جابوتيان حديثه لـ«الشرق الأوسط»، عن مسيرة استطاع أن يجعلها مليئة بالإنجازات الكبيرة عربياً وعالمياَ رغم صغر سنه. فاز مؤخراً بجائزة «فاشون تراست آرابيا»، وظهرت بتصاميمه نجمات على السجاد الأحمر، مثل نادين لبكي في مهرجان كان السينمائي الأخير، بل وحتى الملكة رانيا في مناسبات عدة.
دخل كريكور جابوتيان عالم الموضة بشكل فعلي بدعم من مؤسسة «ستارش» التي أسسها المصمم ربيع كيروز وتدعم المصممين الصاعدين. ويعترف كريكور بأنّه عند إطلاقه مجموعته الأولى في مجال الأزياء الجاهزة تعلّق بها إلى حد أنه لم يشأ أن يبيعها. لاحقاً بدأ الناس يطلبون منه قطعاً معينة مع بعض التعديلات، أو قطعاً مفصلة خصيصاً لهم، وعندها وجد نفسه يطرق باب «الهوت الكوتور».
اليوم يصف المصمم الشاب رحلته بـ«الطبيعية والسلسة إذا صح التعبير»، مشيراً إلى أنّ «التحدي الأكبر الذي واجهته هو شراكة تجارية مؤسفة دفعتني إلى اللجوء إلى عائلتي للخروج منها. وبالفعل ساعدتني العائلة على استعادة حقوق داري».
مثل غيره من كثير من المصممين الشباب، كان لكريكور محطة مهمة تمثلت في عمله مع إيلي صعب. يصف هذه التجربة بالغنية والمفيدة في الوقت ذاته، خصوصاً فيما يتعلق بالتطريز. فمع إيلي صعب بدأ البحث عن المواد المناسبة، وتعلم كثيراً من التقنيات الدقيقة، مثلا كيف تعكس بعض التقنيات الضوء أو تبرز جماليات معينة. عندما استقل وأسس داره الخاصة به، حرص على ألا يكرر نفسه، وأن يعمل وفق تفسيره الخاص، ورؤيته الشخصية؛ مستفيداً من تجاربه الماضية.
يقول أيضاً إنه يعشق الموسيقى العربية الكلاسيكية، وتحديداً صوت أم كلثوم. فهو يُبدع كثيراً من تصاميمه على صوتها، لافتاً أن مصادر إلهامه كثيرة ومتنوعة؛ بعضها من الماضي ومن أحداث تاريخية، وبعضها من الحاضر ومن أحداث معاصرة. يشرح كريكور هذا الجانب بقوله: «أحيانا يكون الرسم هو البداية أو المحرك، وأحياناً أخرى يكون القماش هو المفتاح. بعد ذلك أطلق العنان لنفسي لكي أجسد أفكاري من خلال تصميم يتبلور بالتدريج. في بعض الأحيان يمكن أن يبدأ التصميم بفكرة أو صورة معينة وينتهي بصورة مختلفة تماماً».
وعن ثنائية الثقافتين اللبنانية والأرمنية وتأثيرهما على عمله يقول: «أنا لبناني مثلما أنا أرمني، وكلتا الثقافتين تؤثر على عملي. هذا التأثير يظهر من خلال حبي للتطريز وكيف طورته على مر السنين، لا سيما من منظور الحرفية، حيث نحن معروفون بعملنا اليدوي، وهذا الاهتمام بالتفاصيل يظهر جلياً في تصاميمي»
في الأقمشة؛ يقول كريكور إنّه منفتح على كل أنواعها. أما في الألوان؛ فهو عاشق حقيقي للأبيض الكريمي وألوان الأرض، وغالباً ما يستعملها في تصميماته.
كريكور جابوتيان... تصاميمي تعكس ثنائية بيروت ـ أرمينيا
كريكور جابوتيان... تصاميمي تعكس ثنائية بيروت ـ أرمينيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة