«خطة» بين الأمم المتحدة و«سوريا الديمقراطية» لإنهاء تجنيد الأطفال

قائد «قوات سوريا الديمقراطية» وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة خلال توقيع الخطة في مدينة جنيف (الشرق الأوسط)
قائد «قوات سوريا الديمقراطية» وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة خلال توقيع الخطة في مدينة جنيف (الشرق الأوسط)
TT

«خطة» بين الأمم المتحدة و«سوريا الديمقراطية» لإنهاء تجنيد الأطفال

قائد «قوات سوريا الديمقراطية» وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة خلال توقيع الخطة في مدينة جنيف (الشرق الأوسط)
قائد «قوات سوريا الديمقراطية» وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة خلال توقيع الخطة في مدينة جنيف (الشرق الأوسط)

وقّعت «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركية، خطة عمل مع منظمة الأمم المتحدة لإنهاء ومنع تجنيد الأطفال دون سن الثامنة عشرة، واستخدامهم في الحروب والمعارك الدائرة في شمال شرقي سوريا، وذلك في مقر المنظمة الدولية بمدينة جنيف السبت الماضي.
ووقع الخطة الجنرال مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية»، ومن الأمم المتحدة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والنزاع المسلح السيدة فرجينيا غامبا، خلال احتفال رسمي عُقد في جنيف بمقر الأمم المتحدة في 29 يونيو (حزيران) الماضي.
وبموجب الخطة الموقّعة بين الطرفين، تلتزم «القوات» بإنهاء ومنع تجنيد الأطفال واستخدامهم في القتال، وتسريح جميع الفتيات والفتيان المجندين في صفوفها حالياً دون السن القانونية، ووضع تدابير وقائية وحمائية وتأديبية فيما يتعلق بتجنيد الأطفال والزج بهم في المعارك.
ويأتي التوقيع على خطة العمل في أعقاب ورود اسم «وحدات حماية الشعب» و«وحدات حماية المرأة»؛ من أبرز تشكيلات «قوات سوريا الديمقراطية»، في التقرير السنوي للأمين العام عن الأطفال والنزاع المسلح، لقيامهما بتجنيد الأطفال واستخدامهم.
يذكر أن الأمم المتحدة أدرجت أسماء: «وحدات حماية الشعب» و«وحدات المرأة»، إلى جانب القوات الحكومية و«هيئة تحرير الشام» - «جبهة النصرة» سابقاً - و«حركة أحرار الشام»، والجماعات المنتسبة لـ«الجيش السوري الحر»، بالإضافة إلى «جيش الإسلام»، وتنظيم «داعش» الإرهابي، في مرفقات التقرير السنوي للأمين العام عن الأطفال والنزاع المسلح منذ عام 2014 لقيامها بتجنيد الأطفال واستخدامهم.
ورحبت الممثلة الخاصة فيرجينيا غامبا بالالتزام الذي تعهدت به «قوات سوريا الديمقراطية»، وقالت في بيان صحافي: «إنه ليوم مهم لحماية الأطفال في سوريا، وهو بداية عملية مستمرة، لأنه يبرهن على التزام عميق من جانب (قوات سوريا الديمقراطية) بكفالة ألا يجند أي كيانٍ يعمل تحت رايتها الأطفال أو يستخدمهم».
وإلى جانب مشاركة الجنرال مظلوم عبدي، حضر الاجتماع في مقر الأمم المتحدة نوروز أحمد القيادية العسكرية في «وحدات حماية المرأة» (YPJ) والرئيس المشترك للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا السيد عبد حامد المهباش. ورحب عبدي بوضع خطة عمل مشتركة لحماية الأطفال ضمن مناطق الإدارة الذاتية، وقال في بيان صحافي: «قمنا بشرح مفصل عن حاجات الأطفال والخدمات التي تم تقديمها من خلال مؤسسات الإدارة خلال سنوات الحرب، بغية تأمين أفضل حماية وتعليم وعناية صحية لهم». وحددت الأمم المتحدة الانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب ضد الأطفال بست نقاط رئيسية؛ أولاها: تجنيد الأطفال واستخدامهم؛ وقتل الأطفال وتشويههم؛ والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي؛ واختطاف الأطفال؛ وشن الهجمات على المدارس والمستشفيات؛ وآخرها الحرمان من الوصول إلى المساعدات الإنسانية.
وبحسب غامبا؛ كان التوقيع على خطة العمل ثمرة تعاونٍ استمر لشهور بين الأمم المتحدة و«قوات سوريا الديمقراطية»، وأشادت الممثلة الخاصة «بما يقوم به الشركاء في مجال حماية الطفل من عمل في الميدان»، مشيرة إلى أن «السياق السوري لا يزال أحد أكثر السياقات القُطرية المدرجة (في جدول أعمالها) قسوة في ضوء ما يرتبه من عواقب مروّعة على الأطفال».
من جانبه، أكد عبدي لممثلة الأمين العام للأمم المتحدة، التزام «قوات سوريا الديمقراطية» ودعمها الكامل خطة العمل، وحث المجتمع الدولي على دعم جهود الإدارة الذاتية بشكل أوسع؛ «لتقديم الدعم وحماية مئات الآلاف من الأطفال في شمال شرقي سوريا»، وطالب بإيجاد حل سياسي شامل للأزمة السورية ولعب دور فعال لإنهاء الحرب المستمرة والمشاركة في عملية بناء السلام، في إشارة إلى جهود الأمم المتحدة لوضع حد للنزاع الدائر في سوريا منذ ربيع 2011. وأبرزت الممثلة الخاصة فيرجينيا غامبا أهمية خطط العمل في التواصل مع الأطراف الضالعة في النزاعات، مؤكدة أنها أداة قوية من الأدوات المتاحة لولاية الأطفال والنزاع المسلح منذ عام 2003 بموجب قرار مجلس الأمن «1460»، وتابعت: «تتيح خططُ العمل للأطراف فرصة لتغيير مواقفها وسلوكها بحيث توقِف الانتهاكات الجسيمة المرتكبة ضد الأطفال، وتمنع حدوثها بغية إدخال تحسّن بعيد المدى على حماية الأطفال المتضررين من النزاع المسلح»، وحثت جميع الأطراف الواردة أسماؤها في مرفقات التقرير السنوي للأمين العام في سوريا وغيرها من البلدان، على اغتنام الفرصة والمبادرة إلى العمل مع الأمم المتحدة لاعتماد خطط عمل مشابهة.
وخطة العمل هي التزامٌ خطي بين الأمم المتحدة وطرف من الأطراف الضالعة في نزاعات، أُدرج اسمُه في التقرير السنوي للأمين العام عن الأطفال والنزاع المسلح، لارتكابه انتهاكاً واحداً أو أكثر من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال. وتتضمن كل خطة عمل خطوات عملية ومحدّدة بأجل زمني وتتسق مع أحكام القانون الدولي وتهدف إلى تحسين حماية الأطفال. ومع استمرار النزاع السوري الذي دخل عامه التاسع؛ طالبت فيرجينيا غامبا، الممثلة الخاصة للأمين العام، جميع الأطراف بالسعي إلى التوصل لحل سياسي وفق قرار مجلس الأمن «2254»، بغية إحلال سلام مستدام في بلد مزقته نيران الحرب، عادّةً ذلك الخيارَ الأفضل لمنع الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.