منتدى أصيلة يناقش معضلة «التماسك الاجتماعي وتنوع نظم التعليم العربية»

TT

منتدى أصيلة يناقش معضلة «التماسك الاجتماعي وتنوع نظم التعليم العربية»

قال سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي المغربي، إن تحقيق التماسك والتنوع الاجتماعي بالمنظومة التربوية المغربية «يستمد أهميته الخاصة من الأولوية التي يحظى بها التماسك الاجتماعي ضمن السياسة العامة للدولة، باعتباره رهانا حاسما لتحقيق العدالة والسلم الاجتماعيين، وتيسير الاندماج الاجتماعي والاقتصادي، وتعزيز فرص الارتقاء في سلم التنمية الاجتماعية».
وأضاف أمزازي، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس في الجلسة الافتتاحية للندوة الثالثة لمنتدى أصيلة الـ41، والتي حملت عنوان «التماسك الاجتماعي والتنوع في نظم التعليم العربية»، أن برامج الدعم والحماية الاجتماعية تحظى في المغرب «بعناية خاصة» على أعلى مستويات الدولة، مشيرا إلى أن العاهل المغربي الملك محمد السادس ما فتئ في مناسبات كثيرة يلح على النهوض بهذا الجانب، وأن الحكومة جعلت من دعم السياسات والبرامج الاجتماعية إحدى أولوياتها الأساسية، من أجل تعزيز التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي والمجالي، وعدد البرامج والخطط التي نفذتها الحكومة في إطار التدابير المتخذة لتقوية التماسك الاجتماعي في المنظومة التربوية.
وأوضح أمزازي أن تحقيق التماسك الاجتماعي والتنوع في المدرسة «رهان مطروح على مختلف الأنظمة التعليمية العربية»، مسجلا أن هذا المجال يمكن أن يشكل «محورا للعمل العربي المشترك من أجل تبادل التجارب والخبرات للارتقاء بمستوى التعليم في البلدان العربية».
من جهته، قال عدنان بدران، رئيس الوزراء الأردني السابق، الذي يمثل الأمير الحسن بن طلال، والأمين العام لمنتدى الفكر العربي: «المراقب للمنظومة القيمية التعليمية العربية لن يفوته افتقارها إلى القدرة على التعبير، وعجزها عن تبني قيم الديمقراطية والمشاركة والتسامح، بما يحول دون دفع المجتمع إلى التغيير نحو مجتمع العدالة والمساواة، وتكافؤ الفرص دون إقصاء أو تهميش لأحد».
وأضاف بدران موضحا: «لا يفوتكم ما تعانيه مدارسنا من ضعف في الخطط الدراسية والمناهج، وسوء النظام التعليمي وضعف وسائل التعلم، وأحيانا نقص في الأطر الإدارية والتعليمية. كما لا يفوتكم معاناة الشباب من مخرجات التعليم التي لا تلبي طموحاته في تأمين فرص العمل التي تتفاقم يوما بعد يوم، وتؤثر سلبا على حياة الشباب الاجتماعية وهذا سيؤدي حتما، مع استفحال البطالة، إلى أنواع من التطرف والانعزال».
من جانبه، تحدث محمد ولد أعمر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليسكو)، عن التجارب المتعددة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في كثير من الأقطار العربية في مجالات التعليم والتربية والثقافة. وقال إن «تجربة المنظمة تبين أن المشكلة الأساسية التي ينبغي توجيه الجهود لمعالجتها هي الانتقال من المستوى المفاهيمي النظري إلى المستوى التطبيقي العملي، ذلك أن من ينظر إلى مناهجنا التعليمية في هذا المجال يجدها من ناحية المفاهيم والتصورات مقبولة، إن لم تكن جيدة. لكن القدرة على بناء قناعات التلاميذ ومواقفهم العملية في الحياة وتغيراتها ما زالت محدودة حتى الآن. كما أن دورها في مساعدتهم على اتخاذ القرارات الملائمة يظل ضعيفا».
وأضاف ولد أعمر «إذا ما سلمنا بأن المدرسة لا يمكنها أن تعطي لتلاميذها أكثر مما يملكه المعلم، وجب حينئذ أن نعمل على تطوير منظومة تدريب المعلمين وفق معايير الجودة ومرجعية الكفاءات المهنية، تجعلهم قادرين على تحويل الفضاء المدرسي إلى مجتمع متعلمين، متماسك اجتماعيا ومنفتح على المحيط الخارجي».
من جانبه، رأى رياض حمزة يوسف، رئيس جامعة البحرين، أنه «على الرغم من تعقيد الوضع الذي تمر به البلاد العربية ومصاعبه وتحدياته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنهضوية، فإن المنظومة التعليمية وقضايا التربية والتعليم تظلان محورين أساسيين لا يمكن اجتيازهما، أو التقليل من شأنهما في آثارهما المتعلقة بالتحول الاجتماعي، والهوية الثقافية والتعددية والتنوع، وكذلك اللحاق بالعالم في قضايا التكنولوجيا والتنمية المستدامة التي اتفق العالم في 2015 على أهدافها ووضع مؤشرات للأداء نحو تحقيقها».
وشدد يوسف على أن النهوض بالتعليم يستدعي توفير مجموعة من الأساسيات، منها البنية التحتية والمرافق والمناهج المتطورة، الكفيلة باحتضان الإبداع والابتكار. إضافة إلى «اعتماد أساليب تعلم وتعليم قائمة على الطرق الحديثة والتحليل والنقد والفهم، واستخدام مهارات العمل ضمن فريق واحد في حل المعضلات والانضباط، والقدرة على البحث العلمي والاستقصاء، والتعلم مدى الحياة». داعيا إلى تأمل تجربة البحرين، التي تحتفل بذكرى مرور 100 عام على إطلاق التعليم النظامي.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.