روسيا تشعر بالقلق من الغارات الإسرائيلية على سوريا

دمشق تتهم تل أبيب بـ «إرهاب الدولة» وتعلن تشغيلها «إس 300»

TT

روسيا تشعر بالقلق من الغارات الإسرائيلية على سوريا

عدّت وزارة الخارجية الروسية أن الضربات الإسرائيلية المستمرة على سوريا تهدد بزعزعة الاستقرار الإقليمي وتمثل تصعيداً يثير قلق موسكو.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في بيان نشر على موقع الوزارة ونقله موقع «روسيا اليوم»: «بالفعل وجهت مقاتلات تابعة للقوات الجوية الإسرائيلية، ليلة 1 يوليو (تموز) الحالي، بعد قدومها من المجال الجوي للبنان، سلسلة من الضربات الصاروخية إلى الأراضي السورية طالت ريف حمص ومحيط دمشق. وتم اعتراض جزء من الصواريخ من قبل قوات الدفاع الجوي السورية. ونفذ بعض الضربات على قرب مباشر من الأحياء السكنية... وأصبحت هذه العملية الإسرائيلية الأكبر من نوعها منذ مايو (أيار) 2018».
وأضافت زاخاروفا أن موسكو تشعر بقلق بالغ من هذا التطور، عادّةً أنه يمثل تصعيداً للوضع. وتابعت المتحدثة باسم الخارجية الروسية: «عمليات استخدام القوة التي تنتهك بشكل سافر سيادة سوريا، لا تسهم في تطبيع الوضع في هذا البلد، بل تحمل تهديداً بزعزعة الاستقرار الإقليمي، ولا يمكن في ظروفها ضمان مصالح الأمن القومي لأي من دول الشرق الأوسط بشكل آمن».
وكانت طائرات حربية إسرائيلية أطلقت صواريخ على مواقع للجيش السوري في حمص ومحيط العاصمة السورية دمشق يوم الاثنين الماضي.
وأفادت وكالة «سانا» السورية الرسمية بمقتل 4 مدنيين جراء الغارات الإسرائيلية على مدينة حمص ومحيط العاصمة دمشق، وقالت إن «وسائط الدفاع الجوي في الجيش العربي السوري تصدت بعد منتصف الليل لصواريخ معادية أطلقتها طائرات حربية إسرائيلية باتجاه بعض المواقع العسكرية».
ولم تعلق إسرائيل رسمياً على هذا التقرير، رغم إقرارها في الماضي بتنفيذ مئات الهجمات على أهداف في سوريا.
و اتهمت دمشق، أمس الثلاثاء، إسرائيل بممارسة «إرهاب الدولة» إثر غارات استهدفت مواقع عسكرية عدة وأسفرت؛ وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، عن مقتل 15 شخصاً؛ بينهم 6 مدنيين، في وقت قال فيه مصدر عسكري سوري، في تصريحات إعلامية، إن قوات الدفاع الجوي السوري قامت بتشغيل بطاريات «إس300»؛ (الروسية)، أثناء العدوان الإسرائيلي... ولم تضطر لاستخدامها.
وصرحت وزارة الخارجية السورية في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، بأن «إمعان سلطات الاحتلال الإسرائيلي في ممارسة إرهاب الدولة قد ازدادت وتيرته». وأضافت: «إن العدوان الإسرائيلي الغادر على الأراضي السورية الليلة (قبل) الماضية يأتي في إطار المحاولات الإسرائيلية المستمرة لإطالة أمد الأزمة في سوريا والحرب الإرهابية التي تتعرض لها».
وطالبت الوزارة مجلس الأمن الدولي «بتحمل مسؤولياته واتخاذ إجراءات حازمة وفورية لمنع تكرار هذه الاعتداءات»، مشددة على أن «استمرار إسرائيل في نهجها العدواني الخطير ما كان ليتم لولا الدعم اللامحدود والمستمر الذي تقدمه لها بشكل خاص الإدارة الأميركية، والحصانة من المساءلة التي توفرها لها هي ودول معروفة في مجلس الأمن».
واستهدفت صواريخ إسرائيلية ليل الأحد - الاثنين مواقع عسكرية قرب دمشق وفي محافظة حمص، وأعلنت دمشق عن إسقاط دفاعاتها الجوية عدداً من تلك الصواريخ، من دون أن تحدد ما المواقع المستهدفة. إلا إن «المرصد السوري» أوضح أن الصواريخ طالت مواقع عسكرية عدة ينتشر فيها مقاتلون إيرانيون ومن «حزب الله» اللبناني، بينها مركز للبحوث العلمية ومطار عسكري.
إلى ذلك؛ قال مصدر عسكري سوري رفيع المستوى لوكالة «سبوتنيك» الروسية، إن قوات الدفاع الجوي السوري قامت أمس بتغذية بطاريات «إس300» وإنها وضعت في حالة التأهب للتدخل بالتصدي للعدوان الإسرائيلي.
وأضاف المصدر أنه تم تشغيل بطاريات «إس300» للتصدي لأهداف معادية آتية من عرض البحر كانت تتجه نحو مدينة حمص السورية، إلا إن الدفاعات الجوية السورية الاعتيادية تمكنت بجدارة من التصدي للعدوان وإسقاط الصواريخ الإسرائيلية من دون الحاجة لاستخدام منظومة «إس300».
وأشار إلى أن الهدف من وضع منظومة الدفاع الجوي «إس300» في وضع الاستعداد كان خشية تطور العدوان، واستهداف الصواريخ الإسرائيلية منظومة الدفاع الجوي «إس300» نفسها؛ «ولكن ما حصل يوم (أول من) أمس أن صواريخ (إس200) تمكنت من اعتراض 5 من أصل 6 صواريخ أطلقت من بوارج إسرائيلية، بعرض البحر وقبل دخولها الأجواء السورية». وأسفرت الضربات عن مقتل 15 شخصاً؛ هم 6 مدنيين و9 مقاتلين من المسلحين الموالين لقوات النظام، وفق «المرصد» الذي أشار إلى أنه لم يتضح ما إذا كان مقتل المدنيين ناتجاً عن «القصف الإسرائيلي مباشرة، أم بسبب سقوط بقايا صواريخ، أو بسبب الضغط الهائل الذي تسببت به الانفجارات».
ورفض المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي التعليق. وكثّفت إسرائيل في الأعوام الأخيرة وتيرة قصفها في سوريا، مستهدفة مواقع للجيش السوري وأهدافاً إيرانية وأخرى لـ«حزب الله» وهي تُكرّر التأكيد على أنها ستواصل تصدّيها لما تصفها بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا وإرسال أسلحة متطورة إلى «حزب الله».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.