مطالبة بتحقيق دولي في تمويل قطري للإرهاب

برلمانية فرنسية خبيرة في مكافحة شبكات التطرف تشدد على وضع الدوحة أمام مسؤولياتها

فرع لـ«بنك قطر الوطني» (رويترز)
فرع لـ«بنك قطر الوطني» (رويترز)
TT

مطالبة بتحقيق دولي في تمويل قطري للإرهاب

فرع لـ«بنك قطر الوطني» (رويترز)
فرع لـ«بنك قطر الوطني» (رويترز)

طالبت عضو مجلس الشيوخ الفرنسي ناتالي غوليه، الأمم المتحدة بالتحقيق في ما كشفته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن منح قطر تسهيلات مصرفية للقطري خليفة السبيعي المشمول بلائحة عقوبات الأمم المتحدة لممولي الإرهاب، والمتهم بتمويل كبار قادة تنظيم «القاعدة»، بمن فيهم خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وفي مقال نشرته صحيفة {ذا هيل} السياسية الأميركية، كتبت غوليه التي كانت رئيسة لجنة للتحقيق في نشاطات الشبكات الإرهابية في أوروبا وأعدت تقريراً لحلف شمال الأطلسي {الناتو} عن تمويل الإرهاب، أن توفير قطر تسهيلات مصرفية لشخص مثل السبيعي {إخفاق لجميع المعنيين بمحاربة الإرهاب، ويضع قدرة الأمم المتحدة على تنفيذ الجزاءات الخاصة بها تحت دائرة الضوء، ويهدد الأمن العالمي}. وأضافت أن {العالم يستحق إجابات} عما قامت به الدوحة.
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» كشفت أن السبيعي لا يزال يحظى بتسهيلات مصرفية في قطر، مشيرة إلى أنها حصلت على وثائق أظهرت أن السبيعي لديه حساب مُفعل في «بنك قطر الوطني»، ما يعني أن هناك «ثغرات» في تنفيذ عقوبات الأمم المتحدة. وتؤكد الولايات المتحدة أن السبيعي قدم دعماً مالياً لكبار قادة «القاعدة».
واعتبرت البرلمانية الفرنسية أن تقرير «وول ستريت جورنال» أطلق {رسالة تحذير وتنبيه لأوروبا وبقية العالم المتحضر، فوضع شخص على قائمة عقوبات الأمم المتحدة ليس أمراً يمكن التساهل معه، والسبيعي هو شخص معروف لدى السلطات، بما في ذلك البنوك، وكان مرتبطاً بأخطر الإرهابيين المسؤولين عن هجمات غيرت وجه العالم، وبالتأكيد ليس من النوع الذي يستحق التساهل}. وشددت على أنه {يتعين على قطر أن توضح للعالم سبب مواصلتها تقديم الخدمات المصرفية لشخص خطير مثل السبيعي، كما يتعين توضيح سبب السماح للبنوك بتقديم التسهيلات له، وتحديد مسؤولية البنوك التي قدمت هذه التسهيلات}.
وأكدت غوليه أن {فشل الدول في تنفيذ عقوبات الأمم المتحدة يعد أمراً يجب على المجتمع الدولي والمحاكم الدولية الوقوف عنده، والتعامل معه، كما يجب أن تتحرك الجهات الرقابية المصرفية أيضاً}.
ويشير تقرير «وول ستريت جورنال» إلى أن البنك الذي يقدم التسهيلات للسبيعي (بنك قطر الوطني) لديه فروع في جميع أنحاء أوروبا، وحول العالم، وهو ما يعرض الأمن العالمي للخطر}.
وأوضحت البرلمانية الفرنسية أن {من المستحيل تقييم حجم الخطر المحتمل الذي تسبب به} التسهيل القطري لعمل السبيعي {من دون تحقيق شامل وشفاف}.
وطالبت الأمم المتحدة بإعطاء أولوية قصوى لإجراء تحقيق في {كيف سمحت الثغرات في نظام العقوبات بمثل هذا الانتهاك». ورأت أن على الجهات المنظمة للنشاط المصرفي في الدول التي يعمل فيها البنك القطري، إجراء تحقيقاتها {لمعرفة كيف حدث هذا الفشل وتطبيق إجراءات عاجلة، لضمان احتواء أي أذى تسببت به (التسهيلات القطرية لتمويل الإرهاب) وعدم تكرار هذه الانتهاكات}. كما دعت الدوحة إلى إجراء «تحقيقاتها الخاصة، وتقديم تقرير إلى المجتمع الدولي عن سبب سماحها لشخص مدرج في قائمة عقوبات الأمم المتحدة بأن تكون لديه تسهيلات مصرفية عبر بنكها الأكثر انتشاراً عالمياً، مع تقديم ضمانات بعدم منحه، هو أو غيره من الإرهابيين، تسهيلات مصرفية مرة أخرى}. وقالت إن على «بنك قطر الوطني» إجراء تحقيق خاص به في هذا الشأن، وتقديمه إلى سلطات إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم، خصوصاً حيث يعمل البنك، مع تقديم تفاصيل المعاملات المصرفية للسبيعي، وتقديم تأكيدات على أنه لا يتم تقديم تسهيلات مصرفية لآخرين على «قائمة الإرهاب}. وشددت على أن على العالم {التحرك} في مواجهة ما جرى، موضحة أن {تمويل الإرهاب هو العمود الفقري للنظام الذي يسمح بتفشي الإرهاب. وأوروبا وبقية العالم تحتاج إلى إجابات... وإلى إرسال رسالة بأن هذه الإخفاقات ستتسبب بعواقب وخيمة لمن يغضون الطرف عن تهديد رخاء الإنسانية} وأمنها.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.