قادة أوروبا يفشلون مجدداً في توزيع المناصب الرئيسية في الاتحاد

ماكرون: عدم التوصل إلى اتفاق يثير شكوكاً حول صدقية التكتل

ميركل تغادر مقر الاتحاد الأوروبي بعد عقدها مؤتمراً صحافياً في بروكسل صباح أمس (أ.ف.ب)
ميركل تغادر مقر الاتحاد الأوروبي بعد عقدها مؤتمراً صحافياً في بروكسل صباح أمس (أ.ف.ب)
TT

قادة أوروبا يفشلون مجدداً في توزيع المناصب الرئيسية في الاتحاد

ميركل تغادر مقر الاتحاد الأوروبي بعد عقدها مؤتمراً صحافياً في بروكسل صباح أمس (أ.ف.ب)
ميركل تغادر مقر الاتحاد الأوروبي بعد عقدها مؤتمراً صحافياً في بروكسل صباح أمس (أ.ف.ب)

بعد 21 ساعة من المفاوضات المتواصلة والمكثّفة، وللمرة الثانية في أقلّ من عشرة أيام، فشل القادة الأوروبيّون مجدداً في التوصّل إلى اتفاق حول توزيع المناصب الرئيسية الخمسة في المؤسسات الأوروبية التي من المفترض البت فيها بأولى جلسات البرلمان الأوروبي الجديد هذا الأسبوع.
الشيء الوحيد الأكيد حتى الآن هو أن أياً من الزعماء الأوروبيين لم تغمض عيناه منذ الرابعة من بعد ظهر الأحد الماضي حتى منتصف نهار أمس (الاثنين)، عندما أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك تعليق أعمال القمة حتى الحادية عشرة من صباح اليوم، قبل أن ينصرف من جديد إلى مفاوضاته الثنائية مع زعماء الكتل السياسية على أمل حلحلة العقد التي تراكمت في الساعات الماضية.
نادراً ما شهد مبنى المجلس الأوروبي في العاصمة البلجيكية مثل الحركة التي كانت تدبّ في أروقته وقاعاته منذ توافد القادة الأوروبيين إليه أول من أمس، بعضهم مباشرة من اليابان بعد المشاركة في قمّة العشرين، وقد تحوّل إلى خليّة نحل دبلوماسية تسابق الوقت للتوفيق بين المصالح المتضاربة والمتقاطعة لتوزيع المناصب التي ستدير دفّة المشروع الأوروبي في السنوات المقبلة.
علامات الارتياح الوحيدة على وجوه الزعماء الأوروبيين كانت تلك المرتسمة على محيّا رئيسة الوزراء البريطانية التي لم يعد لها لا ناقة ولا جمل في هذا الصخب الدبلوماسي، فانصرفت إلى مشاهدة مباراة بطولة الكريكيت التي كان يشارك فيها المنتخب الإنجليزي، قبل أن تخلد إلى الراحة في جناحها بانتظار ظهور الدخان الأبيض من المفاوضات التي كانت تزداد تعثّراً مع الاقتراب من ساعات الفجر الأولى.
أكثر الذين بدت عليهم علامات الإرهاق كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تثير صحتها تساؤلات في الفترة الأخيرة. كانت ميركل أوّل من ظهر أمام وسائل الإعلام بعد تعليق أعمال القمة لتقول إن «ما يسمّى بخطة أوساكا هو ثمرة المحادثات التي دارت بين مانفريد ويبير والحزب الديمقراطي المسيحي، وأعتقد أننا لم ننجح في إحاطتها بالكتمان الواجب». واعترفت ميركل بمسؤوليتها عن أجواء التوتر التي سادت القمة، التي من أسبابها ردة فعل بعض الحكومات، وبخاصة المحافظة، إزاء صفقة التوزيع التي اتفقت عليها ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وهولندا في قمة أوساكا. وكانت بلدان عدة، في مقدّمتها إيطاليا، قد اعترضت على هذه الخطة التي تقوم على دعم المرشح الهولندي لرئاسة المفوضية مقابل حصول المرشح الألماني على رئاسة البرلمان. وعندما سئلت المستشارة الألمانية عن رأيها في الصورة السيئة التي تعكسها هذه الخلافات عن الاتحاد الأوروبي، قالت إن «السياسة هي السعي إلى أفضل اتفاق ممكن، وهدفنا هو التوصل إلى أوسع اتفاق ممكن، وهذا يقتضي وقتاً في معظم الأحيان».
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من جهته، لم يوارب في تقويمه للقمة عندما قال: «لقد فشلنا، وعدم التوصّل إلى اتفاق يعطي صورة سيئة عن عدم جدية أوروبا، ويثير شكوكاً حول صدقية الاتحاد». وتحدث ماكرون عن وجود نوعين من الانقسام بين الدول الأعضاء: واحد داخل الحزب الشعبي الأوروبي، وآخر جغرافي بين البلدان. وأضاف الرئيس الفرنسي الذي كان يتأنى كثيراً في اختيار عباراته، أنه سيعترض اعتباراً من الآن على أي انضمام جديد إلى الاتحاد الأوروبي حتى إجراء الإصلاحات المؤسسية اللازمة لتغيير طرائق العمل داخل المؤسسات الأوروبية.
وتجدر الإشارة أن القمة التي عقدها الحزب الشعبي الأوروبي بعد ظهر الأحد الماضي، وأخّرت انطلاق القمة ثلاث ساعات عن موعدها المحدد، انتهت برفض الصفقة التي كانت تحاول ميركل تسويقها وسجّلت اعتراضات شديدة على تولّي الاشتراكي تيمرمان رئاسة المفوضية، حيث إن الكتلة الشعبية المحافظة هي التي فازت في الانتخابات الأوروبية. وتقول مصادر دبلوماسية مواكبة لاجتماعات الحزب الشعبي الأوروبي، إن إيطاليا وبولندا طالبتا بتصويت سرّي على المرشحين؛ أملاً في أن تنضمّ دول أخرى إلى جبهة المعارضين لترشيح تيمرمان، لكن ألمانيا وفرنسا اعترضتا على التصويت. وأشارت هذه المصادر بأن المستشارة الألمانية بدت، للمرة الأولى، غير ممسكة بقياد حزبها الذي يعترض أحد أجنحته على التخلّي عن المرشح الشعبي لرئاسة المفوضية.
وقد تبدّى الانقسام داخل الحزب الشعبي الأوروبي بوضوح أكثر عندما أعلن رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف تأييده العلني لتيمرمان، نافياً المعلومات التي سرت في الساعات الأخيرة عن تولّي مواطنته كريستالينا جيورجيفا، المدير العام الحالي للبنك الدولي، رئاسة المجلس الأوروبي، رغم عدم استيفائها أحد الشروط الأساسية لهذا المنصب، وهو أن تكون قد تولّت رئاسة الدولة أو الحكومة. وقال بوريسوف، إنه يفضّل حصول بلاده على حقيبة وازنة في المفوضية بدلاً من منصب المندوب السامي للعلاقات الخارجية الذي تطمح إليه إيطاليا التي تعاني تهميشاً واضحاً في هذه المفاوضات قد يؤدي إلى عدم حصولها على أي من المناصب المهمة.
ومن المنتظر أن يواصل رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك اتصالاته الثنائية مع قادة العائلات السياسية الكبرى؛ تمهيداً للقمة التي تستأنف ظهر اليوم (الثلاثاء)، وهو اليوم الذي يفتتح فيه البرلمان الأوروبي أعمال دورته الجديدة وينتخب رئيساً له غداً (الأربعاء).



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».