عزت أبو عوف... الطبيب الذي اتبع شغفه

تعددت مواهبه بين التلحين والغناء والتمثيل

الفنان المصري الراحل عزت أبو عوف (أ.ف.ب)
الفنان المصري الراحل عزت أبو عوف (أ.ف.ب)
TT

عزت أبو عوف... الطبيب الذي اتبع شغفه

الفنان المصري الراحل عزت أبو عوف (أ.ف.ب)
الفنان المصري الراحل عزت أبو عوف (أ.ف.ب)

بعد رحلة طويلة بين الموسيقى والتمثيل، غيب الموت في الساعات الأولى من اليوم (الاثنين) الفنان المصري عزت أبو عوف، عن عمر ناهز 70 عاماً، خاض خلالها فصولاً قاسية في حالته الصحية، بعد إصابته بمشكلات في القلب والكبد.
وشهدت مسيرة أبو عوف كثيراً من المحطات والمفارقات، بعد أن قرر اتباع شغفه بعيداً عن دراسته للطب. فهو حاصل على بكالوريوس الطب من جامعة الأزهر، في تخصص أمراض النساء، ومارس مهنة الطب لمدة 15 عاماً، ولكنه احتفظ بلقب «الدكتور» في الوسط الفني، حتى بعد ابتعاده عن ممارسة المهنة.
ويرجع المحللون موهبة أبو عوف إلى نشأته في بيت فني أصيل، فوالده الملحن المعروف أحمد شفيق أبو عوف، العميد السابق لمعهد الموسيقى العربية.
وفي ستينات القرن الماضي، التحق أبو عوف بمعهد «الكونسرفتوار»، وكان ينتمي لدفعة الموسيقار المصري الشهير عمر خيرت نفسها.
وبدأ مشواره الفني من خلال بعض الفرق الموسيقية التي انضم لها، مثل فرقة «لي بيتيشاه» التي أسسها الموسيقار وجدي فرنسيس سنة 1967، والتي تعتبر بداية انطلاقه في عالم الموسيقي والفن. وكان من أعضائها الموسيقار عمر خيرت، وعازف الجيتار الراحل عمر خورشيد، الذي جمعه معهم حبه للعزف على آلة «الأورغ».
وانضم بعد ذلك إلى فرق أخرى، إلى أن أسس مع شقيقاته الأربع: منى ومها ومنال ومرفت، فريقاً غنائياً، باسم «4 إم» وحقق نجاحاً كبيراً استمر نحو 12 عاماً.
وقدمت الفرقة ثمانية ألبومات خلال مسيرتها الفنية، وهي «جنون الديسكو»، و«الليلة الكبيرة»، و«مغنواتي»، و«لا عجبك كده ولا كده»، و«ليالي زمان»، و«خلي الستارة»، و«متغربين»، و«دبدوبة التخينة».
ولم يتوقف الإبداع عند هذا الحد في مسيرة أبو عوف، فانطلق إلى التلحين، ووضع الموسيقى التصويرية لكثير من الأعمال الدرامية والفنية، من بينها مسلسل «حكاية ميزو»، بطولة سمير غانم، وفردوس عبد الحميد، ومسرحية «الدخول بالملابس الرسمية»، بطولة أبو بكر عزت وسهير البابلي.
وفي عام 1992 كانت بدايته السينمائية عبر دور شرفي في فيلم «آيس كريم في جليم» للمخرج خيري بشارة، وبطولة عمرو دياب وسيمون.
قدّم أبو عوف على مدى مشواره أدواراً متنوعة في أكثر من 80 فيلماً، من بينها: «إسماعيلية رايح جاي»، و«أسرار البنات»، و«أرض الخوف»، و«اضحك الصورة تطلع حلوة»، و«الديكتاتور»، و«واحد من الناس»، و«عمر وسلمى»، و«حسن ومرقص».
كما شارك في عشرات المسلسلات التلفزيونية، من أبرزها: «العائلة»، و«هوانم جاردن سيتي»، و«أوراق مصرية»، و«أوبرا عايدة»، و«الدالي»، و«شيخ العرب همام»، و«اتهام»، و«باب الخلق»، و«زيزينيا».
وبقي للشاشة الصغيرة سحر في حياة أبو عوف؛ حيث أحب «الميكروفون» مرة أخرى، ولكن في التقديم الإعلامي؛ حيث شارك في تقديم كثير من البرامج التلفزيونية.
واستمر أبو عوف في الساحة الفنية، سواء بالتمثيل أو بالتقديم التلفزيوني، كما تولى رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لعدة سنوات، وتمت لأول مرة خلال فترة رئاسته للمهرجان استضافة الممثلة الفرنسية جولييت بينوش، والنجم الأميركي ريتشارد جير، وذلك في الدورة الـ34 للمهرجان.
وكان آخر ظهور فني له في شهر رمضان الماضي، عبر إعلان لإحدى شبكات الهاتف الجوال في مصر، بصحبة المطرب المصري عمرو دياب.
وحصد خلال مشواره الفني كثيراً من الجوائز على المستوى المحلي.
وعلى الجانب الاجتماعي، شهدت حياته زيجتين: الأولى من السيدة فاطيما أبو عوف، واستمر زواجهما 36 عاماً، وانتهى بوفاتها عام 2012، التي اعتبرها أبو عوف في أحد اللقاءات التلفزيونية، سبب تدهور حالته الصحية، حزناً على رحيلها.
ثم تزوج في عام 2015 من مديرة أعماله، أميرة، التي عملت معه لأكثر من 18 عاماً.
ولديه من الأبناء كمال، ومريم التي تعمل في مجال الإخراج.
وبعد رحيل زوجته الأولى أصيب أبو عوف بانهيار عصبي، ودخل المستشفى لشهور للعلاج، ثم أصيب بعد ذلك بعدة أزمات صحية، كان آخرها إجراء جراحة في القلب عام 2015، ثم تدهورت حالته الصحية إلى أن وافته المنية صباح اليوم.
ظهر أبو عوف في برامج تلفزيونية يتحدث عن مسيرته وحياته الفنية والاجتماعية؛ خصوصاً بعد أزماته الصحية الأخيرة ووفاة زوجته الأولى، وعبّر في أحد البرامج عن ندمه على خيانة زوجته، وكذلك ندمه على المشاركة في أحد الأعمال السينمائية، لضيق حالته المادية وقتها.
وفي الآونة الأخيرة تعرض أبو عوف إلى شائعات كثيرة حول حالته الصحية ووفاته، وكان هو وعائلته ينشرون دائماً عبر وسائل التواصل الاجتماعي والبرامج الإعلامية تكذيباً لها.
وكان آخر تلك الإشاعات عن وصية أبو عوف؛ حيث قالت بعض الصحف أنه أوصى بحرق أفلامه، بعد أن تم تكريمه ضمن فعاليات مهرجان «نجم العرب».
وعبر أبو عوف عن استيائه، ونشر مقطعاً مصوراً عبر حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، ينفي ما تم تداوله، موضحاً أنه يتمتع بصحة جيدة، وأن ما قاله خلال التكريم تم تحريفه، مضيفاً أن ما أراد قوله هو ضرورة أن يتم تكريم الفنان قبل مماته. وقال: «أحلى حاجة في الدنيا إن الفنان يتكرم وهو عايش».


مقالات ذات صلة

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)

شراكة سعودية - صينية لتعزيز الحفاظ على التراث بالعلا

شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)
شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)
TT

شراكة سعودية - صينية لتعزيز الحفاظ على التراث بالعلا

شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)
شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)

وقّعت الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وأكاديمية «دونهوانغ» الصينية شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون الثقافي والسياحي والتراثي بين المملكة والصين، وتُمثل هذه الشراكة علامة فارقة في العلاقات السعودية - الصينية، إذ تجمع بين خبرات أكاديمية «دونهوانغ» التي تمتد لأكثر من 8 عقود في أبحاث التراث والحفاظ الثقافي، والتزام الهيئة الملكية لمحافظة العلا بالحفاظ على التراث الثقافي الغني للعلا ومشاركته مع العالم.

وتتولى أكاديمية «دونهوانغ» إدارة كهوف «موغاو»، وهي مجمع يضم 735 كهفاً بوذياً في مقاطعة «قانسو»، تم تصنيفه موقعاً للتراث العالمي للـ«يونيسكو» في عام 1987، وتشتهر كهوف «موغاو» بجدارياتها ومنحوتاتها التي تعكس تلاقي الثقافات على طول طريق الحرير القديم.

وبوصفها بوابة مهمة إلى الغرب، كانت «دونهوانغ» مركزاً رئيسياً للتجارة على طريق الحرير، في حين شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة؛ حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية، وأسهمت في تبادل المعرفة والتجارة عبر العصور.

وتُشكل المنطقتان مركزاً حيوياً للتجارة والمعرفة والتبادل الثقافي، ما يجعل هذه الشراكة متماشية مع الإرث التاريخي المشترك.

وتهدف الشراكة إلى توحيد الجهود بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا وأكاديمية «دونهوانغ» للحفاظ على تراث وتقاليد المحافظة، وقد نالت الأكاديمية إشادة دولية من قبل «اليونيسكو» والبنك الدولي والحكومة الصينية؛ تقديراً لجهودها في الحفاظ على كهوف «موغاو».

تشتهر كهوف «موغاو» بجدارياتها ومنحوتاتها التي تعكس تلاقي الثقافات على طول طريق الحرير القديم (الشرق الأوسط)

وستسهم الشراكة في تطوير برنامج شامل للحفاظ على المواقع والمعالم التاريخية في غرب الصين والعلا، إضافة إلى تنظيم معارض أكاديمية وبرامج تبادل للموظفين والعلماء.

وقالت سيلفيا باربون، نائب رئيس الشراكات الاستراتيجية في الهيئة الملكية لمحافظة العلا: «لطالما جمعت بين السعودية والصين علاقة تاريخية عميقة، تجاوزت المسافات واختلاف الفترات الزمنية، لتربط بين الشعوب والأماكن، واليوم نواصل تعزيز هذه الروابط من خلال تعاوننا المثمر مع المؤسسات الرائدة والوجهات الحاضنة لأبرز المعالم التاريخية في العالم».

وأضافت: «بصفتنا حماة لبعض من أهم المواقع الثقافية في العالم وروّاداً لتراثنا الإنساني المشترك، تنضم أكاديمية (دونهوانغ) إلى الهيئة في طموحنا لجعل العلا مركزاً للبحث والاكتشاف في مجالات الثقافة والتراث والسياحة، في حين نواصل التجديد الشامل للعلا».

وتأتي هذه الشراكة عقب انطلاق معرض السفر السعودي، الذي نظمته الهيئة السعودية للسياحة؛ حيث تميّزت العلا بمشاركة لافتة من خلال جناح مميز في حديقة «تيان تان» بالعاصمة الصينية بكين، والذي سلّط الضوء على التراث الطبيعي والثقافي الغني للعلا.

وتزامنت هذه المشاركة مع توقيع اتفاقية تعاون جديدة بين وزارتي الثقافة السعودية والثقافة والسياحة الصينية لإطلاق العام الثقافي السعودي الصيني 2025.

من جانبه، قال الدكتور سو بوه مين، مدير أكاديمية «دونهوانغ»: «نحن فخورون بالدخول في هذه الشراكة مع الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وتُمثل هذه الشراكة خطوة مهمة نحو ربط تاريخنا الثقافي الغني وتعزيز جهود الحفاظ على التراث».

وأضاف: «من خلال مشاركة خبراتنا ومواردنا، نسعى إلى تعزيز التبادل الثقافي، وتعميق الفهم المتبادل، وابتكار برامج جديدة تُفيد المجتمع في الصين والسعودية، ونتطلع إلى تعاون مثمر يلهم ويثقف الأجيال القادمة».

وفي يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، استضافت المدينة المحرّمة -موقع التراث العالمي للـ(يونيسكو) في بكين- معرض العلا: «واحة العجائب في الجزيرة العربية»، الذي تضمن عرضاً لمقتنيات أثرية من مجموعة الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وذلك لأول مرة، واستقطب المعرض أكثر من 220 ألف زائر، والذي اتبعه توقيع اتفاقية شراكة بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا وإدارة التراث الثقافي في مدينة خنان الصينية.

وتدعم هذه الشراكة تطوير العلا و«دونهوانغ» بوصفها مراكز سياحية عالمية، كما تسهم في تفعيل برامج الحفاظ المشتركة والمبادرات الثقافية، وتعزيز مشاركة المجتمعات لدعم الازدهار، بما يتماشى مع مبادرة الحزام والطريق الصينية و«رؤية السعودية 2030».