عزت أبو عوف... الطبيب الذي اتبع شغفه

تعددت مواهبه بين التلحين والغناء والتمثيل

الفنان المصري الراحل عزت أبو عوف (أ.ف.ب)
الفنان المصري الراحل عزت أبو عوف (أ.ف.ب)
TT

عزت أبو عوف... الطبيب الذي اتبع شغفه

الفنان المصري الراحل عزت أبو عوف (أ.ف.ب)
الفنان المصري الراحل عزت أبو عوف (أ.ف.ب)

بعد رحلة طويلة بين الموسيقى والتمثيل، غيب الموت في الساعات الأولى من اليوم (الاثنين) الفنان المصري عزت أبو عوف، عن عمر ناهز 70 عاماً، خاض خلالها فصولاً قاسية في حالته الصحية، بعد إصابته بمشكلات في القلب والكبد.
وشهدت مسيرة أبو عوف كثيراً من المحطات والمفارقات، بعد أن قرر اتباع شغفه بعيداً عن دراسته للطب. فهو حاصل على بكالوريوس الطب من جامعة الأزهر، في تخصص أمراض النساء، ومارس مهنة الطب لمدة 15 عاماً، ولكنه احتفظ بلقب «الدكتور» في الوسط الفني، حتى بعد ابتعاده عن ممارسة المهنة.
ويرجع المحللون موهبة أبو عوف إلى نشأته في بيت فني أصيل، فوالده الملحن المعروف أحمد شفيق أبو عوف، العميد السابق لمعهد الموسيقى العربية.
وفي ستينات القرن الماضي، التحق أبو عوف بمعهد «الكونسرفتوار»، وكان ينتمي لدفعة الموسيقار المصري الشهير عمر خيرت نفسها.
وبدأ مشواره الفني من خلال بعض الفرق الموسيقية التي انضم لها، مثل فرقة «لي بيتيشاه» التي أسسها الموسيقار وجدي فرنسيس سنة 1967، والتي تعتبر بداية انطلاقه في عالم الموسيقي والفن. وكان من أعضائها الموسيقار عمر خيرت، وعازف الجيتار الراحل عمر خورشيد، الذي جمعه معهم حبه للعزف على آلة «الأورغ».
وانضم بعد ذلك إلى فرق أخرى، إلى أن أسس مع شقيقاته الأربع: منى ومها ومنال ومرفت، فريقاً غنائياً، باسم «4 إم» وحقق نجاحاً كبيراً استمر نحو 12 عاماً.
وقدمت الفرقة ثمانية ألبومات خلال مسيرتها الفنية، وهي «جنون الديسكو»، و«الليلة الكبيرة»، و«مغنواتي»، و«لا عجبك كده ولا كده»، و«ليالي زمان»، و«خلي الستارة»، و«متغربين»، و«دبدوبة التخينة».
ولم يتوقف الإبداع عند هذا الحد في مسيرة أبو عوف، فانطلق إلى التلحين، ووضع الموسيقى التصويرية لكثير من الأعمال الدرامية والفنية، من بينها مسلسل «حكاية ميزو»، بطولة سمير غانم، وفردوس عبد الحميد، ومسرحية «الدخول بالملابس الرسمية»، بطولة أبو بكر عزت وسهير البابلي.
وفي عام 1992 كانت بدايته السينمائية عبر دور شرفي في فيلم «آيس كريم في جليم» للمخرج خيري بشارة، وبطولة عمرو دياب وسيمون.
قدّم أبو عوف على مدى مشواره أدواراً متنوعة في أكثر من 80 فيلماً، من بينها: «إسماعيلية رايح جاي»، و«أسرار البنات»، و«أرض الخوف»، و«اضحك الصورة تطلع حلوة»، و«الديكتاتور»، و«واحد من الناس»، و«عمر وسلمى»، و«حسن ومرقص».
كما شارك في عشرات المسلسلات التلفزيونية، من أبرزها: «العائلة»، و«هوانم جاردن سيتي»، و«أوراق مصرية»، و«أوبرا عايدة»، و«الدالي»، و«شيخ العرب همام»، و«اتهام»، و«باب الخلق»، و«زيزينيا».
وبقي للشاشة الصغيرة سحر في حياة أبو عوف؛ حيث أحب «الميكروفون» مرة أخرى، ولكن في التقديم الإعلامي؛ حيث شارك في تقديم كثير من البرامج التلفزيونية.
واستمر أبو عوف في الساحة الفنية، سواء بالتمثيل أو بالتقديم التلفزيوني، كما تولى رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لعدة سنوات، وتمت لأول مرة خلال فترة رئاسته للمهرجان استضافة الممثلة الفرنسية جولييت بينوش، والنجم الأميركي ريتشارد جير، وذلك في الدورة الـ34 للمهرجان.
وكان آخر ظهور فني له في شهر رمضان الماضي، عبر إعلان لإحدى شبكات الهاتف الجوال في مصر، بصحبة المطرب المصري عمرو دياب.
وحصد خلال مشواره الفني كثيراً من الجوائز على المستوى المحلي.
وعلى الجانب الاجتماعي، شهدت حياته زيجتين: الأولى من السيدة فاطيما أبو عوف، واستمر زواجهما 36 عاماً، وانتهى بوفاتها عام 2012، التي اعتبرها أبو عوف في أحد اللقاءات التلفزيونية، سبب تدهور حالته الصحية، حزناً على رحيلها.
ثم تزوج في عام 2015 من مديرة أعماله، أميرة، التي عملت معه لأكثر من 18 عاماً.
ولديه من الأبناء كمال، ومريم التي تعمل في مجال الإخراج.
وبعد رحيل زوجته الأولى أصيب أبو عوف بانهيار عصبي، ودخل المستشفى لشهور للعلاج، ثم أصيب بعد ذلك بعدة أزمات صحية، كان آخرها إجراء جراحة في القلب عام 2015، ثم تدهورت حالته الصحية إلى أن وافته المنية صباح اليوم.
ظهر أبو عوف في برامج تلفزيونية يتحدث عن مسيرته وحياته الفنية والاجتماعية؛ خصوصاً بعد أزماته الصحية الأخيرة ووفاة زوجته الأولى، وعبّر في أحد البرامج عن ندمه على خيانة زوجته، وكذلك ندمه على المشاركة في أحد الأعمال السينمائية، لضيق حالته المادية وقتها.
وفي الآونة الأخيرة تعرض أبو عوف إلى شائعات كثيرة حول حالته الصحية ووفاته، وكان هو وعائلته ينشرون دائماً عبر وسائل التواصل الاجتماعي والبرامج الإعلامية تكذيباً لها.
وكان آخر تلك الإشاعات عن وصية أبو عوف؛ حيث قالت بعض الصحف أنه أوصى بحرق أفلامه، بعد أن تم تكريمه ضمن فعاليات مهرجان «نجم العرب».
وعبر أبو عوف عن استيائه، ونشر مقطعاً مصوراً عبر حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، ينفي ما تم تداوله، موضحاً أنه يتمتع بصحة جيدة، وأن ما قاله خلال التكريم تم تحريفه، مضيفاً أن ما أراد قوله هو ضرورة أن يتم تكريم الفنان قبل مماته. وقال: «أحلى حاجة في الدنيا إن الفنان يتكرم وهو عايش».


مقالات ذات صلة

سليم الترك لـ «الشرق الأوسط» : هيفاء وهبي مُلهمتي الأولى

الوتر السادس تألقت هيفاء وهبي في مجموعة إطلالات مختلفة (حسابها على {إنستغرام})

سليم الترك لـ «الشرق الأوسط» : هيفاء وهبي مُلهمتي الأولى

عندما يتعلّق الأمر بعمل يجمع بين المخرج سليم الترك والفنانة هيفاء وهبي، يترقّب الجمهور النتيجة بحماسٍ لافتٍ. فمنذ أول فيديو كليب جمعهما في أغنية «أقول أهواك»

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق محمد بكري تلقى سابقاً جائزة في «مهرجان دبي السينمائي» 2017 (أ.ف.ب)

رحيل مؤسف لصوت فلسطين السينمائي محمد بكري

محمد بكري، ممثلاً ومخرجاً، أكد قضيته الفلسطينية في أفلام مثل «حيفا» و«جنين... جنين».

محمد رُضا (بالم سبرينغز (كاليفورنيا))
سينما كريس همسوورث وهالي بَري في «جريمة 101» (أمازون - م ج م)

2026 آتٍ بكثير من الأفلام المقتبسة عن روايات أدبية

من حسن الحظ أن المخرج مروان حامد وكاتب السيناريو المفضّل لديه أحمد مراد لم يعتمدا على كتاب واحد يقتبسان منه سيرة الراحلة أم كلثوم في فيلم «الست»،

محمد رُضا (لندن)
سينما «أصدقائي غير المرغوب فيهم» (أرغوت فيلمز)

5 أفلام تسجيلية سياسية تتنافس لدخول الأوسكار

هذا الفيلم هو الجزء الأول من اثنين حققتهما الروسية لوكتڤ. الثاني من المنتظر له أن يعرض في مهرجان برلين المقبل الذي كان استقبل هذا الجزء في مطلع هذا العام

يوميات الشرق الممثل الجزائري علي ناموس (مهرجان البحر الأحمر)

علي ناموس لـ«الشرق الأوسط»: فقداني للذاكرة أفادني في «رقية»

يرى علي ناموس أن فيلم «رقية» يجمع بين الرعب والذاكرة، حيث يجسد شخصية «أحمد» المنقسمة بين ماضٍ مظلم وحاضر ملتبس، ويعكس تجربة شخصية وتاريخية عميقة للجزائر.

أحمد عدلي (القاهرة )

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

عبر أكثر من 100 لوحة في فن الجرافيك والرسم بالأبيض والأسود، وكذلك الأعمال الملونة التي ترصد تفاصيل الحياة الشعبية بالشارع المصري، استضاف متحف محمود مختار بالجزيرة (وسط القاهرة)، معرضاً استعاديّاً للفنان الراحل وحيد البلقاسي، الملقب بـ«شيخ الحفارين»، تضمن رصداً لأعماله وجانباً كبيراً من مسيرته الفنية.

المعرض الذي انطلق 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي ويستمر حتى 28 من الشهر نفسه في قاعتي «نهضة مصر» و«إيزيس» رصد مراحل فنية متنوعة للفنان الراحل، وبرزت خلاله فكرة الأسطورة الشعبية من خلال رموز بعينها رسمها ضمن اللوحات، مثل: العين الحارسة، والأجواء الأسطورية، للحكايات التي تتضمنها القرية المصرية.

وبينما تضمنت إحدى القاعات الأعمال الملونة والغرافيك المميز الذي قدمه الفنان وحيد البلقاسي، والتي تعبر عن الأسرة المصرية بكل ما تمثله من دفء وحميمية، كذلك ما يبدو فيها من ملامح غرائبية مثل القصص والحكايات الأسطورية التي يتغذى عليها الخيال الشعبي.

البورتريه الملون من أعمال الفنان وحيد البلقاسي (الشرق الأوسط)

ولد وحيد البلقاسي في محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر) عام 1962، وتخرج في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، قسم الغرافيك عام 1986، واشتهر بأعماله في فن الغرافيك، وله عشرات المعارض الفردية والجماعية، كما أسس جماعة فنية باسم «بصمات»، وكان لها دور فاعل في الحياة الفنية عبر معارض وفعاليات متنوعة.

يقول عمار وحيد البلقاسي، منسق المعرض، نجل الفنان الراحل، إن المعرض يمثل تجربة مهمة لشيخ الحفارين وحيد البلقاسي، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «اختيار اسم المعرض للتأكيد على أن أعمال الفنان لا تموت وتظل خالدة للأبد، تحمل اسمه وتحيي أعماله الفنية»، وتابع: «قبل وفاة الفنان عام 2022 كان يتمنى أن يعرض هذه المجموعة المتنوعة من أعماله الفنية، بما فيها الحفر على الخشب في دار الأوبرا المصرية، واستطعنا أن نعرض من مجموعته 100 عمل فني تصوير، من بينها 30 عملاً فنياً بطول مترين وعرض 170 سنتمتراً، بالإضافة إلى مجموعة من الأعمال الصغيرة».

وأشار إلى أن الأعمال في مجملها ترصد القرية والحياة الريفية بمصر، وتتضمن موتيفات ورموزاً شعبية كثيرة تدل على الأصالة وعشقه للقرية والحياة الشعبية بكل ما تتضمنه من سحر وجمال.

ويصف الإعلامي المصري والفنان طارق عبد الفتاح معرض «لون لا يموت» بأنه «يعبر عن مسيرة الفنان وحيد البلقاسي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «أعدُّ الفنان الراحل فناناً عالمياً؛ لأنه جمع بين الإغراق في المحلية ومفردات التراث في لوحاته، واللوحات التي تنطق بالتعبيرية وتمثل الروح المصرية الأصيلة، واستخدم الأبيض والأسود في أغلب أعماله، لكن له مجموعة أعمال بالألوان مبهرة، ويظهر في أعماله مدى اهتمامه بالجمال والاحتفاء بالمرأة وبالمفردات الشعبية وتفاصيل القرية المصرية».

الفنان الراحل وحيد البلقاسي (الشرق الأوسط)

وتابع عبد الفتاح: «لوحات المعرض سواء الكبيرة، التي يصل ارتفاعها إلى مترين، أو الصغيرة، فيها طاقة تعبيرية تبهر المتلقي الذي ينجذب فوراً للتفاصيل الموجودة بها».

وإلى جانب أعماله الفنية المتميزة، فقد شارك وحيد البلقاسي في الحركة التشكيلية عبر أنشطة عدّة، وأُنتج فيلم تسجيلي عن مسيرته الفنية بعنوان «شيخ الحفارين»، من تأليف علي عفيفي، وإخراج علاء منصور، سجل رحلته الفنية وعلاقته بالقرية والمفردات التي استقى منها فنه.


«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
TT

«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

تحت عنوان «روح ومحبة» أطلق المتحف القومي للحضارة المصرية احتفالية بمناسبة رأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد المجيد، تضمّنت معرضاً أثرياً مؤقتاً يستمر لمدة شهرَين بالتعاون مع المتحف القبطي في القاهرة.

ورأى الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية، الدكتور الطيب عباس، أن تنظيم هذا المعرض يأتي في إطار الدور الثقافي والمجتمعي الذي يضطلع به المتحف، مشيراً في بيان للمتحف، الجمعة، إلى أن رسالة المتحف لا تقتصر على عرض القطع الأثرية فحسب، بل تمتد إلى إبراز القيم الإنسانية والروحية التي أسهمت في تشكيل الهوية الحضارية لمصر عبر العصور. وأكد أن المعرض يعكس رسالة مصر التاريخية بوصفها حاضنة للتنوع الديني والثقافي، ومركزاً للتسامح والتعايش.

وافتُتح المتحف القومي للحضارة المصرية عام 2021 بالتزامن مع احتفالية «موكب المومياوات»، حيث نُقلت «المومياوات الملكية» من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة بالفسطاط، ويضم المتحف 1600 قطعة أثرية تحكي تاريخ مصر عبر العصور.

ويضم المعرض الأثري المؤقت مجموعة متميزة ونادرة من روائع الفن القبطي تُعرض لأول مرة، تشمل أيقونات ومخطوطات قبطية ومشغولات فنية كانت تُستخدم في الأديرة والكنائس، من أبرزها أيقونة لميلاد السيدة العذراء، ومنظر حجري يُجسّدها وهي تُرضع السيد المسيح، بما يعكس ثراء هذا التراث وقيمته الفنية والرمزية، وفق تصريحات للدكتورة نشوى جابر، نائبة الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية.

وقالت، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعرض الأثري جاء بالتعاون مع المتحف القبطي، وهي المرة الثانية التي يتعاون فيها المتحف مع آخر، حيث تم التعاون من قبل مع المتحف الإسلامي خلال احتفالات المولد النبوي الشريف».

جانب من معرض أثري مؤقت بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

وأكدت أن «القطع المعروضة فريدة من نوعها فلم تُعرض من قبل، ومن بينها 15 قطعة من المتحف القبطي، و8 قطع من متحف الحضارة، تعود إلى القرون الميلادية الأولى»، وأهم القطع التي تضمنها المعرض وفق نائب الرئيس التنفيذي للمتحف «أيقونة ميلاد السيدة العذراء نفسها، فالشائع والمنتشر هي أيقونات ميلاد السيد المسيح عليه السلام، ولكن من النادر وجود لوحة أيقونية تصور ميلاد السيدة العذراء. كما توجد قطعة حجرية منقوش عليها رسم للسيدة العذراء والسيد المسيح، وتُعدّ امتداداً للفن المصري القديم الذي كان يجسّد في لوحات مشابهة لإيزيس وهي تُرضع الطفل حورس».

من جانبه، أكد رئيس قطاع المتاحف في وزارة الآثار المصرية، الدكتور أحمد حميدة، أن «المعرض يُجسّد نموذجاً للتعاون المثمر بين المؤسسات الثقافية»، مشيراً إلى أن «اختيار السيدة العذراء مريم محوراً للمعرض يحمل دلالات إنسانية وروحية عميقة».

بينما أشارت مديرة المتحف القبطي، جيهان عاطف، إلى أن المعرض يُبرز تكامل الجهود بين المؤسسات الثقافية، لإظهار ثراء الموروث الحضاري المصري وتعدد روافده عبر مختلف الحقب التاريخية.

وحسب بيان للمتحف القومي للحضارة، تضمّنت الفعاليات الاحتفالية الكثير من الأنشطة، من بينها معرض للتصوير الفوتوغرافي، تضمن 22 صورة فوتوغرافية لاحتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية في مصر، وهو ما عدّته نائبة رئيس المتحف «ضمن خطة للربط بين الاحتفالات والأعياد الكبرى من جهة عرض القطع الأثرية التي تعبّر عنها، وكذلك توثيق مظاهرها الحديثة والمعاصرة وحضور هذه الأعياد ومظاهرها في الشارع المصري المعاصر للربط بين التاريخ والحاضر».

وشهدت الاحتفالية فعاليات فنية، مثل عروض لفرقة كورال «أغابي» التي قدمت مجموعة من الأغاني القبطية احتفاء بقيم المحبة والسلام، إلى جانب عروض لكورال الأناشيد بالتعاون مع كنيسة القديس بولس الرسول بمدينة العبور.

وتضمنت الاحتفالية أيضاً أنشطة تفاعلية متنوعة لتنفيذ أعمال فنية ورسم حي لأيقونات المعرض، وممارسة ألعاب تفاعلية، وتوزيع هدايا الميلاد.


شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
TT

شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)

كشفت مغامرة تاريخية جريئة عن وجود شارع فيكتوري كامل مدفون تحت إحدى المدن البريطانية، يضم محالاً تجارية وطريقاً قديماً، بعد أن قرر المؤرخ ديفيد ستيفنسون النزول إلى الأعماق لتوثيق ما عثر عليه بعدسته ومصباحه اليدوي.

على مدى سنوات، أثار الشارع الواقع أسفل منطقة «لورانس هيل» في مدينة بريستول قصصاً وشائعات عدّة، من بينها رواية عن رجل يُقال إنه سقط في حفرة بعد خروجه من إحدى الحانات ليجد نفسه فجأة في شارع «متجمد في الزمن». كما تحدثت الروايات عن بقايا واجهات محال قديمة ومصابيح غاز تعود للقرن الـ19، دون أن تتأكد صحتها.

ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض (إنستغرام)

لكن ستيفنسون تمكن من وضع حد للتكهنات، وعاد بمجموعة مذهلة من الصور التي أعادت إحياء ماضٍ ظل طي النسيان لعقود. ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض، يضم أقبية سرية وغرفاً مخفية، بينها ملهى ليلي تحت حانة «ذا باكهورس»، ومخزن استخدمه متعهدو دفن الموتى، وإسطبل قديم تابع لشركة «كو - أوب»، وموقع استُخدم ملجأً خلال الغارات الجوية في الحرب العالمية الثانية، بحسب صحيفة «ذا ميرور».

كما اكتشف ستيفنسون نفقاً تحت أحد المصارف أُغلق بعد محاولة اقتحام، وتعود أجزاء من هذه الممرات لأكثر من قرنين، إلى فترة إدارة عائلة هيراباث لمصنع الجعة المرتبط بحانة «ذا باكهورس إن»، الذي امتد من شارع «لينكولن» حتى شارع «داك ستريت».

في عام 1832، مر خط سكة حديد تجره الخيول عبر لورانس هيل، ومع توسع السكك الحديدية البخارية لاحقاً، طُمرت الحانة والمحلات المجاورة تحت الأرض بعد تشييد أقواس جديدة لدعم الطريق. باع ويليام هيراباث معظم ممتلكاته لشركة سكة الحديد مقابل 3 آلاف جنيه إسترليني، وبحلول عام 1879، رُفع مستوى الطريق واستُبدل الجسر الخشبي، ما أدى إلى اختفاء الحانة القديمة والمحلات تحت الطريق الجديد، في حين بُنيت الحانة الحالية مباشرة فوقها مع الاحتفاظ بالسلالم المؤدية إلى الموقع الأصلي.

بعد أكثر من عقدين، تذكَّر ستيفنسون مغامرته حين رفع شبكة حديدية وأنزل سلماً داخل بئر ليصل إلى الشارع المدفون. واكتشف 4 أنفاق، كان أحدها فقط ممتداً عبر الشارع بالكامل، وأُغلقت الأخرى بالطوب لمنع السرقة.

في أحد المتاجر المدفونة، عثر ستيفنسون على إطار نافذة فيكتورية قديمة، وأنقاض بناء، وأغراض متفرقة مثل حوض للخيول وكرسي متحرك مهجور. ولم تُشاهد أعمدة الإنارة خلال رحلته، إذ أُزيلت في خمسينات القرن الماضي حسب أحد تجار الخردة.

إحياءُ ماضٍ ظل طي النسيان لعقود (إنستغرام)

اليوم، أُغلقت هذه الأنفاق نهائياً نظراً لخطورتها، لكن ستيفنسون سبق أن انضم إلى بعثة منظمة لاستكشاف الغرف الواقعة أسفل الحانة، برفقة فريق متسلقين ذوي خبرة. ويستعيد ذكرياته قائلاً: «كانت خيوط العنكبوت كثيفة، والمدفأة لا تزال مغطاة بالغبار، وعارض فولاذي ضخم محفور عليه حروف (GWR) لتدعيم المبنى».

ويضيف: «الطريق أعلاه بُني أساساً للخيول والعربات. ورغم حركة المرور الكثيفة اليوم، بما في ذلك مئات الحافلات والشاحنات الثقيلة، لا يزال الطريق صامداً، ولا يدري كثيرون ما الذي يرقد تحت أقدامهم».