جماعة «إخوان مصر» تُقر بفشلها الحزبي وتعترف بـ«أخطاء» في الثورة والحكم

غازلت المنشقين عنها... وقالت إنها ستعمل وفق «تيار وطني عام»

TT

جماعة «إخوان مصر» تُقر بفشلها الحزبي وتعترف بـ«أخطاء» في الثورة والحكم

في أول بيان يتناول مستقبلها بعد رحيل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، أقرت «جماعة الإخوان» (تصنفها السلطات إرهابية) بارتكاب ما وصفته بـ«أخطاء في مرحلة الثورة (25 يناير - كانون الثاني 2011)، ومرحلة الحكم»، كما غازلت قوى سياسية وحزبية في البلاد لاستمالتها إلى جانبها، في إطار ما سمته بـ«توحيد المعسكر الثوري، ونبذ الخلاف».
وغيّب الموت مرسي، في 17 يونيو (حزيران) الماضي، عن عمر يناهز 68 عاماً، وذلك أثناء مثوله لإعادة المحاكمة مع آخرين، في القضية المعروفة إعلامياً بـ«اقتحام السجون».
ورغم أن «الإخوان»، قالت، في بيانها الذي بثّته مواقعها الرسمية وحساباتها الإعلامية على مواقع التواصل، مساء أول من أمس، إن هناك «تواطؤاً دولياً مُريباً» بشأن قضية وفاة مرسي، فإنها عادت وأشارت إلى اعتزامها طرح ملف السجناء على «برلمانات العالم، والمحافل الدولية كافة، ومحاصرة السلطات في ملف حقوق الإنسان».
وكثيراً ما ردّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في مناسبات مختلفة، بشأن المصالحة مع جماعة «الإخوان» بأن «قرار القبول بها يرجع إلى الشعب المصري»، وأنه سيقرّ ما يتبناه مواطنوه، مع الإشارة كذلك إلى «الجرائم» التي ارتكبتها الجماعة.
وفيما بدا إقراراً بفشل تجربتها الحزبية، المتمثلة في «حزب الحرية والعدالة»، أوضحت أنها «تقفُ الآن على التفريق بين العمل السياسي العام، والمنافسة الحزبية الضيقة على السلطة»، وقالت: «نؤمن بأن مساحة العمل السياسي العام على القضايا الوطنية والحقوق العامة للشعب المصري، والقيم الوطنية العامة وقضايا الأمة الكلية، هي مساحة أرحب للجماعة من العمل الحزبي الضيق والمنافسة على السلطة». وأشارت «الإخوان» إلى أنها ستعمل «في مرحلة ما بعد إنهاء (الانقلاب العسكري) - بحسب تعبير بيانها - كتيار وطني عام ذي خلفية إسلامية، داعمين للأمة، ونمارس الحياة السياسية في إطارها العام، وندعم كل الفصائل الوطنية التي تتقاطع مع رؤيتنا في نهضة هذا الوطن في تجاربها الحزبية».
وزادت أنها ستسمح لـ«أعضاء (الإخوان)، والمتخصصين والعلماء من أبنائها بالانخراط في العمل السياسي، من خلال الانتشار مع الأحزاب والحركات التي تتقاطع معنا في رؤيتنا لنهضة هذه الأمة». وحُل «الحرية والعدالة» بحكم قضائي نهائي في عام 2014. وذلك بعد 3 سنوات فقط من تأسيسه، وفي أعقاب الإطاحة بحكم الجماعة ومرسي في يونيو 2013، بعد مظاهرات شعبية حاشدة. واعتبرت الجماعة أن وفاة مرسي فرضت «واقعاً جديداً على شكل وطبيعة الصراع»، ورأت أنه «يتوجب إعادة تأطير الأجندة الثورية في مصر على محوري الفكر والحركة». وفي محاولة لمغازلة المنشقين عن الجماعة، دعت «الإخوان» إلى توحيد ما وصفته بـ«المعسكر الثوري»، وخاطبتهم وآخرين بدعوة: «مختلف الآيديولوجيات والأفكار، وفي القلب منهم إخواننا في الطرف الآخر من (الإخوان) لتجاوز مرحلة الخلاف».
ومع إعلان «الإخوان» إجراء «مراجعات داخلية متعددة» عبر المكتب العام للجماعة، أفضت إلى الوقوف على «أخطاء»، فإن الجماعة عادت وجّهت أصابع الاتهام إلى «حلفاء ومنافسين من مكونات الثورة، وقد تسببت تلك الأخطاء والخلافات في تمكين الثورة المضادة من زمام الأمور»، بحسب بيان الجماعة.
وأعلن «المكتب العام لـ(الإخوان)» الذي أصدر البيان، عمله على «التواصل خلال الفترة المقبلة مع جميع المنتمين للمعسكر المناهض» للسلطة القائمة في مصر، وذلك دون تحديد أسماء شخصيات أو أحزاب بعينها. وتعيد دعوة «الإخوان» للتحالف مع القوى الأخرى، إلى الأذهان، ما يُعرف بـ«وثيقة فيرمونت» المتعلقة ببنود اتفاق أبرمه عدد من النشطاء والسياسيين مع مرسي، قبيل جولة الإعادة الصعبة في الانتخابات الرئاسية عام 2012، التي خاضها بمواجهة منافسه القوي آنذاك أحمد شفيق، وكان تنص على «شراكة وطنية» وتمثيل مناسب لغير أعضاء الجماعة في السلطة حال فوز مرشح «الإخوان»، غير أن بنودها لم يتم تنفيذها، وتنكرت لها الجماعة فيما بعد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».